هل بقى جرم لم ترتكبه دولة الاحتلال؟
الاستاذ الدكتور عبدالرزاق محمد الدليمي
هل بقى جرم لم ترتكبه دولة الاحتلال؟
كشف د بشار الجعفري ممثل سوريا في الامم المتحدة احد مسلسلات التآمر على العراق عندما روى ماتم تنفيذه من مؤامرات داخل مجلس الامن وكر التآمر على الشعوب المغلوبة على امرها ،حيث خطط المشاركون في ذلك الاجتماع (2008) لتغييب الوثائق والمعلومات التي تثبت عدم امتلاك العراق للاسلحة النووية او غيرها وكانت تلك الوثائق احد الاكاذيب التي استغلتها امريكا وبريطانيا لاحتلال العراق ، والتي غيرت وجه العالم ، حيث تعمد الغزاة المجرمون القتلة الطغاة الظُلّام المُعتدون الناهبون للخيرات والثروات المُزيِّفون للحقائق والوقائع والتاريخ ، الطامحون للسيطرة والهيمنة على الآخرين ، المُصادرون للحقوق والحريات ، تقودهم امريكا وبريطانيا والصهيونية وحلفائهم ، والمعروف انهم قادة السمسرة والظُلم والعدوان والمتاجرة بآلام المُستضعفين .وهل هناكَ أحداً بالعالم يُصدّق ويعوّل ويتمسّك على ما يُسمّى بالأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظّمات والجمعيات والعالم الميّت الضمير ،وما يصدُر منهم من قوانين زائفة وقرارات ظالمة مُتشدّقة بالإنسانية ودعوات مفضوحة مُجحفة بحقّ الشعوب الحرّة .نعم ، هناك الكثير من الحقائق والخفايا التي دُفنتْ واخفاها مجلس الأمن الدولي فيما يخصُّ قضية العراق في صناديق الأرشيف المقاومة للنار والرصاص والتي كانت أقفالها من نوعٍ خاص لا يعرف رقمها السري إلاّ الأمين العام للأمم المتحدة حصرياً ، ولا تفتح إلاّ بعد ست عقود من الزمن ، وهل بفعل الجريمة النكراء يمكن أن تنسى أجيال العراق ، وكلّنا يعلم الحقيقة من جرّاء ما وقع من تعدّي وتجنّي وظلم على العراق والعراقيين ، وهو المحاباة والمجارات للإرادة الأمريكية التي تقودها الصهيونية ، والتي سعت دائماً إلى الانتقام وتدمير وتحطيم العراق ونظامه الأصيل والخلاص من مواقفه الوطنية والقومية والإنسانية ، ولأنه بلدٌ مُستقل لهُ سيادة وقيادة ونظام حُر أبي ، والغاية يعرفها القاصي والداني ، هي تأمين وحماية اللقيطة إسرائيل ، لأن العراقيين ، اذا قالوا فعلوا ، وهم لا يخضعون للضغوطات والتحدّيات والتهديدات والأوامر الخارجية ، ولهذا دفع الثمن باهضاً ....
هل ان الدين افيون الشعوب؟
قال غوستاف لوبون (الشعوب المتدينة لا تشعر بتأنيب الضمير عندما ترتكب خطأ اخلاقيا او قانونيا،لانها نشأت على مفهوم ان العبادة تمحي الذنوب!!!) ،لا يوجد أبشع ولا أسوأ من علماء السلاطين، الذين يوظفون الدين والطائفة في خدمة السياسة من أجل إضفاء «الشرعية الدينية» على أنظمة سياسية دنيوية من صنع السيئين من البشر، كما لا يوجد أبشع ولا أسوأ من سياسي متأسلم فاسد يستغل الطقوس الدينية على أساس مصلحية فئوية، وليس التعاليم السماوية للدين الذي يعتنقه.
من وعاظ السياسة من يطلون علينا يوميا عبر وسائل الاتصال المختلفة ليقدموا آراء وفتاوى دينية طائفية ُبألتحريم والتحليل وفقا بما ينفعهم وهؤلاء مدعي الدين ذاتهم لا يتورعون ولا يخجلون في الدفاع عن النظام الذي فرضه الاحتلال بالعراق سواء بقتل الأطفال والمدنيين الأبرياء ، ولا حكم اعتقال أكثر مئات الالاف من العراقيين ، وإخفاء جثثهم.. فكل هذا حلال في دينهم الذي يعتنقوه في دينهم المزعوم فإن الزنا والسرقة والقتل يكون حلالاً، إذا ارتكبه الحاكم، وعاظ السلاطين في العراق مخلوقات عجيبة أيضاً، فهم لا يتورعون عن إصدار فتوى دينية ومن ثم يصدرون عكسها بعد سنوات قليلة، وكأن الدين الاسلامي يتغير في بداية كل عام، أو مع تغيير النظام السياسي، فالجهاد الذي خاضه العراقيين ضد الاحتلال كان ارهابا ،ولا يمكن لأحد أن يفهم متى تكون عمليات التصدي للاحتلال «جهاداً» ومتى يصبح «إرهاباً» إلا إذا فهم الموقف السياسي للنظام الذي يدافعون عنه هؤلاء ،لأن الإرهابي هو كل من يعارض النظام السياسي الفاسد المتخلف في العراق المحتل الذي ينتمي له مدعي الاسلام.
وعاظ السلطة وخدامها ظاهرة سلبية، لاستخدام الدين في السياسة ، وهو نوع من النفاق للحكام ونظامهم السياسي الفاسد، يصدرون فتاويهم واحكامهم، بناء على تعليمات دنيوية فئوية لا علاقة لها بالدين جاء بالحديث الشريف (إذا رأيتَ العالم يتقرب من السلطان فاعلم بأنه منافق)، بينما نجد اليوم ان بعض دعاة الدين يتقربون من السلطان، ويأتمرون بأمره وينفذون كل رغباته، مقابل المال منه وهي فتاوى لا يُصدقها العقل ولا تمت للدين بصلة.
مطلوب التغيير وليس الاصلاح
ان الشئ الملفت منذ احتلال العراق في نيسان 2003 عمليات استغلال الدين وتوظيفه من قبل السياسيين (الذين لايعرفون الله) بطريقة غير سليمة لتحقيق اهداف سياسية واقتصادية ، للتأثير في الناس وتوجيههم بأتجاه معين وهذا ما لمسناه عندما استخدم الدين كوسيلة لكسب المؤيدين في الانتخابات بشعارات براقة ومنمقة واستغلال الشعب المخدر دينيا ،حيث اخرجوا الدين عن جوهره الصحيح وحولوه الى اداة توظف سياسيا لغرض تحقيق اهداف ومصالح سياسية بحتة،لذلك وانطلاقا من هذه الاهمية التي يحضى بها العامل الديني في التأثير على توجهات الناس وسلوكهم في التعامل الحياتي في الجانب السياسي او الجوانب الاخرى ولابد وان يتاثروا بما يملى عليهم سيما الخرافات والهرطقات الى درجة تصبح فيه الممارسات الغريبة والهجينة هي الدين الصح وما دونه الخطأ . على مر العصور استخدم الدين وبعض الطقوس الغريبة عنه التي لا علاقة لها بالدين وسيلة لاخضاع الشعوب من قبل السلطات التي تسخر الدين لتحقيق مآربهم مستغلين علاقة الانسان به ، الامر الذي شجع الحكام في توظيف هذا العامل لصالح ترسيخ حكمهم ولكسب ود الناس وطاعتهم، فعلى مدار العصور التاريخية المختلفة أدعى الكثير من الحكام أن لديهم تفويضا إلهيا، وهو الذي أعطاهم تفويضا لقيادة الأمة، وعليهم ان يخلصوا للحاكم والتزام طاعته وحكام اليوم في العراق يرجعون بنا الى العصور الوسطى المظلمة، نتيجة لسيطرة المؤسسة الدينية على مقدرات الناس بادعائها التمثيل الالهي او ظل الاله في الارض الامر الذي يحتم على الناس طاعتها تقربا الى الله، ان الاحزاب السياسية مدعية الاسلام تتلاعب في خيوط حياتنا وهي من اوصلت العراق الى هذا المستوى من الضعف والهزالة ولذلك لم تأتي رغبات الشعب ومطالباته القوية بالتغيير وليس الاصلاح محض الصدفة بل شهد العراق حركات وثورات قام بها الشعب منذ ان وطئت اقدام المحتل القذرة ارض العراق الطاهرة، واجتاز العراقيين حاجز الخوف وكانت الضربة الاولى للمؤسسات التي استغلت الدين في الامور السياسية و كانت هذه الثورات هي اللبنة الفعلية للنضال لفصل الدين عن الدولة.
الطائفية منهج فاشل
كتب الباحث العراقي فاروق يوسف الشيعة يحكمون منذ عقد ونصف العقد في العراق، أتباع إيران وخصومهم على حد السواء، ولم يتغير شيء؛ لا الفساد أصبح أقل ولا نسبة الفقر انخفضت وشيعة العراق تضرروا من هيمنة إيران ....هل أن إيران حريصة فعلا على وحدة الصف الشيعي في العراق أم أنها تعمل بقوة من أجل تعميق حدة الخلافات بين أتباعها وخصومهم من الشيعة من أجل استمرار الانسداد السياسي؟..العراق اليوم بلد عاطل سياسيا، حاله في ذلك حال لبنان. دولتان فاشلتان على الورق وكل المسميات السياسية فيهما مجازية. فلا الحكومة حكومة ولا رئيس تلك الحكومة لديه برنامج لتصريف شؤون المواطنين على الأقل. ناهيك عن غياب المشروع السياسي الوطني بشكل كامل.. الشيعة يحكمون منذ عقد ونصف من الزمان في العراق، أتباع إيران وخصومهم على حد سواء ولم يتغير شيء. لا الفساد أصبح أقل ولا نسبة الفقر انخفضت. العكس هو الصحيح. الفساد استفحل والفقراء ازدادوا فقرا. ولا يملك العراقيون أملا في تغيير تلك المعادلة. أما من يلوح بالتغيير القادم فهو إما متحزب مستفيد أو منافق يستعمل سلاح التقية ،أما في لبنان فإن الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل يحكمان بتفويض أو من غيره. لا أهمية لعدد المقاعد في مجلس النواب ما دام السلاح الإيراني بيد ميليشيا حسن نصرالله ورئاسة المجلس مكتوبة على جبين نبيه بري منذ عقود ،العراقيون واللبنانيون الشيعة غرباء عن أنفسهم، بل هم مخطوفون. ما تمكنت منه إيران ليس وليد اليوم. إنه نتاج أخطاء متراكمة ارتكبتها المجتمعات
لم يغادر لبنان فشله، دولة وحكومة وشعبا، فبغض النظر عن الحراك السياسي فإن القرار السياسي في قبضة إيران عن طريق مندوبها الرسمي المخول الثنائي الشيعي وليس هناك من أمل في أن يكون التفاهم مع الأطراف السياسية الأخرى حقيقيا. المطلوب أن يستسلم الجميع لإرادة ليس من مصلحتها أن يخرج لبنان من عنق الزجاجة كما يُقال على سبيل السخرية،لا العراق ولا لبنان سيكونان في وقت قريب قادرين على أن يشكلا حكومة من النوع الذي يملك مشروعا سياسيا مستقلا ينهض بالبلدين ويضعهما على الطريق التي توحي بالثقة بأن هناك مستقبلا واضح المعالم ولو على المدى البعيد،
ان تجربة التبعية لإيران لا يمكنها أن تنتج سوى مزيد من التخلف والجهل والفقر والفوضى. فإيران لا تملك شيئا إيجابيا تعطيه للآخرين. وليس لمَن يتبعها استعداد إلا لممارسة طقوس يُقال إنها دينية، من شأنها أن ترسخ الجهل والتخلف وتعمق درجة الفقر وتنشر الفوضى ،كل ذلك يقع تحت شعار الدفاع عن المذهب. وهل كانت إيران حين رفعت شعار تصدير الثورة تفكر في العلم والتقدم والترف؟ فالثورة تعني سلطة رجال الدين الذين يحكمون المجتمع بنظام الحلال والحرام المستلهم من القرن الرابع الهجري الذي تفصلنا عنه أكثر من عشرة قرون ،ذلك ما يظهر على السطح، غير أن لإيران الخمينية التي يقودها اليوم علي خامنئي مشروعها السياسي وهو مشروع احتلال توسعي لم يعد سريا أو خافيا على أحد. فلا أتباعها ينكرونه ولا خصومهم من الشيعة يستنكرونه ،تظل إيران مرجعية مذهبية للشيعية السياسية بغض النظر عما يُقال عن مسافة هذا الطرف أو ذاك التي تفصله عن إيران التي تتعامل باطمئنان مع الخلافات القائمة بين الأطراف الشيعية العراقية. وهو ما ينفي الطابع الوطني الذي ينادي به البعض ،وإذا كان العراقيون الشيعة قد شدّوا الحزام في انتظار التيار الصدري لكي يتأكدوا من أن وطنيتهم ستأخذ طريقها إلى التنفيذ الواقعي وهو أمل قد يكون سرابا، فإن اللبنانيين الشيعة هم الأكثر يأسا لما عاشوه من واقع مرير أكد لهم أن شيعيتهم هي الطريق التي تؤدي إلى مزيد من الفقر والجهل والتخلف. وهو ما يناقض حقيقة أن وطنيتهم سترى النور يوما ما ،العراق اليوم بلد عاطل سياسيا، حاله في ذلك حال لبنان. دولتان فاشلتان على الورق وكل المسميات السياسية فيهما مجازية ،فما دام حزب الله هو الذي يرأس تمثيلهم في النظام الطائفي فإن وطنيتهم ستكون بعيدة المنال. سيكونون دائما محرومين من نعمة الإخلاص والوفاء للبنان. لن يكون لبنان إلا ولاية تابعة للولي الفقيه وهم محكومون بذلك القدر الذي لا يمت إليهم بصلة ،العراقيون واللبنانيون الشيعة غرباء عن أنفسهم، بل هم مخطوفون. ما تمكنت منه إيران ليس وليد اليوم. إنه نتاج أخطاء متراكمة ارتكبتها المجتمعات. كانت هناك كذبة اسمها الشيعة العرب صدقها الكثيرون. تحت طاولة تلك الكذبة عمل حزب الدعوة في العراق وحزب الله في لبنان على تخدير المجتمعات وإيهامها بأن تصدير الثورة لا يمس الهوية الوطنية. كانت تلك واحدة من أكبر الأكاذيب ،لم تكن تلك الكذبة ممكنة إلا لأنها ارتبطت بالفقر والجهل والتخلف. كان الفقر مطلوبا لكي تكون ثقافة الدعاء حاجة يومية مطلوبة وكان التخلف مهماً لكي لا يفرق المرء بين الاحتلال السياسي والمذهب ،لقد نجحت إيران في تدجين شيعة العراق ولبنان. وهم اليوم في حيرة زائفة من أمرهم. هل يصدقون أنهم عراقيون ولبنانيون من غير أن يكونوا على المستوى الوطني كذلك أم أن ينضموا إلى المشروع الإيراني فيخسروا كل شيء، وطنهم وضمائرهم الوطنية؟