التأثيرات الكارثيه لظاهرة تغير المناخ وشحة الماء الصافي
الدكتور هيثم الشيباني
خبير في البيئه
التأثيرات الكارثيه لظاهرة تغير المناخ وشحة الماء الصافي
1.المدخل.
كنا قد نشرنا بتأريخ 02 تشرين1/أكتوير 2020 مقالا بعنوان
هناك قضيتان كبيرتان مترابطتان , سوف يهتز بهما العالم بدرجات متفاوته , وتنتكس فيهما الدول التي لا تتعض من دروس التأريخ القريب وحتى البعيد. الأولى معركة تغير المناخ , والثانيه شحة المياه العذبه.
2.سوف أناقش الورقة التاليه تحت العناوين التاليه:
المقدمه.
دراسة التغير المناخي .
شحة الماء الصافي.
الخيارات الممكنه لتحلية مياه البحر.
الطرق التقليديه المعرووفه.
كيفية تحلية مياه البحر.
تحلية المياه بالطاقه الشمسيه.
النموذج الخليجي.
تكنولوجيا متقدمه لتحلية مياه البحر في الخليج.
مشاكل مخلفات مياه البحر.
الاستنتاجات والتوصيات.
3.المقدمه .
في هذا المقال جاء الربط بين تغير المناخ وشحة الماء الصافي بديهيا , لأن من أبرز تأثيرات تغير المناخ الكارثية على البشر هو الجفاف , والجفاف يظهر جليا في هلاك كل كائن حي فلا يستمر في الحياة دون ماء .
ان القلق الكبيرالذي أحدثه تغير المناخ , جعل العالم يسرع الى تنظيم لقاءات قمم مكثفه ومؤتمرات مستعجله لدراسة هذه الظاهرة , فعقد مؤتمرا بدعوة من باربس لدراسة ظاهرة تغير المناخ , بقوة وحماس كبيرين , وكتبنا أكثر من مقال حول الموضوع.
المقال الأول مؤتمر باريس ومعركة المناخ , د.هيثم الشيباني
18 شباط/فبراير 2018
المقال الثاني معركة تغيير المناخ , د.هيثم الشيباني
2019-03-11
4.دراسة التغير المناخي:
ركزت معظم حكومات العالم في القرن الحادي والعشرين, على موضوع تغير المناخ أهمية عليا في عموم الساحة الدولية, وأصبح يحتل مكانا بارزا في جدول أعمال المؤتمرات والقمم الدولية, وكان آخرها قمة الدول السبع التي عقدت في مدينة باريس الفرنسية. مجموعة الدول الصناعية السبع ( هي ملتقى سياسي حكومي دولي يضم كندا , وفرنسا , وألمانيا , وإيطاليا , واليابان, والمملكة المتحدة, والولايات المتحدة. ويعتبر أعضاء المجموعة أكبر الاقتصادات المتقدمة في العالم وفقا لصندوق النقد الدولي . تأسست المجموعة رسميًا منذ العام 2018, وتستأثر دول المجموعة السبع بنسبة تقارب 60% من صافي الثروة العالمية (317 تريليون دولار), و770 مليون نسمة تقريبا أو 10% من سكان العالم. معظم أعضاء المجموعة هم قوى عالمية على مسرح الشؤون العالمية, ويرتبطون بعلاقات وثيقة متبادلة على الصعد الاقتصادية, والعسكرية والدبلوماسية.وفرضت قضية التغيرات المناخية نفسها على جدول أعمال القمة كقضية رئيسية , خاصة في أعقاب حرائق الغابات التي دمرت أجزاء كبيرة من منطقة الأمازون , والتي دفعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لاتهام نظيره البرازيلي جايير بولسونارو بأنه كذب , بشأن تعهداته حول المناخ .
في هذا السياق , سلط الرئيس ماكرون الضوء, في حديث تلفزيوني قبل انطلاق فعاليات قمة الدول السبع, على الانقسام بين أوروبا والولايات المتحدة بشأن المناخ والتنوع البيولوجي . مؤكدا أنه يجب تلبية الحاجه الملحه لاحتراق غابات الأمازون , من أجل التعاون على تخفيض الانبعثات الحرارية وثاني أكسيد الكربون.
وفقا للتقارير والأبحاث , فإن الدول الصناعية هي المسببة الأولى للتغير المناخي من خلال انبعاثات استخدام الوقود الأحفوري , كمصدر رئيسي للطاقة الأكبر مثل النفط والغاز والفحم , بينما تقتصر مساهمة مصادر الطاقة البديلة من الوقود العضوي والطاقة الشمسية والرياح على نسبة ضئيلة .
وخلال العقود الماضية, أحدثت التغيرات المناخية في خسارة الأرض لنحو ثلث الأراضي الصالحة للزراعة, وصار أكثر من 1.3 مليار شخص يعيش على الأراضي الزراعية المتدهورة, مما زاد في مشكلة الجوع والفقر والتشرد, خاصة في ظل عجز المؤسسات والحكومات على امتصاص صدمات تغير المناخ .
لقد أدى التغير المناخي إلى زيادة التفاوت بين دول العالم خلال العقود الماضيه , حيث عرقل تنمية الدول الفقيره , بينما ساهم في زيادة الرفاهية في بعض الدول الثريه.
لقد تزايدت أعداد الأشخاص المتضررين من نحو 100 مليون في 2015 إلى 204 ملايين في 2016. وتضاعفت الخسائر العالمية من 50 مليار دولار سنوياً في الثمانينات إلى 200 مليار دولار خلال العقد الأخير, حتى بلغت خسائر العالم عام 2017 حوالي 340 مليار دولار نتيجة الكوارث الطبيعية المدمرة.
لقد حذرت منظمة الصحة العالمية أن من المتوقع بين عامي 2030 و2050, أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع أعداد الوفيات لتصل إلى 250 ألف حالة إضافية سنويا, بما في ذلك 38 ألف من كبار السن , بسبب تعرضهم لحرارة الشمس, إضافة إلى 48 ألف سيتوفون بسبب الأمراض والملاريا, بينما قد تبلغ حالات الوفيات من الأطفال ما بين 60 إلى 95 ألف نتيجة سوء التغذية, كما أعلنت الأمم المتحدة أن كلفة الأضرار المباشرة على الصحة ستكون بين 2 الى 4 مليارات دولار سنويا بحلول عام 2030.
وتسبب التغيرات التدريجية للمناخ تهديدا ملحوظا , مثل ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدل هطول الأمطار, وأثّرت حالات الجفاف وحدها على أكثر من مليار شخص خلال العقد الماضي. وتظهر بيانات 2017 الصادرة عن البنك الدولي أن الجفاف منذ 2001 تسبب في خسارة العالم كميات من المنتجات الغذائيه تكفي لإطعام 81 مليون شخص يومياً كل سنة, أي ما يعادل سكان بلد بحجم ألمانيا.
وحسب الدراسات, فإن نحو ملياري شخص من الأكثر فقراً حول العالم يواجهون تهديداً استثنائياً بفقدان سبل العيش وخسارة المواطن لأسباب مختلفة, يأتي في مقدمتها تغير المناخ.
لقد استضافت الأمم المتحدة قمة العمل المناخي, على ضوء الأهمية المتزايدة لهذه القضيه , لتتناول أسباب هذه الظاهرة والعمل على وضع حلول طموحة لها مثل الطاقة المتجددة, وخفض الانبعاثات, والبنى التحتية المستدامة, والزراعة المستدامة , وإدارة الغابات , والمحيطات على نحو مستدام, وتحمل آثار الظواهر المناخية, والاستثمار في الاقتصاد الأخضر.
وفي بعض الحالات. ستتطلب مواجهة الآثار المناخية تغييراً جذرياً في آلية إنتاج الغذاء وكيفية إدارة الأرض من أجل حماية مكاسب التنمية وتقليل خطر تصاعد الصراعات إضافة الى تعزيز التعاون بين دول الجنوب الأكثر فقرا , التي تعد الأكثر احتياجا للتأقلم مع التغيرات المناخية.
ومع الإقرار بأهمية الطرق المبتكرة للتعامل مع آثار تغير المناخ على الفقراء, إلا أنها لا تكفي وحدها ما لم تكن الدول الغنية جادة في خفض الانبعاثات الناتجه من أنشطتها الصناعيه , والحد من الأضرار الناتجة عنها.
وليس من المستبعد أن تنقلب موازين التغيرات المناخيه , بحيث تتحول المناطق الصحراويه الى مناطق منجمده , وشاهد العالم بعضا من مقدمات هذا التحول, مثل العواصف الثلجيه في الصحراء العربيه , والسيول في معظم جزيرة العرب وبلاد الشام , منها العراق , اضافة الى ما يصيب مياه دجلة والفرات من كوارث الفيضان والجفاف واستقبال المياه الملوثه التي تصرفها على مياهنا ايران بين الحين والآخر , وقد تجاوزت كل من تركيا وايران على دجله والفرات ببناء سدود تمنع المياه عن جريانها الطبيعي , وأدى هذا الوضع الى حالات من الارتباك والتداخل بين التصحر والفيضانات , يواجهها العراق لوحده في ظل ظروف صعبة اقتصاديا وبيئيا.
لقد نشرنا عن هذه الكوارث مقالات منها.
كارثة الجفاف في العراق.
د.هيثم الشيباني. 25 نيسان/أبريل 2018,
كوارث السيول والفيضانات في العراق.
, د.هيثم الشيباني. آب/أغسطس 2019
5. شحة الماء :
تؤثر شحة المياه على قارات العالم كافة, وقد أدرج المنتدى الاقتصادي العالمي هذا الملف في عام 2015 باعتباره أكبر خطر عالمي من حيث تأثيره المحتمل خلال العقد القادم.
وهو عدم القدرة على توفير المياه كليا أو جزئيا , ومن الأسباب هي المنافسة الاقتصادية على كمية المياه وجودتها, والنزاعات ونضوب المياه الجوفية. ويعاني ثلث سكان العالم (2 مليار نسمة) من شحة شديدة في المياه خلال شهر واحد على الأقل في العام , بينما يعاني نصف مليار شخص في العالم من شحة حادة في المياه على مدار العام ,كما تعاني نصف أكبر مدن العالم من شحة المياه.
على الرغم من أن 0.014٪ فقط من اجمالي المياه الموجودة على سطح الأرض صالحة للشرب ويمكن الوصول إليها بسهولة (من المياه المتبقية, 97% منها مالحة, وأقل بقليل من 3% يصعب الوصول إليها), فمن الناحية الفنية ,هناك كمية كافية من المياه العذبة عالميا, كي تدبر بها البشرية احتياجاتها. لكن عدم التكافؤ في التوزيع (الذي تفاقم بسبب التغييرات المناخية) في بعض المناطق الجغرافية الرطبة والجافة للغاية , بالإضافة إلى الارتفاع الحاد في الطلب العالمي على المياه العذبة بفعل الصناعة, جعل البشرية تواجه أزمة مائية .
وترجع شحة المياه عالميًا إلى زيادة عدد سكان العالم , وتحسين مستويات المعيشه , والتوسع في الزراعة المروية من الأسباب الرئيسية لزيادة الطلب العالمي على المياه. فتغير المناخ, مثل تغير أنماط الطقس (بما في ذلك الجفاف والفيضانات), وإزالة الغابات, وارتفاع معدلات التلوث, والغازات الدفيئة, والإسراف في استخدام المياه كل ذلك قد يتسبب في عدم كفاية المعروض. عالميا وسنويا تتوفر كمية كافية من المياه العذبة لتلبية هذا الطلب, ولكن الاختلافات المكانية والزمنية في الطلب على المياه وتوفرها تعد كبيرة, مما يؤدي إلى ندرة المياه (الفعلية) في مناطق عدة في العالم خلال أوقات محددة من السنة. ويلعب التدخل البشري دورا كبيرا في الدورة المائية.
ويذكر أن أستراليا استطاعت فصل استخدام المياه عن النمو الاقتصادي, بحيث انخفض استهلاك المياه بنسبة 40% بين عامي 2001 و2009 في حين حقق الاقتصاد نموًا بأكثر من 30%. وتقول الجهه الفنيه المختصه بالموارد التابعه للأمم المتحدة , إن بعض الحكومات تقوم بحلول غير فعالة مثل السدود والقنوات والمجاري المائية وخطوط الأنابيب وخزانات المياه, وهي عامة غير مستدامة بيئيًا أو اقتصاديًا. فأكثر الطرق نجاحا من حيث كلفة فصل استخدام المياه عن النمو الاقتصادي , هي أن تضع الحكومات خططًا شاملة لإدارة المياه تأخذ في الاعتبار الدورة المائية بأكملها: بدءًا من المصدر إلى التوزيع, والاستخدام الاقتصادي للمياه ,ومعالجتها، وإعادة تدويرها، وإعادة استخدامها ورجوعها إلى البيئة.
في دراسة واسعة أجريت عام 2007 حول استخدام المياه في الزراعة على مدى الخمسين عامًا المنصرمة. و قد أجريت تحت إشراف المعهد الدولي لإدارة المياه في سريلانكا , لغرض معرفة ما إذا كان العالم يحظى بموارد مياه تكفي لإنتاج الغذاء لأجيال المستقبل أم لا. وجدت الدراسة أن أكثر من 1.2 مليار شخص حول العالم يعيشون في مناطق تعاني من شحة المياه .
الندرة الاقتصادية عبارة عن أحد أشكال شحة المياه بسبب نقص الاستثمارات في مجال المياه أو عدم كفاية قدرة البشر على الوفاء بالطلب على المياه, في حين أن السكان لا تكون لديهم الوسائل المالية اللازمة للاستفادة من مصدر مناسب من مصادر المياه.
إن أكثر ما يتسبب بشحة المياه نتيجةً للاستهلاك هو الاستخدام المفرط للمياه في الزراعة/تربية الماشية والصناعة. يستخدم السكان في البلدان المتقدمة يوميًا تقريبًا أكثر من 10 أضعاف كمية المياه التي يستهلكها الذين يقطنون في البلدان النامية. جزء كبير من هذا الاستهلاك سببه في عمليات الإنتاج الزراعي والصناعي للمياه للسلع الاستهلاكية، مثل الفاكهة ومحاصيل البذور الزيتية والقطن.
هناك عدة مظاهر رئيسية لأزمة المياه:
الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
• عدم كفاية الوصول إلى المياه الصالحة للشرب لنحو 885 مليون شخص.
• عدم كفاية الوصول إلى الصرف الصحي لنحو 2.5 مليار شخص, مما يؤدي غالبًا إلى تلوث المياه.
• السحب الزائد للمياه الجوفية , مما يؤدي إلى تراجع المحاصيل الزراعية.
• إفراط استخدام وتلويث موارد المياه والإضرار بالتنوع الأحيائي.
• نشوب حروب بسبب النزاعات الإقليمية حول الموارد المائية .
تعتمد الحياة النباتية والحياة البرية اعتمادًا أساسيًا على موارد المياه العذبة الكافية. وتعتمد الأهوار والمناطق النهرية على إمدادات المياه المستدامة, ولكن الغابات وغيرها من النُظم البيئية المرتفعة معرضة الى مدى توفر المياه. في حالة الأراضي الرطبة ,اقتُطعت مساحة كبيرة من استخدام الحياة البرية لإطعام أعداد السكان المتزايدة وإيوائها. في سبع ولايات في الولايات المتحدة، أُشغل أكثر من 80 بالمئة من جميع الأراضي الرطبة في ثمانينيات القرن العشرين بقرار من الكونغرس .
حدثت في أوروبا خسارة كبيرة في الأراضي الرطبة مما أدى إلى فقدان التنوع الأحيائي.
في ما يلي عدد السكان في بعض البلدان الذين يتأثرون بالمياه الملوثه.
السودان (12.3 مليون) ,فنزويلا (5.0 مليون) ,إثيوبيا (2.7 مليون) ,تونس (2.1 مليون) ,كوبا (1.3 مليون).
ينخفض منسوب المياه الجوفية في عشرات البلدان (بما في ذلك شمال الصين, والولايات المتحدة, والهند , والباكستان والهند) بسبب شيوع الإفراط في الضخ باستخدام الديزل ومضخات كهربائية قوية . سيؤدي هذا في النهاية إلى شحة المياه و قلة في محصول الحبوب. فتعاني الصين مثلا نقصا حادًا في الحبوب , مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الحبوب.
قد تتعرض الهند, والصين, وباكستان, وبنغلاديش, ونيبال, وميانمار. لفيضانات تليها موجات قحط في العقود المقبلة. وسيتأثر أيضًا الساحل الغربي لأمريكا الشمالية, الذي يحصل على الكثير من مياهه من الجليدات في سلاسل الجبال مثل جبال روكي وسييرا نيفادا.
أن الاتجاه العام في الوقت الحاضر هو تحلية مياه البحر المالحه,
فان مصطلح تحلية المياه يعني عملية تحويل المياه غير الصالحة إلى مياه صالحة للشرب, وسقي الزرع, والعمليات الصناعيه, والمجالات الأخرى المختلفة, فتتم ازالة الأملاح الذائبة في مياه البحر, أو المياه الجوفية التي تكون مليئة بالمعادن, ومياه الصرف الصحي, أو المياه قليلة الملوحة الموجودة في البحار الداخلية .
وتشمل موارد المياه السطحية الأمطار, وهي المصدر الرئيسي لتجديد أحواض المياه الجوفية, إلا أن 85% من هذه الأحواض يوجد في مناطق قاحلة ومياهها مالحة للغاية, مما يعوق استخدامها في أغراض الزراعة.
ان 97.5٪ من كمية الماء على سطح الأرض, هي المياه المالحة و 2.5٪ هي المياه العذبة . لكن فقط 0.3 % من المياه العذبه يكون على شكل سائل على السطح. فيمكن أن نتصور الحجم القليل جدا من المياه العذبه التي يمكن أن يحصل عليها الانسان بالطرق التقليديه (وهي الطرق التي لا تستفيد من المياه المالحه) , في حين أن الحجم الأعظم من المياه المالحه يترك الى البحر على الغالب.
لمعرفة توزيع المياه على الأرض , يوجد الماء على الكرة الأرضية في أشكال كثيرة تبعا للمكان , فتشكل مياه المحيطات والبحار حوالي 71% من مساحة سطح الأرض . وان معدل ملوحة هذه المياه 35% أي 35 غم/لتر . تلعب المحيطات دورا هاما لكونها نظاما بيئيا بحريا يحتوي على الكثير من الكائنات الحية, ولها دور في ضبط مناخ الأرض, وفي كمية المياه المتبخرة من سطحها.
أما الجليد فنعني به المياه المتجمدة في القطبين وعلى قمم الجبال العالية . توجد معظم هذه الكتل الجليدية في القارة المتجمدة الجنوبية حيث تشكل حوالي 85% من جميع المياه المتجمدة .
أماالمياه الجوفية فهي المياه المخزونة في باطن الأرض في مسامات الصخور أو الشقوق بينها . تحتوي المياه الجوفية على ثاني أكبر كمية من المياه العذبة بعد الكتل الجليدية . ان جزءا من هذه المياه الجوفيه يدعى المياه الأحفورية وهي المياه التي لا نستطيع استغلالها ولا يتم تجديدها .
بشكل طبيعي ممكن أن تترك المياه الجوفية مكانها بعدة طرق , فعندما تصل المياه إلى السطح الخارجي يتكون الينبوع وتخرج المياه بواسطته . طريقة أخرى هي انتقال المياه الجوفية إلى البحر . بما أن المياه الجوفية العذبة أخف من مياه البحر المالحة, تطفو المياه العذبة على سطح المياه المالحة .
6. الخيارات الممكنه لتحلية مياه البحر:
أولا. الطرق التقليديه المعروفه:
نجحت الطرق التقليديه المعروفه في استخلاص الماء الحلو من الكميه الموجوده على سطح الأرض وفي المياه الجوفيه , والتي تشكل نسبة 0.3 % من المياه الكليه .أي أن جهود دول العالم وفي مقدمتها السعوديه والولايات المتحده الأمريكيه , استطاعت استخلاص الماء الحلو , بمشاريع عملاقه لأغراض ارواء المشاريع الزراعيه , وسقي المواشي والرى الى حد ما لأغراض الشرب.
يقينا أن المياه تفوق مصادر الطاقة مثل النفط أهمية من حيث التأثير على البشر والتحكم في مصير حياتهم, وكثيرا ما انقسمت الشعوب من حيث وفرة المياه الى ظالم ومظلوم والعراق من الدول المظلومه , والصراعات من أجل المياه قائمة منذ خلقت البشريه , وفي طريقها الى التوسع مع ازدياد عدد السكان على الأرض ومتطلبات العيش فيها , وليس من المستبعد أن تتحول الى حروب مسلحه ما لم يتوجه الناس الى تحكيم العقل .
شكل الحصول على مصدر نقي من مياه الشرب أمرا مهما لنشوء الحضارات عبر التاريخ. وفي العقود الأخيرة ,سجلت حالات شحة المياه العذبة في مناطق عديدة من العالم, وقدرت إحصاءات الأمم المتحدة أن أكثر من مليار شخص على سطح الأرض لا يزالون يفتقرون إلى مصدر آمن لمياه الشرب, وأن حوالي 2.5 مليار يفتقرون إلى وسيلة ملائمة من أجل تطهير المياه.
يشكل الماء نسبة 70% من جسم الإنسان البالغ, و75% من جسم الطيور, و80% في الثمار والفاكهة . تحتوي المياه على أنواع مختلفة من الأملاح على هيئة, كبريتات, أو كربونات أوكلوريدات الصوديوم والكاليسيوم والمغنيسيوم و لا تصلح هذه الأملاح للاستخدام البشري مثل الشرب, والاغتسال, وطهو الطعام,وعليه تسعى الكثير من الدول التي تقع في المناطق الصحراوية والمناطق الجافة إلى تحلية مياه البحر للتخلص من الأملاح الذائبة فيها وجعلها صالحة للشرب والاستخدام البشري, لكن كميات المياه الصالحة للشرب لا تلبي الاحتياجات في الدول النامية والدول الفقيرة, لذا لجأ العلماء الى تقليل ملوحة المياه لاغراض الري و الصناعه.
ثانيا.كيفية تحلية ماء البحر
تهدف عمليات تحلية مياه البحرالى تنقية وفصل مياه البحر المالحة إلى كل من المياه العذبة التي تحتوي على تركيز منخفض من الأملاح الذائبة, والمياه المالحة المركزة, ويتطلب تأمين الطاقة لتحلية المياه, كما أنها تستخدم العديد من التقنيات المختلفة لعملية الفصل , مثل عملية التقطير متعددة المراحل, وعمليات التناضح العكسي, وقد أجريت الكثير من البحوث والتجارب من أجل التحسين المستمروخفض الكلفة .
ثالثا.تحلية المياه بالطاقة الشمسية.
هي عملية تحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب والري, بواسطة تحويل الطاقة الشمسية إلى حرارة, وتشبه هذه العملية إلى حد كبير دورة المياه الطبيعية على الأرض والتي يتم عن طريقها تشكيل الأمطار,
تتم تحلية مياه البحر بالطاقة الشمسية , بطريقتين وهما الطريقة المباشرة والطريقة غير المباشرة, وتحاكي هذه العملية مبدأ دورة المياه الطبيعية على الأرض, وقد بدأ استخدامها منذ زمن الإغريق, ويتم تصميم وحدات تحلية المياه بشكل بسيط, ثم يتم تسخين المياه المالحة بواسطة أشعة الشمس وتحويل المياه إلى بخار الماء , حيث يرتفع بخار الماء إلى أعلى الوحدة ويتم تجميعه على الغطاء الداخلي لها ,وعمل تكثيف له مرة أخرى ليتحول إلى كميات صالحة للشرب , ثم يتم تجميعها في أماكن منفصلة عن مياه البحر المالحة, وهذه هي الطريقة المباشرة.
أما عن الطريقة غير المباشرة فإنها تتم بنظامين منفصلين , وهما مجموعة التجميع الشمسية ومحطة التحلية التقليدية.
تعمل الطريقة المباشرة لتحلية المياه بالطاقة الشمسية بشكل جيد في تنقية المياه, ولكنها لا تنتج الكثير من مياه الشرب يوميا حيث يتم إنتاج من 2 إلى 3 لترات يوميًا في المتر المربع الواحد فقط, وهذا يتناسب مع احتياجات الأسر الصغيرة فقط في الدول النامية, كما أن الطريقة المباشرة تعتمد اعتمادا كليا على الطاقة الشمسية, أما الطريقة غير المباشرة في تحلية المياه فإنها تعمل على جمع الطاقة الشمسية وربطها بطرق تحلية مياه البحر المعروفة, فيتم إنتاج كميات كبيرة من مياه الشرب يوميًا.
إن استخدام الطاقة الشمسية في الحصول على المياه الصالحة للشرب يحد من التلوث الناتج من استخدام الوقود الأحفوري , كما أنه يقلل من كلفة تشغيل محطات تحلية المياه ويجعل منها مصدرا قيما للمياه العذبة.
تعمل شركة أبنجوا سا , وهي شركة إسبانية للطاقة والبيئة, على تطوير أكبر محطة لتحلية المياه تعمل بالطاقة الشمسية في السعودية بالتعاون مع شركة مياه محلية, وسيكون المرفق الذي يكلف 130 مليون دولار في مدينة الخفجي على ساحل الخليج أول محطة تحلية واسعة النطاق تعمل بالطاقة الشمسية, وهي مصممة لاستخدام التناضح العكسي.
ربما يؤدي انخفاض سعر الطاقة الشمسية إلى زيادة التوسع في تحلية المياه بالطاقة الشمسية, بل قد يؤدي إلى خفض أسعار المياه.
تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من أكثر مناطق العالم ندرة في إمدادات المياه, إلا أن دول الخليج تستهلك كميات أكثر منها لكل شخص مقارنة بأي مكان آخر, وفقا للبنك الدولي..
رابعا.النموذج الخليجي
ان أحد النماذج المتميزه عالميا في تحلية المياه ,هي دول الخليج تتصدرها المملكة العربية السعوديه , وهذاالانجاز العربي يرسم طريق الأمل و التفاؤل لانجازات عربيه أكثر و منها العراق .
لذلك تلعب عملية تحلية المياه دوراً هاماً لإمداد منطقة الخليج العربي بما تحتاجه من مياه صالحة للشرب, إذ تنتج دول الخليج وحدها 60% من المياه المحلاة في العالم.
وتتصدر المملكة السعودية دول العالم في إنتاج المياه المحلاة بإنتاج يتجاوز ملياراً وستة ملايين متر مكعب من المياه سنوياً, بنسبة 18% من الإنتاج العالمي, وتمتلك المملكة محطة رأس الخير التي بلغت كلفتها أكثر من 27 مليار ريال وهي أكبر محطة تحلية مياه في العالم وبحسب منظمة المياه العالمية , وتنفق الإمارات نحو 800 مليون دولار سنوياً لبناء محطات مياه التحلية وتشغيلها وإصلاحها.
كما تشير بعض التقديرات إلى أن إنفاق دول مجلس التعاون الخليجي في استثمارات دول الخليج في مشاريع المياه والتحلية, بين عامي 2012 و2022، سيبلغ أكثر من 300 مليار دولار.
ووفقاً لمنظمة اليونسكو, من المتوقع أن تشيد الدول العربية عشرات محطات التحلية التي تعمل بالطاقة النووية خلال الأعوام العشرين القادمة, ومن المتوقع أن تشيد السعودية وحدها 16 محطة لتحلية المياه تعمل بالطاقة النووية بحلول عام 2030.
أكد المهندس عبد الرحمن الفضلي وزير البيئة والمياه والزراعة ,رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية, أن محطة تحلية رأس الخير الحاصلة على شهادة غينيس كأكبر محطة تحلية مزدوجة الغرض في العالم, تغذي مدينة الرياض والمحافظات الداخلية بواقع 900 ألف متر مكعب يوميا, كما تضخ مائة ألف متر مكعب يوميا موزعة على النعيرية والقرية العليا ,وحفر الباطن ,والقيصومة.
وأضاف الفضلي , أن محطة رأس الخير لتحلية المياه وإنتاج الطاقة الكهربائية على الساحل الشرقي للسعودية, تعد أحد أهم المشاريع التنموية والخدمية التي نفذتها الحكومة في هذا المجال, إذ تحتوي على تقنيات تستخدم للمرة الأولى على مستوى العالم برؤية تمتد الى عام 2030 .
يضم المشروع أكبر وحدات إنتاج لتحلية مياه البحر في العالم, بقدرة إنتاجية تتجاوز مليون متر مكعب يوميا من المياه المحلاة, إضافة إلى 2400 ميغاواط من الكهرباء, وباستثمارات بلغت نحو 25 مليار ريال (6.6 مليار دولار), وتعتمد المحطة في إنتاج المياه المحلاة على التقطير الوميضي متعدد المراحل بنسبة 70 في المائة من إنتاج المشروع, فيما تنتج تقنية التناضح العكسي الـ30 في المائة
خامسا.تكنولوجيا متقدمة لتحلية مياه البحرفي الخليج .
تسعى دول الخليج في الوقت الراهن لاستخدام تكنولوجيا نظيفة ومتطورة في تحلية مياه البحار , تعتمد دول الخليج على محطات تحلية الوقود الأحفوري لإنتاج معظم المياه لسكانها المتزايدين واستهلاك صناعاتها المتنامية , وهم الآن يعتمدون تكنولوجيات أنظف ويقومون في تسخير أشعة الشمس الغزيرة لتوفير المياه الصالحة للشرب من البحر.
لقد أخذت الجزائر هذا الخيار في توفير ماء الشرب.
7.مشاكل مخلفات تحلية مياه البحر.
لجأت العديد من دول العالم في السنوات العشر الأخيرة إلى تحلية مياه البحر من خلال إنشاء محطات على سواحلها , تشتغل أغلبها بالنفط الأحفوري وقليل منها بالطاقة الشمسيه.
ان الاعتماد على هذه الطريقة, زاد من مخاوف الخبراء من الإفراط في استعمالها, وذلك بسبب المخلفات البيئية , وهذا ما ظهر في العديد من الدراسات والبحوث العالميه, مثل التي أنجزها معهد المياه والبيئة والصحة في كندا التابع للأمم المتحدة, المنشوره في دورية علوم البيئة الكلية.
لقد اتضح من الدراسات العالميه , وجود زيادة في عدد محطات تحلية مياه البحر حيث يوجد اليوم نحو 16 ألف محطة في 177 دولة, نصفها تقريبا يقع في المنطقة العربية بنسبة 48%, وهي تنتج يوميا نحو 95 مليون متر مكعب من الماء, لكن كل لتر واحد من الماء العذب يؤدي الى 1.54 لتر من الماء شديد الملوحة.
ووجدت الدراسات أن حوالي 55% من المياه شديدة الملوحة تفرزها المحطات العربية في الخليج بشكل خاص ,حيث تفرز السعودية نسبة 22% والإمارات 20.2% والكويت 6.6% وقطر 5.8%..
وقال مدير الدراسة إدوارد جونس في تصريحات لموقع معهد المياه والصحة والبيئة التابع للأمم المتحدة, إن المياه شديدة الملوحة التي تفرزها تلك المحطات تؤثر على الحياة البحرية في السواحل التي تشكل المورد الأساسي لبعض الدول.
وأكد ادوارد جونس ضرورة استغلال هذه الأملاح والمعادن التي تفرزها عملية التحلية, كالمغنيسيوم والكالسيوم والبوتاسيوم, في مشاريع فلاحية واقتصادية مهمة كتربية المائيات, لأغراض الربح والحفاظ على البيئة البحرية.
ومن الآراء التي تقول أن الأضرار مبالغ فيها , ما عرضه الباحث المغربي جواد الخراز رئيس قسم الأبحاث بمركز الشرق الأوسط لتحلية المياه , حيث اقترح الخراز أن هذه المياه شديدة الملوحه يمكن استخدامها في زراعة الطحالب التي تستعمل بعد طحنها غذاءا للأسماك .
8.الاستنتاجات والتوصيات:
أولا : إن تحديد المشكلة بدقه, يؤدي الى التخطيط السليم ووضع الحلول المطلوبه.
يبلغ تعداد السكان على الأرض حاليا 7.8 مليار,وقد توقع تقرير صادر عن الأمم المتحدة أن يرتفع عدد سكان العالم إلى 9.8 مليارات نسمة في عام 2050, وإلى 11.2 مليار نسمة في 2100 , فمن واجب الانسان أن يتعاون مع أخيه الانسان, من أجل استخراج الماء العذب من الماء المالح , وأن تتعاون دول منابع الأنهار مع دول مرور الأنهار وصولا الى المصب في البحار.(وهذا المبدأ لا تطبقه كل من ايران وتركيا من أجل العراق ).
ثانيا: ويؤكد المختصون أن من الصعب مواجهة الكوارث المحتملة لتغير المناخ إلا في حالة تعاون جميع الدول معا, بهدف خفض معدلات انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة كبيرة, وتعزيز قدرة سكان العالم على مواجهة مخاطر التقلبات المناخية وتغيرها.
ثالثا : يركز تقرير للأمم المتحدة لعام 2006 على أزمة المياه حيث أن (هناك ما يكفي من الماء للجميع) وأن (نقص المياه يكون بسبب سوء الإدارة , والفساد, وعدم كفاية المؤسسات المناسبة, والركود البيروقراطي, ونقص الاستثمار .
في دراسة واسعة أجريت عام 2007 حول استخدام المياه في الزراعة على مدى الخمسين عامًا المنصرمة. و قد أجريت بشراكة واسعة شملت ممارسين وباحثين وسياسيين, تحت إشراف المعهد الدولي لإدارة المياه في سريلانكا , لغرض معرفة ما إذا كان العالم يحظى بموارد مياه تكفي لإنتاج الغذاء لأجيال المستقبل أم لا. وجدت الدراسة أن أكثر من 1.2 مليار شخص حول العالم يعيشون في مناطق تعاني من شحة المياه .
رابعا : بخصوص العرض والطلب هناك ما يكفي من المياه العذبة المتاحة لتلبية متطلبات سكان العالم الحاليين الذين يزيد عددهم عن 7 مليارات نسمة، وحتى دعم النمو السكاني إلى 9 مليارات أو أكثر.
خامسا : بعد الصين والهند, هناك مستوى ثان من البلدان الأصغر التي تعاني نقصًا حادًا في المياه, كالجزائر، ومصر، وإيران، والمكسيك، وباكستان.
سادسا :وفقًا لتقرير المناخ الصادر عن الأمم المتحدة, قد تختفي الجليدات في جبال الهيمالايا التي تعد مصادر أكبر الأنهار في آسيا.
سابعا :.ان معركة تغير المناخ أمر محتوم ولا بد للعالم أن يتوحد من أجل مواجهته.
ثامنا : لعبت فرنسا دورا يسجله التأريخ لها , في استضافة دول العالم في أكثر من مؤتمر لمواجهة معركة تغير المناخ ,ونجحت في مساعيها.
تاسعا : نقترح على العراق أن يستفيد من الاجماع الدولي لتقليل الآثار الكارثيه التي تسببها الدول الصناعية الكبرى في احداث الاحتباس الحراري نتيجة التلوث الكبير من جراء الافراط في استخدام الوقود الأحفوري.
عاشرا : نقترح على العراق أن لا يقتصر في صنع مستقبله بالاعتماد على الوقود الأحفوري , كمصدر للعيش , وانما يباشر بتعدد موارده الطبيعيه والصناعيه.
أحد عشر: حيث أن الوطن العربي محاط بالبحار والمحيطات, فان الماء المالح متوفر ليتم استخلاص الماء الحلو منه.
اثني عشر : أن وفرة أشعة الشمس فوق سماء الوطن العربي , وكونها شبه مجانيه , فان من السهل استغلالها لأغراض استخلاص الماء الصافي من مياه البحر.
ثلاثة عشر.ان النموذج الخليجي من أنجح النماذج لتحليه المياه , وتتصدر المملكه العربيه السعوديه دول العالم في هذا المجال,نوصي أن يتعاون العراق مع دول الخليج العربي للاستفاده من خبرتها.
أربعة عشر. نوصي أن يستفيد العراق من تقنية زراعة الرز في المياه المالحه , لزراعة الرز أسوة بالصين , وزراعة الطحالب أسوة بالمغرب كأعلاف للأسماك.
[size=32]اللهم لا هادي لمن أضللت, ولا معطي لما منعت, ولا مانع لما أعطيت.[/size]