العراق.. الانسداد السياسي ينذر بتفجر احتجاجات شعبية
بغداد - إرم نيوز:ينذر تأخر تشكيل الحكومة العراقية، وانعكاس ذلك على الوضع الاقتصادي، بانطلاق احتجاجات شعبية أخرى، كما حصل عام 2019، وسط دعوات لإنهاء القطيعة السياسية، والبدء بتشكيل الحكومة الجديدة.
ومنذ الانتخابات النيابية التي أجراها العراق، في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تشهد الساحة السياسية خلافات حادة حول تشكيل الحكومة، فبعد نحو ستة أشهر لم تتمكن القوى السياسية من انتخاب رئيس للجمهورية، والإمضاء في الإجراءات الأخرى.
وتظاهر مئات العراقيين في العاصمة بغداد، الجمعة؛ احتجاجا على تأخر تشكيل الحكومة.
ولفتت تلك التظاهرة الأنظار، باعتبارها جاءت من طرف ثالث، غير المعسكرين السياسيين، فضلاً عن قوة هذا الطرف، وما يمثله في حال تفجرت احتجاجات واسعة.
وشهدت ساحة التحرير، وسط العاصمة، مسيرة احتجاجية، شارك فيها شبان وناشطون، حملوا شعارات تندد بالوضع السياسي، وتطالب بالإسراع في تشكيل الحكومة.
كما رفع المحتجون صوراً لناشطين قضوا في التظاهرات التي شهدتها البلاد خلال السنوات السابقة.
احتجاجات أوسع وأشمل
بدوره، رأى السياسي اليساري، جاسم الحلفي، أن ”المؤشرات الحالية تنبئ بانطلاق موجة جديدة من الاحتجاجات، نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها العراق، وربما ستكون ثورة تشرين التي شهدها العراق عام 2019، تمريناً عمّا سيحصل، من احتجاجات شعبية ستكون أكثر عمقاً، وأوسع وأشمل“.
وقال الحلفي في تصريح لـ“إرم نيوز“، إن ”المفاعيل التي حرّكت ثورة تشرين، لا زالت باقية، دون معالجة أي من الملفات الضاغطة، بل زادت المعاناة أكثر، بفعل الممارسات السياسية الخاطئة، مثل رفع سعر صرف الدولار أمام الدينار، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، بسبب السلوك السياسي غير الحميد، والخلافات الحاصلة بشأن تأليف الحكومة، وبقاء البلاد لغاية الآن دون إقرار موازنة مالية“.
وبدا خطاب مناهض للوضع السياسي الحالي، يتصدر المنابر الإعلامية، وتعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وحديث متكرر عن بقاء البلاد دون حكومة بغطاء قانوني، لتسيير أوضاع البلاد، وعقد الاتفاقات المهمة، والإمضاء في الاستحقاقات المقبلة، وإقرار موازنة العام 2022، إذ لم يتمكن البرلمان من إقرارها، بسبب عدم وجود حكومة جديدة.
وما زال زعيم التيار الصدري، الذي تحالف مع الحزب الديمقراطي الكردستاني (31 مقعداً)، وتحالف ”السيادة“ السني (أكثر من 70 مقعداً)، يُصر على تشكيل حكومة أغلبية سياسية، يشارك فيها أعضاء تحالفه فقط ”إنقاذ الوطن“.
وترفض قوى الإطار التنسيقي هذا المسار، وتطالب بتشكيل حكومة توافقية يشارك فيها الجميع.
وبدا أن الكتل السياسية تعيش حالة استرخاء واضحة، دون وجود حراك حقيقي لتلاشي الخلافات بين الطرفين، وهو ما يثير بشكل متكرر حنق الشارع، خاصة وأن تلك الخلافات لا تتعلق بالبرامج الخدمية، أو أسباب حقيقية وواقعية، أو فنية، وإنما يتركز الخلاف بين معسكرين يرغب أحدهما بتشكيل الحكومة، فيما يريد الآخر مشاركته فيها.
ودعا النائب في البرلمان، عبدالهادي العباسي، الكتل السياسية الكبيرة إلى الإسراع في إنجاز اتفاق ضامن، وترك ما أسماه ”العناد السياسي“ والتجاذبات، والإسراع بتشكيل الحكومة.
وقال العباسي لصحيفة ”الصباح“ الرسمية، إن ”المواطن ينتظر تشكيل الحكومة، والدفع باتجاه توفير الخدمات، والارتقاء بالاقتصاد العراقي، ودعم أسلوب عيش كريم“، مشيراً إلى أن ”التحالفات ما زالت قيد الحوارات السياسية، بين الكتل، وما زال الانتظار قائماً بشأن حصول انفراج سياسي، وتقدم في المباحثات بين الإطار التنسيقي، والتحالف الثلاثي“.
بانتظار شرارة
من جهته، قال الخبير في الشأن العراقي، عقيل عباس، إن ”الاحتجاجات في هذا السياق، شيء منطقي ومعقول، وفي حال استمرت الأوضاع على النحو الحالي، وبقاء حكومة تصريف الأعمال، غير القادرة على إمضاء الأمور الأساسية، مثل الموازنة المالية، والتعيينات، فإن الوضع قد ينتظر شرارة معينة، وتبدأ احتجاجات جديدة، قد تكون امتداداً لتشرين أو احتجاجات من نوع آخر“.
وأضاف عباس في حديث لـ“إرم نيوز“ أن ”التعطيل السياسي سينعكس اجتماعياً واقتصادياً، وبمرور الوقت ربما نشهد زيادة في الحنق الشعبي على الوضع القائم، حينها سنكون إزاء سيناريو آخر، وبالتأكيد سيضع القوى السياسية التي عوّقت المسار أمام تحدٍ جديد، وضغط كبير، للاستجابة لمطالب وإمرار الحكومة، وتجاوز تلك الأزمة“.
وطرح زعيم تيار ”الحكمة“ مؤخراً، عمار الحكيم، مبادرة سياسية جديدة من تسع نقاط للخروج من الأزمة، ودعا إلى ”جلوس جميع الأطراف على طاولة الحوار، ومناقشة الحلول والمعالجات من دون شروط أو قيود مسبقة“.
وأكد الحكيم في بيان، له أن ”مفهوم التوافقية السلبية يضر بالعملية السياسية، ولن ينتج حكومة خدمية مقتدرة في القرار والمتابعة“.
لكن تلك المبادرة، لم تلقَ ردود فعل واضحة، من قبل المجتمع السياسي، وخاصة الكتل الكبيرة، وما زالت غير فاعلة.
وتتجه الأنظار إلى ما بعد عطلة عيد الفطر، حيث تنتهي المهلة التي حددها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لقادة الإطار التنسيقي، لتشكيل الحكومة، فضلاً عن إمكانية استئناف المفاوضات بين الجانبين بشأن الحكومة الجديدة.