العراق: لا تراجع عن عادات رمضان رغم الغلاء
العربي الجديد:مع انطلاق شهر رمضان المبارك الذي اعتاد فيه العراقيون أن يتبضعوا بكثرة بخلاف باقي أشهر السنة، امتلأت الأسواق والمتاجر بالبضائع والمستلزمات المنزلية والزينة الخاصة بهذا الشهر، رغم ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية في البلاد.
وشهدت أسواق العراق ومتاجره إقبال غالبية المتبضعين على السلع الخاصة بالشهر المبارك، مع ملاحظة تراجع عددهم كثيرا عن العام الماضي، بحسب ما يقول صاحب متجر لبيع الأغذية في العاصمة العراقية بغداد يدعى أحمد الزهيري لـ"العربي الجديد". ويعزو الزهيري هذا التراجع إلى "ارتفاع أسعار السلع خاصة تلك الغذائية، والذي يؤثر كثيراً على العائلات الفقيرة، وتلك ذات الدخل المحدود والمتوسط، في وقت ينعدم دعم الحكومة التي تكتفي بإطلاق وعود أو بتوزيع حصص تموينية أحياناً، وربما كل ثلاثة أشهر. وما يزيد الأمر تعقيداً الخوف من اندلاع حرب اقتصادية أو نفاد البضائع من الأسواق نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا التي رفعت أسعار بعض السلع الغذائية داخل العراق".
ويشير الزهيري إلى أنّ "أسعار مواد غذائية كثيرة خصوصاً الأرز والدقيق والزيت والسمن النباتي والحليب ارتفعت بين دولار ودولارين، وأنّ بعض المتبضعين حصروا عمليات شرائهم بالمواد الرئيسية مثل العصائر والحلويات والزيت والأرز والعدس، فيما اعتبروا باقي المواد من الكماليات. وقد انخفضت نسبة المتبضعين هذا العام بنسبة 40 في المائة عن السنوات السابقة، لكنّ أشخاصاً كُثراً لا يزالون يحرصون على شراء مستلزمات شهر رمضان بسبب أهمية ذلك في عاداتهم وتقاليدهم".
أسعار "مرهقة"
من جهتها، تقول ميسون عبد الله (52 عاماً) لـ"العربي الجديد": "اشتريت الاحتياجات الأساسية مثل الزيت والعدس، لأنّ الكميات التي تتضمنها حصص التموين الموزعة لا تكفي. ونحن نغدق على أسرنا في شهر رمضان مأكولات تقليدية كثيرة مثل الدولمة والبرياني والمعجنات والحلويات والتحضيرات الخاصة بالشهر ذاته، لأنّ هذا الأمر جزء من طقوس اعتدنا القيام بها للترحيب بهذا الشهر، ولأنه جزء من التقاليد التي ورثناها". وتضيف ميسون التي تسكن في العاصمة بغداد: "ننفذ، رغم ارتفاع الأسعار، التحضيرات المعهودة التي تسبق الشهر الفضيل بدءاً بتنظيف المنزل وتغيير الأغطية واستبدالها بأخرى جديدة وتحضير بعض المأكولات التي يمكن تخزينها في الثلاجات أو أخرى يمكن تجميدها كي يتسنى لنا التفرغ للعبادة خلال أيام الشهر. وبين المأكولات الكبة بمختلف أنواعها وأشكالها، وكباب البيت المعروف محلياً (كباب عروك)، وتبسي الباذنجان وبعض الصلصات التي تخزن، والمخللات التي لا تخلو منها موائد رمضان".
أما هدى جبار (43 عاماً)، الموظفة والأم لثلاثة أبناء، فتقول لـ"العربي الجديد": "قدمت مع زوجي إلى سوق الشورجة لشراء ما نحتاجه من المواد الغذائية التي يستهلكها الصائم خلال شهر رمضان خاصة من الطعام والشراب. ورغم أنّ قدرتي على الشراء جيدة كوني ميسورة الحال، لكنني أجد أن أسعار الأغذية ترهق العائلات الفقيرة هذه السنة، لذا يجب ألا يرفع التجار الأسعار لمراعاة عادات وتقاليد العراقيين في شهر رمضان". تتابع هدى التي تسكن في حي البلديات بالعاصمة بغداد: "ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية التي تعتمدها العائلات العراقية لطبخ المأكولات التي يحتاجها الصائم منعت تبضع عدد كبير من العراقيين لدرجة أن الأسواق تكاد أن تخلو من المتبضعين. لكن لا بدّ من تهيئة أجواء رمضان وشراء بعض الحلوى وتوزيعها على الجيران والأسر الفقيرة لإدخال فرحة قدوم الشهر الفضيل إليها، ما يزيد روابط التآلف والمحبة والتي تندرج ضمن عادات وتقاليد العراقيين في هذا الشهر".
الحكومة وتطبيق الوعود
من جهته، يقول النائب محمد قتيبة لـ"العربي الجديد": "ارتفعت أسعار المواد الغذائية نحو 30 في المائة عن العام الماضي لأسباب عدة أهمها ضعف الرقابة الحكومية على الأسواق، وجشع بعض التجار، واستغلال شهر رمضان بالإضافة الى الحرب في أوكرانيا، وارتفاع سعر الدولار مقابل الدينار العراقي الذي أثرّ في شكل كبير على حركة تبضع المواطنين خصوصاً تلك التي تشمل المواد الأساسية وتحديدا قبل شهر رمضان، حيث نلاحظ انخفاض القدرة الشرائية في الأسواق مقارنةً بالأعوام السابقة". يتابع قتيبة: "وعدت الحكومة بتطبيق حزمة إجراءات لخفض الأسعار والسيطرة عليها، وتشمل تفعيل الرقابة الحكومية على الأسواق والتجار، وتوزيع منح مالية للعائلات ذات الدخل المحدود وتلك معدومة الدخل، والاهتمام بالبطاقة التموينية. ونحن ننتظر تطبيق هذه الوعود على أرض الواقع".