"تنمر دبلوماسي".. هكذا كادت اليابان أن تحتل الصين
رسم كاريكاتيري ساخر حول تنافس القوى العالمية على الامتيازات بالصين
العربية نت:عقب نجاحها في فرض بنود معاهدة شيمونوسيكي (Shimonoseki)، الموقعة يوم 17 نيسان/أبريل 1895، على الصينيين، حصلت اليابان على امتيازات اقتصادية وتعويضات مالية هائلة.
وبالتزامن مع ذلك، نجحت اليابان، أثناء فترة الإمبراطور موتسوهيتو (Mutsuhito)، في تجريد الصين من تايوان وجزر البيسكادورس (Pescadores) التي مثلت شريانا اقتصاديا وتجاريا هاما بشرق آسيا.
وفي خضم الحرب العالمية الأولى، اتجهت اليابان للتوسع أكثر على حساب الصينيين. وفي حدود منتصف يناير/كانون الثاني 1915، قدمت امبراطورية الشمس المشرقة أي اليابان، جملة من المطالب للسلطات الصينية أملا في تحويل بلاد الصين لمستعمرة تابعة لها.
مطالب يابانية
وعقب الحرب اليابانية الصينية الأولى والحرب اليابانية الروسية، كسبت اليابان نفوذا هاما بشمال الصين ومنشوريا. وتماما كبقية القوى الأوروبية، حاولت الأخيرة استغلال ضعف سلالة تشينغ الحاكمة لتتوسع أكثر بالصين الغنية بالمعادن. وعلى إثر ثورة 1911 وقيام جمهورية الصين، حاولت اليابان استغلال انحلال وضعف هذه الدولة الجديدة للحصول على مزيد من الامتيازات الاقتصادية.
ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى، اصطفت اليابان لجانب البريطانيين والفرنسيين ضد الألمان. وعقب حصار تسينغتاو (Tsingtao) الذي انتهى باستسلام القوات الألمانية، استولت القوات البريطانية واليابانية على ممتلكات ألمانيا بالشرق الأقصى والتي كان من ضمنها إقليم شاندونغ (Shandong) الصيني.
فاستغلت انشغال القوى العالمية بأهوال الحرب على الساحة الأوروبية وتفوقها العسكري بالصين، وضعت السلطات اليابانية بقيادة رئيس الوزراء أوكوما شيجينوبو (Ōkuma Shigenobu) ووزير الخارجية كاتو تاكاكي (Katō Takaaki) قائمة من 21 نقطة لزيادة نفوذها بالصين. وعقب جملة من المشاورات، وافق الإمبراطور الياباني تايشو (Taishō) ومجلس النواب على هذه القائمة التي سلمت للرئيس الصيني يوان شيكاي (Yuan Shikai).
تنمر دبلوماسي
ومن خلال هذه النقاط، دعت اليابان الصينيين للاعتراف بسيادتها على إقليم شاندونغ، والمواني التي هيمن عليها الألمان سابقا، وطالبت بزيادة حجم نفوذها على خطوط السكك الحديدية والمدن الساحلية بالإقليم. أيضا، طالبت اليابان بالحصول على امتيازات بخط سكك الحديد جنوب منشوريا وتسهيل عملية كرائه لـ99 عاما وحثت الصينيين على منحها امتيازات كبيرة بوسط منغوليا، الغنية بالموارد الطبيعية، أملا في توفير كميات وافرة من المعادن للمؤسسات الصناعية اليابانية.
من جهة أخرى، طالب اليابانيون جيرانهم الصينيين بتسليمهم مجمع التعدين والمعادن بوسط البلاد وحثوا السلطات الصينية على عدم تقديم امتيازات تجارية إضافية للقوى الأجنبية. وفي الأثناء، كانت حزمة المطالب اليابانية الخامسة أكثر قسوة على الصينيين. فمن خلالها، طالبت اليابان الصين بانتداب مستشارين يابانيين بقطاعي المالية والأمن واتجهت في الآن ذاته للحصول على امتيازات إضافية لبناء معابد بوذية ومدارس يابانية بالبلاد. فضلا عن ذلك، طالب اليابانيون بالحصول على السلطة المطلقة والسيادة التامة بمقاطعة فوجيان (Fujian) ومضيق تايوان.
ومع رفض الصينيين للمطالب اليابانية خلال شهر نيسان/أبريل 1915، اتجهت اليابان لتخفيف سقف مطالبها عن طريق حذف الحزمة الخامسة. وخلال شهر أيار/مايو من العام نفسه، قدمت اليابان حزمة مطالبها الجديدة للصينيين مانحة إياهم مهلة يومين لقبولها.
وأمام التهديد العسكري الياباني والوضع السياسي الهش ببلاده، قبل الرئيس الصيني يوان شيكاي بمطالب اليابانيين ليوقع بحلول يوم 25 أيار/مايو 1915 على اتفاقية التنازلات التي حصلت بموجبها اليابان على مزيد من الامتيازات بالصين.
يذكر أن هذه الاتفاقية أثارت ردود فعل دولية سلبية، فبينما عبر الأميركيون عن قلقهم حول التوسع الياباني وفقدان الصين لسيادتها وتأثر مصالح الأميركيين بالمنطقة، انتقدت بريطانيا استغلال اليابان للظروف العالمية لتمرير ما وصفته باتفاقيات تنمر دبلوماسي ضد الصينيين.