الفرقاء الشيعة في العراق يتبادلون الاتهامات حول ضياع حقوق "المكون الأكبر".. مع دنو لحظة الحقيقة
يزداد التوتر في الساحة السياسية العراقية مع اقتراب موعد انتخاب رئيس للجمهورية وسط مخاوف من أن يؤدي هذا التوتر إلى منزلقات أمنية، خصوصا في المناطق ذات الأغلبية الشيعية.
العرب/بغداد – تفصل العراقيين ساعات قليلة عن لحظة الحقيقة في علاقة بجلسة انتخاب رئيس للجمهورية، والتي لا يعرف حتى اللحظة ما إذا كانت ستبلغ النصاب القانوني لعقدها أم ستتأجل مرة أخرى.
وتلقي هذه الجلسة المصيرية بضغط كبير على القوى السياسية ولاسيما الفرقاء الشيعة الذين ظهر عليهم التشنج خلال الساعات الماضية من خلال تصريحات قادتهم التي لم تخل من تبادل اتهامات بضياع حقوق “المكون الأكبر”، في إشارة إلى الطائفة الشيعية.
وتقول أوساط سياسية عراقية إن مثل هذه التصريحات سواء من هذا الطرف أو ذاك تعكس العقلية الطائفية التي تسكن الساحة السياسية في العراق، محذرة من أن التوتر المتصاعد قد ينعكس على الشارع الشيعي.
وكان التيار الصدري والإطار التنسيقي، الذي يشكل المظلة السياسية للقوى الشيعية الموالية لإيران، فشلا في التوصل إلى صيغة توافقية بشأن العملية السياسية، ليذهب التيار إلى استقطاب المستقلين من توجهات مختلفة وبعض الكتل الصغيرة لدعم مشروع تحالفه الثلاثي الذي يضم ائتلاف السيادة السني والحزب الديمقراطي الكردستاني.
ويقوم هذا المشروع على إيصال مرشح الحزب الديمقراطي ريبر أحمد لرئاسة الجمهورية، رغم أن العراقيين لا يعرفون شيئا عن هذه الشخصية باستثناء أنها تنتمي لعشيرة البارزاني، وأنها اليد اليمنى لرئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، وإيصال جعفر الصدر إلى رئاسة الحكومة، رغم أن الرجل لا يملك أي إرث سياسي يسوقه باستثناء أنه من آل الصدر.
وقوبلت مساعي التيار الصدري لفرض أمر واقع بتحرك من الإطار التنسيقي في محاولة لعرقلة انعقاد جلسة رئاسة الجمهورية وإجهاض المشروع العتيد، متهما التيار الصدري بإضاعة حقوق الشيعة، وأنهم لن يصمتوا على ما حصل حيث أنهم يملكون “الثلث المعطل”.
والثلث المعطل هو بدعة ظهرت بداية في لبنان وفرضها حينها حزب الله الموالي لإيران، لتكبيل الحكومة متى ما استشعر وجود نية لتمرير قرار لا يصب في صالحه، وحينما يريد الضغط على بعض القوى المشاركة في الحكومة.
وهاجم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الجمعة “الثلث المعطل” وقال موجها خطابه إلى الإطار في تغريدة على تويتر “إن كان ثلثكم المعطل شيعيا خالصا فطالبونا بأن يكون التحالف الأكبر شيعيا خالصا”.
وأضاف الصدر في تغريدته “وهيهات لكم وإلا فليبق (ثلثكم المعطل وطنيا) وتحالفنا وطنيا”.
ويقصد الصدر بأن حديث الإطار عن امتلاكه الثلث المعطل من خلال قواه الشيعية والحلفاء من باقي الأطياف الدينية والسياسية، يتناقض وما يصدح به قادته عن وقوف الصدر في وجه تأمين تحالف شيعي أغلبي يضمن السيطرة على مفاصل السلطة المقبلة.
ويقول مراقبون إن الطرفين سواء كان التيار الصدري أو الإطار التنسيقي يدعيان أنهما الممثلان للطائفة الشيعية، لكن ممارستهما تعكس في واقع الحال أنهما أكبر المتاجرين بهذا الملف، فالتيار على سبيل المثال رفض التحالف مع الإطار وتشكيل تحالف أغلبي معه، لنوازع شخصية في علاقة بعدائه لزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، فضلا عن كونه يريد أن يكون القائد والمتزعم لمصالح الطائفة السياسية.
في المقابل فإن الإطار يتخذ حاليا من شعار الثلث المعطل لحماية حقوق الشيعة ذريعة للحفاظ على نفوذه في الساحة العراقية، والامتيازات التي تشمل ذلك، ويشير المراقبون إلى أن أحد أبرز الأمثلة الحية التي تعبر عن متاجرة كلا الجانبين بملف الطائفة، هو الوضع الذي تعيشه الغالبية الشيعية في العراق، والتي كانت عود الثقاب الذي أشعل انتفاضة تشرين في العام 2019.
ويلفت المراقبون إلى أن هناك اليوم تخوفا حقيقيا في الأوساط الشعبية الشيعية من أن يخلف الخطاب التصعيدي لكلا الجانبين جرحا إضافيا في جسد الطائفة، حيث أن الإطار لن يسمح بخروجه من معادلة السلطة كما أن التيار الصدري لن يقبل بأن يقاسمه الإطار ما جناه انتخابيا.
ومنذ تفجر الأزمة السياسية إثر إعلان نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في العاشر من أكتوبر، شهد العراق هزات أمنية أخطرها محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وأيضا الاغتيالات المتبادلة بين ميليشيا “سرايا السلام” التابعة للتيار الصدري وميليشيا “عصائب أهل الحق” التابعة لتحالف الفتح المنضوي ضمن الإطار التنسيقي.