قصة حقيقية من ناحية الكوير التابعة انذاك لقضاء مخمور / محافظة اربيل
في عام 1963 أزدادت حالات الاصابة بالملاريا مما حدى بالسلطات الصحية في مخافظة اربيل الى تكثيف جهودها لمكافحة هذا المرض الذي يهلك الانسان ويجعله عاجزا عن القيام بأي عمل , ومن جملة تلك الجهود الاكثار من رش مبيد ال دي دي تي في كافة أنحاء المحافظة وخاصة الاماكن الواقعة على ضفاف الانهر والكوير من ضمنها وطبعا تقع على الزاب الكبير الذي ينبع 95 بالمئة من مياهه من الاراضي العراقية وهذه نعمة من رب العالمين لان بقية الانهر تنبع من تركيا وايران الجارتين اللتين لا تحب العراق من قال وبلى , وكانت فرقة متكاملة لمكافحة الملاريا في الكوير مؤلفة من الاخوة الاعزاء ... محمد حسن , حسن أو حسين , محسن سائق سيارة لاندروفر انكليزية خاصة بدائرة مكافحة الاوبئة وكانوا يتنقلون في القرى التابعة للناحية ويأخذون مسحات الدم للمرضى الذين تظهر عليهم اعراض الملاريا ويرشون المبيدات وبتواجدون أحيانا في المستوصف لنفس الغرض , وفي أحد الايام وصلتنا برقية باللاسلكي من رئاسة صحة اربيل عن طريق أتصالات مديرية ناحية الكوير و
مفادها القيام بألقاء القبض على أنثى بعوض الأنوفيلس التي تسبب الاصابة بالملاريا فكلفت الفرقة الخاصة بالملاريا بالمهمة وفعلا عادوا في المساء ومعهم البعوضة المشار أليها أعلاه محفوظة في زجاجة عريضة خاصة لهذا الغرض وفيها سدادة محكمة وأرسلناها في اليوم الثاني مع سائق السيارة الاخ محسن ,, أبو صلاح ,, فاوصلها بكل أمانة وعاد الى الكوير , ويظهر بأن الاخوة في مختبر الملاريا المركزي في شعبة الامراض المتوطنة فقدوا السيطرة عليها فطارت من أيديهم ’ فأرسلت رئاسة الصحة برقية جديدة باللاسلكي تعلمنا بالموضوع وتطلب منا أعادة الكرة , فطلبت من الاخوة تنفيذ ما ورد في برقية صحة اربيل وفعلا قاموا بالمهمة خير قيام وكانوا أبطال فعلا ووصلت البعوضة الى مختبر الامراض المتوطنة حيث أجري اللازم وفي نفس الوقت وصلنا علاج جديد أسمه حبوب البريماكوين صفراء اللون صغيرة الحجم أقوى من حبوب الكلوروكين الكبيرة الحجم نوعا وكان المريض لا يستسيغها وفعلا أثبت العلاج الجديد نجاحا باهرا وكان يؤخذ لمدة 14 يوم , وهكذا كانت الامور تجري بجدية رغم ضعف الامكانيات الطبية والصحية انذاك ولكن عامل الاخلاص كان ملازما العاملين من الفراش والى أعلى رتبة طبية في دوائر الصحة كافة ومثلها بقية دوائر الدولة ودعونا نسميه الزمن الجميل ورحم الله من المتوفين ممن ذكرناهم ورعى وحفظ الله الاحياء منهم . ابو فرات / ميونيخ / ألمانيا مع المحبة والتقدير والاعتزاز والى قصة جديدة مما في ذاكرتي عن اكوير الحبيبة وأهلها الاعزاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .