ليس تاج محل فقط.. ٤ معالم إسلامية أخرى في الهند تسعى الجماعات الهندوسية لهدمها
مئذنة مسجد قطب مينار في دلهي الذي يرجع تاريخ بنائه إلى القرن 13 (الأناضول)
في عام 2019، قضت المحكمة الدستورية في الهند بأحقية الهندوس في أرض مسجد بابري، وقررت الحكومة إقامة معبد هندوسي ضخم على تلك الأرض، بعدما كانت حشود هندوسية هدمت المسجد في تسعينيات القرن الماضي من دون اعتبار لتاريخه العريق الذي يرجع إلى عام 1527، بزعم أنه أقيم في المكان الذي وُلد فيه الإله الهندوسي "رام".
ويبدو أن قرار المحكمة الدستورية الهندية شجع التيار اليميني الهندوسي للسعي من أجل هدم المزيد من المعالم الإسلامية الأثرية، في ظل حكومة ناريندرا مودي القومية الهندوسية، التي يتهمها منتقدون باضطهاد المسلمين وإذكاء الكراهية ضدهم.
وفي الرابع من مايو/أيار الجاري، أقام مسؤول في حزب الشعب الهندي الحاكم (بهاراتيا جاناتا) دعوى لدى المحكمة العليا بولاية أوتار براديش لإعلان أحقية الهندوس في ضريح "تاج محل"؛ المعلم الإسلامي الشهير الذي يميز التاريخ الهندي، ويعد أحد أشهر المعالم الأثرية في العالم.
وقالت وكالة رويترز إن الجماعات الهندوسية المتشددة المرتبطة بحزب بهاراتيا جاناتا كثفت مطالبها بالتنقيب داخل بعض المساجد، والسماح بالتفتيش في ضريح تاج محل، وذلك بعد مزاعم العثور على آثار للإله الهندوسي "شيفا" في موقع أحد أبرز المساجد في شمال الهند.
ويقدر عدد المسلمين في الهند بنحو 200 مليون نسمة، وينظر قادتهم إلى هذه التحركات بوصفها محاولات لتقويض حقوقهم في حرية العبادة والتعبير الديني بموافقة ضمنية من الحزب الحاكم.
وشهد مايو/أيار الجاري تكثيفا لتحركات اليمين الهندوسي ضد المعالم الإسلامية، فقد تلقت المحاكم الهندية حتى الآن 4 دعاوى لهدم مساجد تاريخية، إلى جانب ضريح تاج محل.
مسجد شاهي إدجاه
أصدرت محكمة مدينة ماثورا بولاية أوتار براديش (شمالي الهند) قرارا الخميس الماضي بقبول النظر في دعوى تطالب بهدم مسجد شاهي إدجاه التاريخي في المدينة، الذي بُني في نهاية القرن 17، بعد أن كانت المحكمة نفسها رفضت النظر في القضية قبل نحو عامين.
ويزعم المحرضون على هدم المسجد أنه بني على أنقاض معبد هندوسي قديم.
وأثار قرار المحكمة الهندية حالة من الغضب، عبر عنها رموز المجتمع الإسلامي في الهند، إذ انتقد السياسي والبرلماني الهندي أسد الدين عويسي القرار، مشيرا إلى توصل الهندوس والمسلمين في المدينة إلى اتفاق مسبق على اقتسام أرض المسجد، وسجل رسميا في القضاء الهندي عام 1968.
ونشر عويسي صورة من الاتفاق على تويتر، وقال "بخلاف هذا الاتفاق، فإن حكم المحكمة يخالف قانون حرية الأديان الصادر عام 1991".
وتابع مستنكرا "لكن القانون لم يعد مهما؛ سلْب كرامة المسلمين هو الهدف الوحيد الآن".
وبني مسجد شاهي إدجاه في القرن 17 بأمر من السلطان المغولي محيي الدين محمد، الذي اشتهر باسم أورنغ زيب.
ويقول المطالبون بهدم المسجد إنه بني على أنقاض معبد "كريشنا"، وإن هذا المكان هو البقعة التي ولد فيها هذا الإله الهندوسي.
مسجد جيانفابي
مسجد آخر في دائرة الخطر، وبني أيضا في عهد السلطان أورنغ زيب، إلا أن المحكمة الدستورية العليا في الهند أيدت قرار محكمة في ولاية أوتار براديش برفض دعوى تطالب بهدم مسجد جيانفابي في مدينة الله آباد.
وتقول مزاعم هندوسية إن المسلمين أثناء بنائهم مسجد جيانفابي هدموا أجزاء من معبد هندوسي بالقرب منه. وأقيمت دعوى قضائية عام 1991 في محكمة مدينة الله آباد بولاية أوتار براديش للمطالبة بهدم المسجد.
وفي 2019 قررت المحكمة تحريك الدعوى، غير أن القاضي الذي أسندت إليه القضية وجّه اللوم إلى رئاسة المحكمة لأنه لم يجد أدلة كافية، وقرر رفض الدعوى في سبتمبر/أيلول 2021.
ولكن الجماعات الهندوسية المتشددة لم تهدأ، وأخذت القضية إلى المحكمة الدستورية العليا في العاصمة نيودلهي، وحكمت الخميس الماضي برفض الدعوى وتأييد قرار محكمة مدينة الله آباد.
مسجد قطب مينار
رغم رفض محكمة ولاية دلهي المدنية دعوى هدم مسجد قطب مينار في فبراير/شباط الماضي، فقد تقدمت جماعة هندوسية تسمى "مهكال ماناف سيفا" بطلب جديد إلى المحكمة في مطلع مايو/أيار الجاري، وتم إسناد القضية إلى قاض آخر، وحددت لها جلسة استماع في نهاية الشهر الجاري.
ويعد مسجد قطب منار مجمعا أثريا كبيرا في دلهي، وأمر ببنائه السلطان قطب الدين أيبك، الذي كان يحكم مملكة دلهي في القرن 13.
وتقول المزاعم الهندوسية إن المسجد بني بعد هدم معابد هندوسية وجينية (نسبة للديانة الجَيْنية)، وإن صور الآلهة الهندوسية ما زالت موجودة على جدران أحد المباني في المجمع.
وكانت محكمة دلهي المدنية قالت في حيثيات رفضها الدعوى نهاية فبراير/شباط الماضي "نحن لا ننكر أخطاء الماضي، ولكن ما حدث في الماضي لا ينبغي أن يعكر السلم الذي نعيشه في الحاضر".
مسجد كمال مولى
في عام 2003، توصل المسلمون والهندوس إلى اتفاق على اقتسام مساحة مسجد كمال مولى للسماح بإقامة معبد باسم الإله الهندوسي "فاجديفي"، إذ يدعى الهندوس أن معبدا كان موجودا هناك قبل بناء المسجد.
وتحول المكان إلى "مجمع بوشهالا" يضم المسجد والمعبد الهندوسي، ويؤدي المسلمون فيه صلاة الجمعة، ويقيم الهندوس يوم الخميس صلاتهم الأسبوعية المعروفة باسم "بوجا"، ويفتح المجمع في بقية أيام الأسبوع أمام العامة من كل الطوائف لزيارته بوصفه موقعا أثريا.
ولكن الجماعات الهندوسية المتشددة أبدت في الآونة الأخيرة رفضها لهذا الاتفاق الذي أبرم قبل نحو 20 عاما، وتقدمت مؤسسة "الجبهة الهندوسية للعدالة" بطلب إلى محكمة ولاية ماديا براديش -حيث يقع المجمع- من أجل هدم المسجد وتخصيص مساحة المجمع بأكملها لصالح المعبد الهندوسي.
وقبلت المحكمة نظر الدعوى، وقررت عقد جلسة استماع في يونيو/حزيران المقبل.
المصدر : الجزيرة + وكالة سند