العراق.. صراع الصدر والمالكي يعمق أزمة تشكيل الحكومة وتلويح بحل البرلمان
بغداد – إرم نيوز:أصبح سيناريو حل البرلمان العراقي خيارا متداولاً بشكل واسع في أوساط الكتل السياسية، بسبب الانسداد الحاصل، وتعمق الخلافات بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.
ورغم الانفراجة التي حصلت في العملية السياسية، بعد الاتصال الهاتفي الذي تم مؤخراً بين الصدر والمالكي، وتمخض عن ترشيح جعفر الصدر لرئاسة الحكومة، إلا أن العلاقات انتكست بين الطرفين مرة أخرى، بسبب شروط ”الإطار التنسيقي“.
ويسعى الإطار التنسيقي (المظلة السياسية لفصائل الحشد الشعبي)، إلى إبرام تحالف كبير ”الكتلة الأكبر“ مع الصدر، لضمان مشاركته في الحكومة المقبلة، والتأثير على قرار اختيار رئيس الوزراء، فعلى الرغم من توافق الطرفين مبدئياً بشأن جعفر الصدر، إلا أن قوى الإطار لديها عدد من المرشحين الآخرين، وتسعى إلى إجراء مفاضلة في ما بينهم.
أما الصدر فقد أبرم اتفاقاً مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، وتحالف ”السيادة“ السني، بزعامة خميس الخنجر، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ويرفض حتى الآن، الائتلاف مع قوى ”الإطار التنسيقي“ في كتلة نيابية واحدة.
هذا الخلاف قد يبدو إجرائياً، ويمكن تلافيه، لجهة أن تأليف الكتلة الأكبر لا يتطلب غير موافقة شفوية، يليها الانخراط في تفاهمات عميقة حول مرشح رئاسة الحكومة، ويمكن للصدر في هذا الجانب الاحتفاظ بتحالفه الثلاثي مع السيادة والديمقراطي الكردستاني.
غير أن الأمور بين الطرفين اتجهت نحو ”كسر العظم“ وليّ الأذرع والتباري السياسي، وهو ما دعا الصدر إلى مخاطبة النواب المستقلين، وإغرائهم مقابل الحضور إلى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، المقرر عقدها السبت المقبل، والتصويت لمرشح التحالف الثلاثي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبر أحمد.
رسالة إلى المستقلين
وقال الصدر، في رسالة وجّهها إلى النواب المستقلين (نحو 35 نائباً): إن ”كنتم لا تثقون بي أو (الكتلة الصدرية)، فإننا سنعطي لكم مساحة لإدارة البلد، إن وحدتم صفوفكم وابتعدتم عن المغريات والتهديدات“.
ويكشف هذا النداء، الذي وجّهه الصدر إلى النواب المستقلين، عمق الأزمة بين طرفي الصراع الشيعي، التيار الصدري، وقوى الإطار التنسيقي.
النواب المستقلون بدورهم، تفاعلوا سريعاً مع تلك الدعوة، حيث عقدوا اجتماعاً عاجلاً لبحث موقفهم من مسألة انتخاب رئيس الجمهورية، وطبيعة التعاطي مع دعوة الصدر، حيث تباينت الآراء حيال ذلك، ففي الوقت الذي أكد فيه بعضهم ضرورة الحضور، وإكمال نصاب الجلسة، رأى آخرون ضرورة عدم الانخراط في الصراع السياسي بين التيار والإطار.
وينص الدستور العراقي على أن رئيس الجمهورية يُنتخب بحضور ثلثي أعضاء مجلس النواب، البالغ عددهم 329، غير أن مجموع مقاعد التحالف الثلاثي الرسمية في البرلمان يبلغ 155 نائبا، يضاف لهم 10-15 نائبا آخر قريبون منهم، ومحسوبون على الكتل المنفردة الصغيرة أو المستقلين.
بدوره، يرى المحلل السياسي، نجم عبيد، أن ”القضية تتعلق بمن سيكون الكتلة النيابية الأكبر، ومن سيكون صاحب استحقاق تشكيل الحكومة، ما يعني أن التفاهمات والتوافقات غير موجودة بسبب الخلاف المستحكم بين الطرفين“.
ويرى عبيد في تصريح لـ“إرم نيوز“، أن ”هناك تأثيرات خارجية على كل الأطراف في العملية السياسية، وهذه التأثيرات تزيد حجم الصراع بين القوى والأحزاب“، مشيراً إلى أن ”تلك القوى قد تخفق في عقد الجلسة المقبلة للتصويت على منصب رئيس الجمهورية، وفي هذه الحالة يعد ذلك خرقا آخر للدستور، بعد الخرق الأول، حيث لم يتم انتخاب الرئيس في الموعد المحدد“، وفق تعبيره.
ومن المقرر أن يعقد البرلمان العراقي، السبت المقبل، جلسة حاسمة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، من بين 40 مرشحاً، أبرزهم الرئيس الحالي برهم صالح، ومرشح حزب بارزاني، ريبر أحمد، حيث ستمهد هذه الجلسة والتوافقات الخاصة بها، الطريق نحو اختيار رئيس الوزراء المقبل.
لكن الأوساط السياسية العراقية لا تُخفي تشاؤمها حيال إمكانية توصل الفرقاء إلى توافق قبيل انعقاد الجلسة، وسط نذر مقاطعة لهذه الجلسة في سياق عملية لي الذراع بين الأطراف المختلفة.
ويشير مراقبون إلى أن الصدر لجأ إلى المستقلين ومدحهم في بيانه من أجل توفير أكثر ما يمكن من ضمانات حصول ابن عمه على الأصوات الكافية التي تمكنه من تولّي منصب رئيس الوزراء.
وقال عائد الهلالي، القيادي في الإطار التنسيقي: إن ”ترشيح جعفر الصدر لن يتم قبل الاتفاق على إعلان الكتلة الأكبر بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري، وبعد هذا الأمر يتم الاتفاق على اسم مرشح رئاسة الوزراء“.
وأضاف الهلالي في تصريحات صحفية، أن ”جعفر الصدر ضمن الأسماء المطروحة بقوة لتولي رئاسة الوزراء خلال المرحلة المقبلة، لكنه ليس الاسم الوحيد، فهناك مرشحون آخرون ينافسون على هذا المنصب، وحسم هذا الأمر يجب أن يكون من خلال الكتلة الأكبر، ولهذا لا حسم لاختيار أي اسم دون حسم تسمية الكتلة الأكبر بشكل رسمي“.