هل نحن مستعدون؟
عائشة سلطان
هل نحن مستعدون؟
العالم في معظمه يمر بمرحلة مخاض عسيرة، ويتغير بطرق مختلفة وحاسمة، في ظل وجود مؤثرات ومؤثرين كبار وفاعلين في المعادلة الدولية باقتصاد المعرفة، وثورة التقنية، وبالحروب والمواجهات، وبالأفكار وتقلبات القيم، بالأوبئة، وشح الموارد،… وأسباب أخرى.
إن الأحداث التي مررنا بها منذ بداية الألفية الثالثة كانت في معظمها سياسية، لكنها وإن اختلطت بتهديدات صحية ومناخية وثقافية إلا أنها كانت تكرس في مجملها مسألة حتمية التغيير، التي تجلت تماماً أثناء جائحة كورونا عندما وجدت البشرية نفسها قد حوصرت بالعزلة التامة، وبالشلل الذي ضرب حياة الكوكب من أقصاه إلى أقصاه، لقد بدونا يومها محاصرين بالعجز والمجهول، كأننا نسقط في فراغ كوني بلا نهاية، لقد نجح الخوف في نشر وتطوير نظريات مؤامرة بلا حصر.
لقد بدأ التمهيد للتغيير منذ الأيام الأولى في الألفية الثالثة، فقد بدا يومها أن العالم يقطع حبل سرته مع ما سبق، برحيل عقد التسعينيات من القرن العشرين، مودعاً حقبة بشرية، ومستقبلاً أخرى مغايرة تماماً، وسواء تم ذلك تلقائياً بفعل قانون التطور، أو بفعل تخطيط قوى معينة، فإن التغيير قد بدأ، ولا يمكن إيقافه، لذلك يتصارع العالم، وتتالى الأحداث برتم عالي السرعة حتى يتمكن المبادرون من اقتناص الفرص والحصول على أكبر جزء من الأرباح.
بداية التغيير كانت عندما شنت هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، وبداية سنوات الحرب على الإرهاب، ثم الحرب التي انتهت باحتلال العراق، ومؤامرة ما سمي بالربيع العربي، ومن ثم ظهور التنظيمات الإرهابية وحركات الإسلام السياسي التي شنت هجمات واغتيالات وتفجيرات تحمل كلها توقيع تنظيم «داعش» الإرهابي إلخ، وها هي هذه المرحلة توشك على نهايتها بانفجار الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فما ملامح العالم والنظام العالمي السياسي والاجتماعي والأخلاقي الجديد الذي سيظهر جلياً بنهاية الحرب؟ لن يكون الأمر جديداً، فكل الذي نعيشه يحمل بذور المرحلة المقبلة، علينا فقط أن نستعد حتى لا نؤخذ على غرّة، فهل نحن مستعدون؟!