إلى أخي الرابض خلف القضبان

إلى أخي الرابض خلف القضبان/ أسيل عبد الرحمن تلاحمة

لقد قاسيت وداع إخوتي سنوات، وقد تملكتني شيخوخة الفترة وانسكبت على روحي مرارة الرحيل، واشتقت إليهم سنوات وأخمدت الشوق بالصور، حتى التهبت الكلمات من لوعة القلب، وجازفت بالمعاني على أوراقٍ مزقتها وأحرقتها في حفرة اليأس وأشعلت من حرّها شموع الانتظار وانتظرت وانتظرت وما أبشع الانتظار الذي لا يحمل أي تأشيرة بانقضاءه، وأتى اليوم الذي كحلت عيوني بحسام وحضنته وبكيت على صدره وانتظرت عام آخر لأرى عزام.......
--------------------------------------------------
أخي

عندما أخذوك في تلك الليلة، من دون حقائب سفر، صرخ قلبي لعل الألم يجبر العيون النظر، غبت عني ولم أودعك وبدون سابق إنذار تحول الدفء والسكون إلى نار وجمر.
أخي تبكي الحروف حيارى متعطشة لمعاني اللقاء، تحاول صياغة نفسها لكنها لا تقوى على شوق أو حتى ذكريات، وكيف لها؟ وهي تقف عاجزة عن مواساة الجرح, وكلما تناسيت الرحيل استغفلني الحنين، ويبكي قلبي ويرميني على شواطئ أمل، أنك ستعود يوماً وتطرق الباب وأن ذلك لن يكون أمل كذاب، لربما صعب يا أخي ان تكون بخير وأنت خلف تلك القضبان تدفع ضريبة فرضها علينا ابن صهيون، لكنها سنة الحياة وزمنها من أجل الحرية والعيش في إطار الكرامة.
أخي ما غابت يوماً عن بالي سهراتنا تحت ظل النجوم، ونصائحك التي كنت تنسج لي بها شعاع القمر وتلونها بأجمل ألوان الحياة، لتصبح الأخطاء طريق للنجاح، ونصوغ من الأخطاء الأهداف...
أخي ما هزني اليأس يوماً ولن يكون، لقد رأيت أن الحياة يوم ضحك ويوم للجنون، أخي لا أنسى كل شيء تركته معي، فكل شيء يحاكيني ويشاركني كل اللحظات، أذكر همساتك التي كانت تواسيني، وإحساسك الذي كان يرد الحياة في جوفي، وعتابك الذي كان بالمحبة يجازيني.

ليتك يا أخي بجانبي لأتوجك بإكليل من الدهر فيه روح الشرفاء، فأنتم شرفاء الوطن، وأنتم من تخضع الساعة تحت إمرتكم ومعها مفاتيح الصبر، أعلم يا اخي أنه عندما القاك ليست نهاية القصة لكنها بداية جديدة... لتذكرني باللقاء والوداع، فإني أذكر كيف فاضت عيناي عندما رأيت خطواتك تنأى وتتمرد على رغباتي في البقاء، فعندما أحتاجك ولا أجدك أعود بعقارب الزمن إلى الوراء، لأرى أجمل الأيام التي ضمتنا بكل حنان وبراءة، جميل هو اللقاء، ما أملت الخواطر يوماً أن تخط بأقلامها وتكوّن سطورا عنه، لأنها عاجزة عن المثول أمام حقيقته، أخي لقد كنت السند في الحياة، والفراق كان القدر.

يا أيها الغالي لقد كنت الأب والأخ والصديق لقد كنت من أهرب منه إليه ومن أهرب من نفسي إليه، لا تعاتبني بما أفضت به نفسي لكن الشوق يتراشق علي كزخات المطر في موسم خيرها، فأتمنى أن أراك وأكحل عيناي بالنظر إليك وأن أرتشف من حسن كلامك ومعاني عيونك أجمل عبر الحياة مشافهة، وسنبقى نحن.... يا أخي الغالي.