رشيد حنونة ١٩٢٤- ١٩٩٧ استاذي في كلية التربية بجامعة بغداد ١٩٦٤
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
رشيد حنونة ١٩٢٤- ١٩٩٧ استاذي في كلية التربية بجامعة بغداد ١٩٦٤
منذ (58) سنة ، كنتُ طالبا في قسم التاريخ بكلية التربية - جامعة بغداد (وكانت تسمى من قبل دار المعلمين العالية المؤسسة منذ سنة 1923) .
وقد حظيتُ بأساتذة أفذاذ ، درسوني . وكان منهج قسم التاريخ منهجا راقيا يعتمد الاسس المنهجية الانكليزية . كنا ندرس في قسم التاريخ علم الاجتماع وعلم النفس وعلم الاقتصاد ، وقد سُعدنا جدا عندما قال لنا مقرر القسم وكان المرحوم الاستاذ الدكتور حسين أمين أن استاذا ممتازا سيدرسكم مبادئ الاقتصاد السياسي ، واذا به استاذنا الاستاذ رشيد عبد الحميد حنونة وقد فرحنا به لأنه اخبرنا انه عائد لتوه من تركيا بعد ان انهى مهمته ملحقا تجاريا في السفارة العراقية في انقرة ، وراح يحدثنا عن اسطنبول وعن انقرة وعن عمله هناك ، ولا اكتمكم سرا اننا رأينا أبا حنونا .. كان يحرص على مرافقتنا في كل سفراتنا العلمية والترفيهية الى حصن الاخيضر والى سدة الصدور والى بابل والمدائن وملوية سامراء ، وكان يرافقنا ايضا استاذنا الاخر وهو من جمهورية مصر العربية الاستاذ الدكتور عبد العزيز نوار فضلا عن استاذنا الاستاذ الدكتور حسين أمين وظلت تلك السفرات في اذهاننا حتى هذه اللحظة التي اكتب لكم فيها هذه السطور .
الأستاذ رشيد مع والده
كتبتُ عن الاستاذ رشيد حنونة ، لكن ما كتبته لم يكن متكاملا ، وقبل فترة اتصل بي احد اقرباءه وهو الاخ الاستاذ محمد قاسم حنونة وقال انه سيرسل لي بعض المعلومات عن استاذي مستقاة من ارشيف والده الشيخ قاسم حنونة رئيس عائلة ال حنونة ، ومنها ان الاستاذ رشيد حنونة واسمه الكامل رشيد عبد الحميد المُلا محمود الحنّونة من مواليد مدينة بغداد سنة 1924 وهو من اسرة كريمة عريقة ذات سمعة ومكانة مرموقة ومميزة معروفة على مستوى العراق وهي اسرة آل حنونة .
والاستاذ رشيد حنونة ينتسب الى (قبيلة الجبور) تحديدا (عشيرة العبد ربه) والتي تسكن حاليا مدينة (سامراء). سافر في بداية شبابه الى فرنسا ليكمل دراسته هناك على نفقة والده الخاصة ، وكان ذلك في سنة (1938 ) اي قبل الحرب العالمية الثانية 1939-1945 وقد حصل على شهادة الماجستير في الاقتصاد ثم حصل بعدها على شهادة الدكتوراه في الاختصاص ذاته وقيل انه حصل على عدة شهادات في اختصاصات اخرى.
عاد الى العراق وعمل في السلك الدبلوماسي ، فاصبح (سفيرا للعراق في باريس .كما عمل (ملحقا تجاريا في تركيا) ثم تم سحبه الى مقر وزارة (الخارجية العراقية) وبعدها ارتأى نقل خدماته الى جامعة بغداد وعين استاذا في كلية التربية -جامعة بغداد ، وكان هذا من حسن حظنا نحن الطلبة اذا كان يحمل فضلا عن تخصصه في الاقتصاد ، خبرة عملية .
نعم عرفناه ابا حنونا قبل ان يكون استاذا للاقتصاد . كان يسألنا عن جوانب من الحياة ومرة كما كتبت سألنا عن معنى السعادة واجبناه لكنه قال : " ان السعادة هي في انتظار السعادة " .. كان يحنو علينا ويسألنا عن اوضاعنا في القسم الداخلي ، وكان متحدثا لبقا رافقنا في سفراتنا وكان يجتمع بنا في السفرة ليحاضر بيننا في معنى الحياة ، تعلمنا منه الكثير وكان يشاركنا في كل فعالياتنا من قبيل حفلة التعارف وكان غير بعيد عن ما نحس به من معاناة كطلبة خصوصا نحن ابناء المحافظات البعيدة . كانت شخصيته متزنة واسلوبه في الحديث لطيفا .
وكنا نعرف انه كان معروفا في الدولة ، فله علاقات كثيرة وقوية جدا مع كثير من الشخصيات السياسية والثقافية والادبية والعلمية امثال العلامة الدكتور مصطفى جواد ، والدكتور محمود عزيز شكري ، والدكتور محمود غناوي الزهيري ، والدكتور فاضل حسين .
ألّف (كتابين) في حقل تخصصه في الاقتصاد السياسي وتم ارسالهما الى بيروت للطباعة في أخريات ايام حياته ولكنه توفي رحمه الله ولم تتم عملية متابعة الكتب .لكن مما ينبغي ذكره انه اهتم في أواخر حياته بقراءة القرآن الكريم ، وحفظه ومطالعة تفاسيره، كما إهتم ايضا بجمع التُحف والانتيكات والاشياء الثمينة كالألماس والاحجار الكريمة، وظل كذلك حتى وفاته) رحمه الله سنة 1997 م .بعد وفاته دفن في مقبرة اسرته آل حنونة في مدينة سامراء حيث اهله و عائلته وعشيرته هناك
علمتُ ان له ولد واحد فقط إسمه (حميد) سافر الى تركيا ثم الى لندن وانقطعت اخباره الى يومنا هذا. كما يذكر ايضا ان والد الاستاذ رشيد وهو الشيخ والوجيه عبد الحميد حنّونة) كان يعد من الشخصيات المعروفة على مستوى العراق .كان من الوجوه والرموز المهمة اجتماعيا والتي لها تأثير قوي جدا خاصة أبان العهد الملكي وما بعده فقد كان رحمه الله احد اعضاء مجلس الاعيان في بغداد آنذاك وكانت له علاقات واسعه مع كبار الشخصيات السياسية ، وكذلك كبار التجار في العراق ، ومن ابرز الشخصيات التي له علاقه بها هو رئيس الوزراء انذاك نوري سعيد باشا وكذلك ياسين الهاشمي ، وجميل المدفعي ، وعبد العزيز القصاب رئيس مجلس النواب، والسيد محمد الصدر رئيس مجلس الأعيان .
رحم الله استاذي الاستاذ رشيد حنونة ، وطيب ثراه وجزاه خيرا على ما قدمه لطلبته ولبلده وأمته .