غزة جزء من الوطن وفلسطين هي القضية المركزية
بقلم الكاتب // سامي إبراهيم فودة
Tiger.fateh.1@hotmail.com
عجباً كل العجب يا سادة يا كرام أن لا تجدوا في عالمنا العربي والإسلامي والغربي التفه الصغار وهم يسوقون أنفسهم إلى ساحات الشرف والعزة والشهامة والافتخار, ليصنعوا لذاتهم مجداً ومكاناً فوق أنقاض البيوت المدمرة,ويجنوا ثمار دماء الشهداء وأنين وآهات الثكالى وعذابات المصابين وتضحيات ألاف الأسرى الأوفياء.فنجدهم يتسابقوا هؤلاء النشاز مع المتسابقون من كل البلدان لحضور كرنفال بعرض البحر أو على معابر حدود الوطن ليحصدوا الأوسمة والنياشين وأخذ صورة تذكارية لهم مع ضحايا العدوان ضحايا غزة المحاصر المذبوح من الوريد إلى الوريد بفعل السجان ومن لف لفيفهم في حلقة تكريس حالة الانقسام والانفصال. فلقد تحركت الماكينة الإعلامية بكل قوة لحملة القوافل البرية والبحرية والتي لم أرى مثيلها منذ أن وطأ الاحتلال أرض فلسطين وتهافتت وتناغمت معها وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وراحت تسلط الأضواء على حصار غزة ومعاناة سكانها. في حين تجاهلوا القائمين على حملة تسيير القوافل القضية الفلسطينية المركزية هي لب الصراع في منطقة الشرق الأوسط وفلسطين الأم بأكملها محاصرة منذ عقود ومستباحة ومغتصبة وشعبها يعاني الجوع السياسي وويلات النكبة والنكسة حتى يومنا هذا..
ففي مشهد اتراجيدي مهيب حقاً للمشهد الفلسطيني المأساوي والتي شٌدت إليها السمع والأبصار والأفئدة وارتجفت الأطراف وتقشعرت لها الأبدان واختلطت فيها المشاعر والأحاسيس الجياشة الممزوجة بالفرح والحزن والألم والدهشة والحيرة والاستغراب ونحن نتابع سير قوافل الحرية عبر شاشات التلفاز وهي تمخر عباب البحر الأبيض المتوحش بأسماكه المفترسة متحدية سطوة المحتل غير آبهة للمخاطر التي سوف تتعرض لها في عرض البحر وكل هذا للتضامن مع أبناء الشعب الفلسطيني المحاصر وذلك للتخفيف عن معاناتهم من خلال الدعم اللوجستي والمعنوي.حيث تداخلت فيها ألوان الأعلام المرفرفة من كل قطر واللغات المختلفة من كل الأجناس وتباينت ملامح الوجوه من مسلم ومسيحي على متنى القافلة وهم يتشغفون للقاء بأهل غزة المحاصر واحتضان ترابه فقد أسعفتني الذاكرة وعادت بـي لشريط مأساة قوافل النكبة التي حلت بشعبنا عام 1948م و1967م وهم يقطعون آلاف الكيلومترات هرباً من بطش ومذابح عصابات بني صهيون فكانت بوصلة هؤلاء المشردين المنكوبين نحو الدول المجاورة لفلسطين لحمايتهم من القتل والتنكيل تاركين فلسطين خلفهم في قبضة النازيين.
فأتساءل من باب الفضول للتأكيد من صحة الإجابة العالقة في ذهني .هل القائمين والمشرفين على حملة تسير القوافل وهم في غرفة مغلقة ومجهزة بأحدث وأرقى التقنيات التكنولوجية والمكيفات الهوائية قد فقدوا فعلاً بوصلة المعرفة الحقيقة اتجاه فلسطين الأم وطن الجميع؟؟ لتحريها من براثن المحتل على مدار اثنان وستون عاماً.. أم كان التجاهل مقصود .. ومن وراء تحريك هذه القوافل المحملة بالمساعدات؟؟ وهل هدفهم هو تحرير فلسطين؟؟ وفضح الكيان الصهيوني وتعريته أمام العالم؟ أم.. هذه القوافل الهدف من وراء وصولها إلى غزة هو تكريس حالة الانقسام والانفصال وتجزئة أواصر الوطن وفرض الأمر الواقع للتعامل مع جزء من الوطن وإضعاف هيبة السلطة الوطنية وإخراجها من الساحة السياسية العربية والدولية . أين كان كل هذا الحراك السياسي والتحرك الجماهيري في الشارع؟ وغزة على مدار الساعة حتى الآن تقصف وأبنائها يموتون ..فشعبنا لم يعد يحتمل تلك الأجندات فإن فصول معاناة الحصار قد فاقت الحدود وبلغت ذروتها في كل مناحي الحياة فمن الضروري نصرة أهل غزة وإنهاء حالة الحصار ولملمت البيت الفلسطيني المتشرذم وإعادة اللحمة الوطنية الفلسطينية بين أبناء الوطن الواحد والتوقف عن المواقف الديموغوجية والمناكفات السياسية والتنظيمية والكف عن التسول باسمهم والتراجع عن العبث بمقدراتهم والتلاعب بممتلكاتهم والاستخفاف والاستهتار بأرواحهم وأعراضهم فإن أقصر الطرق لفك الحصار وتحرير الوطن هي الوحدة الوطنية والمصالحة بين أبناء الوطن .
فكم كنت أتمنى من الماكينة الإعلامية المرئية والمسموعة التي تم توظيفها من القائمين على حملة قوافل الحرية بأن لا يكون اهتمامهم وتركيزهم مقتصر فقط على تقديم المساعدات التموينية والمادية لسكان قطاع غزة. بل من الأجدر كان عليهم إذا كان يهمهم فلسطين أرضاً وشعباً وعلماً وهوية أن تكون جهة بوصلة هذه القوافل اتجاه فلسطين الأم لتحريرها من السلك إلى النهر وتخليص أهل فلسطين والمقدسات الإسلامية والمسيحية من غطرسة الكيان المسخ واغتصابه لهم وأن لا تكون قضية فلسطين بأسرها مختزلة في الشراب والطعام والأدوية والملابس وفتح هذا المعبر أو ذاك لأهداف مريبة في جوهرها ومضمونها.لأن مثل هذه الأطروحات لا ترتقي إلى مستوى القضية الفلسطينية المعمدَة بدماء الشهداء وتضحيات الأسرى العظماء على مدار عقود من النضال فقد تم تجاوز هذا البعد الإنساني في أروقة الأمم المتحدة والمحافل الدولية .وأصبحت قضيتنا الفلسطينية سياسية بامتياز تهدف في مضمونها إلى إنهاء الاحتلال وكنسه من الأراضي الفلسطينية المحتلة بكل شبراً فيها وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف بعد أن حاول العدو الصهيوني بكل إمكانياته إبقاء القضية الفلسطينية قضية إنسانية بحثة مقتصرة على المساعدات ..
فلا يختلف أي إنسان شريف حر في هذا العالم بأسرة مناهضة للصهيونية والامبريالية الأمريكية العالمية أن يقف ويقول أنا ضد قوافل الإغاثة القادمة لسكان أهل غزة المحاصر. سوى كانت قادمة عن طريق البر أو البحر أو الجو ,ولكن هذا المساعدات أين تذهب؟؟.. ولمن.. ؟وهل توزع على عامة الشعب المنكوب.. ؟؟ وأين هي هذه المساعدات.. ؟. للأسف أجد أن الكثير من البائعة المتجولين أو الماكثين في الأسواق والمحلات التجارية يتاجرون بهذه المساعدات التي تصل من دول شقيقة . كيف وصلت لهؤلاء التجار والباعة الصغار؟ علماً أن هذه المساعدات ليس من حق أحد المتاجرة بها وهذه عينة من مئات العينات الموجودة بالأسواق ومكتوب عليه بأسماء عديدة من الدول العربية فمنها هدية قطر الخيرية أو هدية من الشعب المصري إلى الشعب الفلسطيني أو هدية من الشعب السعودي وعلى غلافها مكتوب مشروع تعليب لحوم الأضاحي (توزع مجانا دون مقابل) ولكن عندنا ادفع وخد يا بلاش وخذ على ذلك العديد من الدول التي تقدم مساعدات للشعب الفلسطيني فجميعها تختفي في مثلث برمودة ولا أثر لها فشعبنا يعرف الحقيقة من الألف إلى الياء..