حينما اصبحنا في بطن الدود
البروفسور الدكتور عبدالرزاق محمد الدليمي
حينما اصبحنا في بطن الدود
علق صديقي البروفسور د.كمال رشاد بكلمات بالغت الاثر على انتقادات الدكتورة نهى الدرويش للاوضاع المزرية كتب ((في العراق المحتل على صفحتها في الفيسبوك اذا واحد في بطنه دود يصير عنده فقر دم لان الدود يتغذى عليه.نحن العراقيون الان ليس في بطننا دود و لكن نحن في بطن الدود.اللهم اهلك هذه الديدان في كل حين و زمان )). سئل الفيلسوف جان جاك كروسو عن مفهوم الوطن فأجاب( الوطن هو المكان الذي لايبلغ فيه المواطن من الثراء،مايجعله قادرا على شراء مواطن آخر،ولا يبلغ فيه مواطن من الفقر مايجعله يبيع نفسه او كرامته،...الوطن هو رغيف الخبز والسقف والشعور بالانتماء،الدفئ والاحساس بالكرامة،ليس الوطن ارضا فقط ، ولكنه الارض والحق معا...فأن كانت الارض معهم ،فليكن الحق معك،الوطن يكون المرء بخير....) اين المواطن العراقي من ابسط حقوقه؟
بلغ السيل الزبى(*)
(بلغ السيل الزبى) هو من الأمثال العربية القديمة التي تقال في الأوقات التي تصل فيها الأمور إلى حد لا يمكن السكوت عليه، فينفذ حينها الصبر؛ لأنّه قد كان من غير المتصور أو المتوقع أن تصل الأمور إلى ذلك الحد، فإذا حدث ووصلت إلى ذلك الحد، ففي هذه الحالة تكون قد فاقت التوقّعات والحسابات، فلا يحتمل الصّبر حينها، ولا يمكن السكوت عليها.
ورغم قساوة دلالات هذا المثل .... يبدو ان العراق منذ احتلاله تجاوز معناه الدلالي بما أفرزه من تداعيات خطيرة بحيث تردت الاوضاع ليحترق الاخضر واليابس في المشهد العراقي. ويستمر هذا المسلسل طوال اكثر من 19سنة حتى دخلت مسألة تخلف العراق الجديد الديمقراطي في موسوعة غينس للارقام القياسية وفق اسوء المقاييس العالمية تخلفا في انعدام الاستقرار وعدم توفر أي فرص للنجاح .. فالعملية السياسية الفاسدة في العراق باتت أسوء من المياه الآسنة بما تحتوية من الآفات والجراثيم التي تجاوزت بآثارها القاتلة كل الفايروسات المصنعة للقضاء على البشرية ،لقد وجد العراقيون انفسهم يعيشون في بيئة قذرة لم يألفوها وتحت رحمة نظام تتنازعه الافكار الغريبة والرؤى المتناقضة مصلحيا بين نماذج سياسية اقل ما يقال عنها اننا لم نشهد اسوء منها على مر تاريخنا الطويل فهذه النماذج السيئة الموبوءة بكل علل الحقد والطائفية والمناطقية والعرقية اقحمت اولوياتها (السرقة والطائفية والعمالة للاجنبي ووو..الخ) في صميم المشهد العراقي وضمن مخطط خارجي امريكي بريطاني فارسي متصهين يجب اتمامه وتنفيذه في سقف زمني محدد ليحدث نتائجه في ابعاد العراق عن مكانته الحضارية والتاريخية كأول شعب علم الدنيا كل العلوم والاداب والثقافة ولكي يصيبوه بكل الضرر والاجحاف والايذاء .
ان مايحدث من مآسي يوميا في العراق الديمقراطي يمثل صفحة عار سوداء في سجل مايسمى بحقوق الانسان ويكشف زيف وكذب ادعاءات العالم الحر الذين ما زالوا يتشدقون على العالم ويضحكون فيها على الجهلة والمنتفعين بديمقراطيتهم المزيفة ويزعمون بين حين واخر انهم يريدون ايجاد حلول للقضايا والمشاكل التي حلت بالعراق بعدما وقع الفاس فى الرأس!! وبلغ السيل الزبى وجاوز الظالمون المدى!! الان
نعم لقد بلغ السيل الزبى في العراق، وضاقت بأهله الأرض بما رحبت، والقسمة ستظل ضيزى بلعبة جر الحبل الدموية التي يلعبها طفيلي السياسة بدون تحكيم وبدون وازع من ابسط حدود الانضباط، فلا الحبل مقطوع ولا الرهاب موضوع.
المواطن في العراق المحتل اللا ديمقراطي تعود ان يستيقظ على أصوات التفجيرات وصخب السيارات المفخخة وعلى أنباء الجرائم المنظمة التي تحصد وماتزال مئات الالاف من الأرواح البريئة وتستهدف الناس العزل الآمنين في ديارهم وفي وطنهم بدم بارد وكأننا بتنا مثل الخراف التي يتم نحرها قربانا وارضاءا لامريكا وبريطاني والفرس والصهاينة،كنا شعب ليالينا مضيئة والان ايامنا ظلام شتان بين ذاك وهذا الزمان!!! والحمد لله على ان ليس في العراق شبكة قطارات متطورة فوق الأرض و"مترو" تحت الأرض،(رغم انهم سرقوا مليارات الدولارات المخصصة لانشائها قبل 15 عاما) وإلا فالأمر سيكون اكثر بشاعة واكثر قسوة، أو يكون حجم الضحايا اكبر .
ان قضية العراق وما حل به من كوارث منذ احتلاله في نيسان 2003يحتاج الى جهود جبارة تقودها عقول عراقية شريفة ووطنية منظمة ومخططة ونظيفة لانقاذ ما تبقى من العراق من بين الانقاض والانهيار والدمار وايقاف نزيف دماء أبناءه الذين يستهدفون من عملاء الاحتلال وذيول الفرس، واموال العراقيين التي تنهب من الفاسدين بشكل منظم ومخطط ، ولأجل اشاعة وتحري الأمن الوطني والشخصي والإنساني، ولم تعد امام العراقيين الا ان يطبقوا مبدأ آخر الدواء "الكي"، لأن جميع الحلول باءت وتبوء بالفشل لأنها لاتتحرى المصلحة العامة الحقيقية، ولا تتبنى تغليب مصلحة الشعب على المصالح الخاصة، بل تغليب المصالح الشخصية والحزبية الضيقة لفئة مستفيدة من الناس، وان جميع الوعود التي أطلقت اخذت طابع النصب والاحتيال إثناء فترات تمهيد المبشرين والتي لاتغني من خوف ولاتشبع من جوع. ومايزال اللصوص والعملاء والخونة يتصارعون على الغنائم ويرفضون ان يبعدوا عن مكاسب السلطة رغم ان ديمقراطيتهم الزائفة التي صدعوا رؤوسنا بها وانتخاباتهم الفاشلة التي مضى على اجرائها اكثر من ثمانية شهور عجاف والتي لم يشارك بمسرحيتها الشعب العراقي هي التي اقرت ابعادهم عن السلطة،الا انهم مستمرين بالاحتراب وسط عدم الاهتمام الجدي من قبل الادارة الامريكية والحكومة البريطانية.
العراقيون ينتفضون
قبل ايام قليلة خرج اهل المشخاب منتفضين معترضين مثلما فعل ملايين من العراقيين الشرفاء في كل انحائه،على مايحل بهم من كوارث ورفعوا شعارات واهازيج وطنية،وبدل ان تعالج الحكومة العرجاء القضايا التي صدحت بها اصوات العراقيين،اصدروا اوامر بالقبض عليهم،بحجة انهم يمجدون النظام الوطني الذي كان يقود بلدهم قبل الاحتلال،واجمل مافي الموضوع ان اهالي المشخاب الشرفاء وقفوا وقفة رجل واحد ضد عملية الاعتقال،مع تعاطف واضح من قبل الجهه التي كلفت باعتقالهم، وهذا يدلل ان كل عراقي غيور وطني شريف لم ولن يرضى القبول بما حل ببلده واهله من مآسي على يد الاحتلال وعملائه.
الفرصة التاريخية
كتبنا في عدد من مقالاتنا السابقة بوجود فرصة تاريخية الان لتصويب الاوضاع او بعضها فمزاج الثورة لدى العراقيين على أشده والشارع العراقي متحمس ودافعيته للتغير الجذري يعانق السماء، ليس حبا بالتغيير فقط بل لان المواطن البسيط اصبح على قناعة تامة بان الاوضاع التي يعيشها لاتقبل ولا تتحمل الا التغيير الثوري الكامل في العراق ،ولم تعد هناك فرصة للتخلص من الذل والهوان والعبودية الا بالثورة ولعل ما يؤيد ما نذهب اليه هذا الحنين الى الماضي القريب واعلان المواطنين من شمال العراق الى جنوبه ومن مشرقه الى مغيبة ليس رفضهم للاحتلال بكل مصادره ومسمياته وعملائهم حسب بل والمطالبة بعودة الشرعية الوطنية وتسليم البلاد والعباد الى العراقيين الاقحاح ،ازدادت ظاهرة الرفض للعملية السياسية وللنظام الذي جاء به الاحتلال وانقاذ العراق ووضعه في مكانه الطبيعي المؤثر القائد في المنطقة والعالم بما كان يمثله من قيم وانجازات وهوية وكرامة واحترام وامن وامان وهذه ليست رغبات عاطفية شعبية بل انها خلاصات واستنتاجات اصبح تقض مضاجع العملاء من الطبقة السياسية الحاكمة في العراق حيث بدأت قياداتهم بالحديث جهارا وبشكل لايقبل الشك في وسائل الاتصال وبشكل مباشر انهم فشلوا في ادارة العراق وتسببوا في كل ماحصل ولايزال من خراب ودمار وان مشروع فجر نظام وطني قاب قوسين او ادنى سيكون هو الحل الافضل بكل المقاييس والدلالات ...وكل هذا يجب ان يدفع القوى الوطنية الى واجهه قيادة الثورة الشعبية بعمل مخطط ومنظم كي لاتذهب هذه الجهود والتضحيات الشعبية خلال عشرين عاما ادراج الرياح ولن تذهب جهود ونضال الانتفاضات السابقة ، نعم الشعب العراقي وجد حتما من سيأخذ بيده ويقوده الى استرجاع بلدهم وكرامتهم وشرفهم ويحرر العراق من المغتصبين شذاذ الافاق ولصوص الليل والنهار وان يوم التحرير والتحرر قريب بان الله وحساب العملاء والخونة واللصوص سيكون على يد الشعب الذي لن يرحمهم. ونحن لن نقبل ان نكون في بطن الدود.اللهم اهلك هذه الديدان في كل حين و زمان .
كتب احد العراقيين الشرفاء :الان اكتشفنا اسباب موت البشر بخطأ طبي ،الان اكتشفنا اسباب انهيار البنايات ،الان اكتشفنا من يبلط ثم يحفر ثم يبلط ،الان اكتشفنا من يعمل الارصفه ثم يقلعها ثم يرصفها ويقلعها من جديد ،الان اكتشفنا من جفف نهر الفرات ومن لم يعرف قيمة السدود ومعنى الزراعه والصناعه وماهو التصدير المتنوع وليس الأحادي ،الان عرفنا من يشتري الدولار في مزاد العمله الان عرفنا من يهتم لمصلحة الجيران ويترك أهل بيته،الان عرفنا من يشتري المولدات والتكتك والبضائع الفاسدة ،أنه من يسرب الاسئله الامتحانية منذ عشرين عاما؟؟؟!!!
(*)الزبى هي جمع زُبْيَة. وهي حُفْرة تُحْفَر للأسد إذا أرادوا صَيْده، وأصلُها الرابية لا يَعْلُوها الماء، فإذا بلغها السيلُ كان جارفًا مُجْحفًا. يضرب لما جاوز الحد