على الرغم من اختفاء بعض مظاهر الفرح والزينة التقليدية في شوارع قطاع غزة بمناسبة حلول عيد الفطر السعيد؛ إلا أن الغزيّين أبدعوا في إدخال الفرحة والبسمة إلى بيوت عوائل وأسر الشهداء والمعتقلين وأطفالهم، وذلك من خلال الزيارات الاجتماعية التي ينفذونها في صباح كل عيد، حيث يتوافد المواطنين زمرًا إلى منازل هؤلاء للتخفيف من الجرح الذي أوجده الاحتلال الصهيوني البغيض.
سُنَّة حسنة
وتعليقًا على هذه "السنة الحسنة" يقول عبد العزيز سالم وهو أحد ممثلي حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في إحدى لجانها الاجتماعية في قطاع غزة: "نحن في كل مناسبة سعيدة نعمل جاهدين على إدخال الفرحة إلى منازل أسر الشهداء والأسرى من خلال طرق أبوابهم صبيحة كل عيد من باب المؤازرة والوقوف إلى جانبهم ومحاولة منا لتعويضهم عن مصابهم الجلل".
ويضيف سالم : "نجمع شباب المساجد قبل العيد بيومين ونقوم بتكوين منهم مجموعات بحيث تتكفل كل مجموعة منهم بزيارة لعدد من أسر الشهداء والأسرى، وفي خلال ساعتين من صبيحة العيد نكون قد زرنا كافة عوائل هؤلاء بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية".
استقبال حافل
ويؤكد سالم أن العائلات تستقبلهم استقبالاً حافلاً، وتقدم لهم الحلوى وتطالبهم بأن تبقى هذه الزيارات بشكل مستمر، لافتًا إلى أنهم يهدفون من وراء هذه الزيارات الاجتماعية إلى تقوية الصف الفلسطيني وتعزيز معاني الوحدة والتلاحم بين الناس وتلك العوائل التي فقدت أبنائها بسبب الاحتلال الصهيوني.
ويردف إلى أنهم يحاولون أن تكون الزيارات كمصافحة عند الباب، وتقديم الهدية لهم دون الدخول إلى المنازل، مستدركًا: "لكن الأهالي يرفضون ذلك، ويصرون على أن ندخل منازلهم ونتناول عندهم الشاي وبعض الحلويات".
يخففون من معاناتنا
وحول الموضوع نفسه يقول الشاب محمد النجار -وهو شقيق أحد الشهداء-: "نحن نكون سعداء جدًّا بالزيارات الاجتماعية التي ننفذها صبيحة كل عيد، فأفراد عائلتنا وأقاربنا يتجمعون في منزلنا صبيحة العيد ننتظر هذه الزيارات التي هي بالنسبة لنا لمسة وفاء نحترمها".
وتشاطره الرأي الحاجة أم عبد الله مبارك والدة أحد الشهداء فتقول: "لا تشعرون بالسعادة التي أشعر بها في يوم العيد حينما تدق مجموعات المواطنين منزلنا لتهنئنا بالعيد"، وتضيف: "هذه الزيارات تدخل الفرحة إلى قلوبنا وتخفف عنا معاناتنا التي نتذكرها في كل يوم حيث فقدت ابني عبد الله خلال العدوان الصهيوني على قطاع غزة أواخر عام 2008م".
فيما يعبر الشاب شادي فريح -وهو شقيق أحد الأسرى- عن سعادته الغامرة بمثل هذه العادات الحسنة التي ينفذها المواطنون في قطاع غزة صبيحة العيد، ويقول: "أصدقاء أخي حسام (المعتقل لدى الاحتلال) يزوروننا في كل عيد وفي كل مناسبة سعيدة، ويدخلون الفرحة إلى منزلنا ويرسمونها على وجوه أطفاله (عبد الله ومحمد)، ونحن نكون سعداء جدًّا بهذه الزيارات".
ويتمنى شادي أن يأتي العيد القادم وقد تحرر كافة المعتقلين في سجون الاحتلال وعادوا إلى أهلهم وذويهم وأطفالهم، وقد زال الاحتلال وتحررت المقدسات.
المقابر تتحول إلى ساحات تهاني!
وعلى وقع الجراح المثخنة؛ فإن عشرات المواطنين يؤمون المقابر صبيحة العيد حيث تتحول إلى ساحات لتقديم التهاني بالعيد الحزين الذي يمر على ذوي الشهداء الذين فقدوا أبنائهم بسبب الاحتلال الصهيوني، فلا تكاد تدخل شارع من شوارع قطاع غزة إلا وفيه بيت لشهيد أو أكثر أو مكان لمجزرة ارتكبها ذلك الاحتلال.