حول حادثة طعن سلمان رشدي
د.ضرغام الدباغ
حول حادثة طعن سلمان رشدي
إذا كل من شتم الإسلام والرسول نرسل له فدائي ليقتله، فهذا قرار لا يتخذه عقلاء حكماء، لأنه ببساطة سيزيد النقمة والعداء والكراهية، وأساسا دور النشر والمجلات، وبعض المجلات والصحف والمخرجين، يبحثون عن الشهرة، وإعلام يريد الانتشار بهذه الوسيلة، ثم أن الشتيمة والإساءة ليست ثقافة تستحق التعميم، ولو بداعي حرية الرأي، والصحافة المنحطة لا تهمها الأخلاق، فأنا شخصيا قد شاهدت صورا تفيد بان السيد المسيح عليه السلام كان لوطيا أو دجالاً مشعوذاً، هؤلاء الناس وصلوا درجات بالغة من الانحطاط ... لا يفيد معهم طعن أو أساليب العنف.
على العقلاء من أهل وتخصص الدعاية والنشر أن يبتكروا أسلوبا آخر، وأنا أقترح تجاهلهم التام وحتى عدم الإشارة لهم، وأنا أشاهد وأقرأ أن بعضنا بدافع الغيرة يزيد بالاساءة بإعادة نشر الخبر أو الصورة أو الشتيمة.. تجاهل المسيئ واحتقاره هو أفضل رد مؤدب له ...
بالتأكيد يتحمل الجاني جزء من المسؤولية، ربما الجزء الأكبر، ولكن فكروا معي أستاذ، أليس المجتمع الامريكي لم يحسن تربية هذا الشاب، فهو لم يعش في مجتمع مسالم، بل مجتمع فيه ثقافة الثأر والانتقام وعقلية العصابة، وخوض الحروب ودفع دول وشعوب أخرى للحروب، فهو يعيش في مجتمع حربي عدواني 100% ، لنضرب صفحا على هذه الحادثة، ألا يشهد المجتمع الأمريكي بأستمرار ظاهرة القتل العشوائي (Amok) شبان في مقتبل العمر يقتلون بأسلحة حديثة زملاء لهم ... ليس هناك شيئ أعتيادي أكثر من القتل وثقافة الكراهية، أنا لا أؤيد ما فعله هادي رضا، ولكن بتحليل الجاني وثقافته وبيئته .. نتوصل أن الثأر والانتقام أمر طبيعي ..
قبل أيام طلبت حكومة الولايات المتحدة رسميا من جميع الدول السماح بالمواكب الحسينية وأعمال اللطم والضرب بالسيوف والسكاكين والسلاسل كما في الشوارع الأمريكية علناً وتشجع عليها ... هل تشجع أمريكا يوما قضايا ثقافية إنسانية ؟ كلا ... هي تشجع القتلة وتجد لهم الأعذار ... وما فعله هادي رضا هو نتيجة حتمية لتلك الثقافة الرجعية.
ثم السيد سلمان رشدي نفسه، يكتب كتابا يضمنه شتائم وإساءات كثيرة .. فعلها عامدا متعمدا في بلد يشع مثل هذه الظواهر لأسباب لا علاقة لها بالحضارة والتحضر أو الثقافة أو حرية الرأي، بل طمعاً بالمال .. والذي جنى منه الكثير وهو يعلم أن في هذه إساءة بالغة لرموز مقدسة لمليارات البشر .. ولكن الطمع في المال أعمى بصيرته ... وكتابه لم يكن نقداً علميا للنظرية السياسية في الإسلام، ولا للنظرية الاقتصادية، الإسلامية فما أنطوى عليه عمله السيئ هو الإساءة ... فقط. ترى ماذا كان يفكر، عداء شراء فيلا فاخرة وسيارة فخمة، ورصيد ضخم في البنوك .. والحل لمشكلاته المالية ترى ماذا كان يتوقع ...؟
من المؤكد أن الجميع سيغضبون لهذه الإساءة التي لا معنى وهدف لها ... سوى الإهانة، والكثير ممن سيغضبون (وهم منتشرون في جميع قارات العالم،) سيسيطرون على غضبهم، وآخرون سيتجاهلون الأمر كذبابة نفايات أزعجتك لثوان، ولكن بالمقابل هناك من المليارات من سيسئ الأمر له ويغضبه ويعتبرها إهانة وجهت لأقدس مقدساته، وقد ينفجر غضبه بهذا الأسلوب أو ذاك ... وهادي رضا لم يتربى في مجتمع مثالي لينجو من آثار الفاشية والعنصرية الحقيرة والتعصب الديني والكراهية والانتقام ... أين الغرابة أيها السادة .....؟
هذه مناسبة ليراجع التربيون والعلماء في الولايات المتحدة .. شاب ولد ونربي ودرس في مدارس أمريكية يرتكب جريمة من هذا النوع ... دوافعها نفسية / اجتماعية تستحق الدراسة، وردود فعل رزينة لا صيحات انتقام .....
من يقيم مهرجان للقتل في أكثر من مكان في العالم لماذا يفاجئه ما فعل هادي رضا ..؟ من يجند المرتزقة ويرسلهم إلى أرجاء العالم ليقتلوا ويغتالوا وينسفوا لماذا يدهشه ما فعل هادي رضا ..؟
[size=32]من يزرع رامبو يحصد هادي رضا .....[/size]