القاضي رحيم العكيلي لرووداو: اطلاق سراح نور زهير سابقة خطيرة في القضاء العراقي..ويجب محاكمة جميع الفاسدين
روداو:ما تزال الاوساط الشعبية والاعلامية العراقية تعيش صدمة قرار القضاء العراقي باطلاق سراح نور زهير، المتهم الرئيسي بما اطلق عليه"سرقة القرن" بكفالة مالية مقابل تعهده باعادة الاموال التي سرقها من هيئة الضرائب، والبالغة، حسب رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني الذي أكد بأن "الأموال المصروفة تبلغ ثلاثة ترليونات و754 ملياراً و642 مليوناً و664 ألف دينار".، بدلا من ايداعه السجن لحين محاكمته.
رئيس هيئة النزاهة الاسبق، القاضي رحيم العكيلي، قال في حديث لشبكة رووداو اليوم الاربعاء، 30 تشرين الثاني 2022، ان:"قرار اطلاق سراح المتهم الرئيسي بسرقة العصر، نور زهير، بكفالة مالية يعد سابقة خطيرة في تاريخ القضاء العراقي"، مشددا على انه:"لا يمكن اطلاق سراح متهم بسرقة اي مبلغ، سواء كان بسيطا ام ضخما من الموال الدولة، بل يجب ايداعه التوقيف حتى يحين موعد محاكمته، خاصة وان جميع الادلة ثابتة على قيامه بالجريمة."،مشيرا الى انه:" اذا قام مواطن اعتيادي بتحرير صك بمبلغ 50 مليون دينار عراقي لشخص آخر في موضوع لا يتعلق باموال الحكومة ولم يتم صرفه فالقضاء العراقي سيحكم بحجزه في التوقيف حتى يسدد كامل المبلغ ومن ثم تتم محاكمته ولن يطلق سراحه الا اذا سدد كامل المبلغ، فكيف الحال مع متهم اعترف بسرقة مبلغ ضخم من اموال الدولة مثل نور زهير".
وكان السوداني قد اوضح في مؤتمر صحفي، الأحد الماضي،27 تشرين الثاني 2022، بان:" التحقيقات توصلت إلى أنّ المبلغ الإجمالي المذكور صُرف إلى المتهم نور زهير جاسم، وستُجرى استعادة هذا المبلغ الذي اعترف به، والحجز على الأملاك التي بحوزته، وهي تفوق هذا المبلغ". مشيرا الى انه:"تم الاتفاق بين محكمة تحقيق الكرخ الثانية مع المتهم نور زهير على جدولة لاسترداد كامل المبلغ الذي في حوزته"، منوهاً إلى أن القاضي المختص "سيصدر أمراً بإطلاق سراح نور زهير بكفالة لتسليم كامل المبلغ خلال أسبوعين".
السوداني، كشف، ايضا، أن اللجان التحقيقية "توصلت لنتيجة بصرف 114 صكاً للمتهم نور زهير بمبلغ إجمالي أكثر من ترليون وستمائة وثمانية عشر مليار وثلاثمائة وسبعين مليون وثمانمائة واثنين وثمانين ألف دينار عراقي".
وأضاف: أنه تم "صرف 37 صكاً بمبلغ إجمالي قدره 624 مليار دينار لشركة بادية المساء"، موضحاً أن المدير المفوض لشركة بادية المساء يدعى "عبد المهدي توفيق ومالكها المتهم عبد الرحمن محمد إبراهيم". منبها الى انه:"تم "صرف 66 صكاً بمبلغ إجمالي 982 مليار دينار لشركة الحوت الأحدب لمديرها المفوض الهارب عبد المهدي توفيق ومالكها المتهم قاسم محمد".
إضافة إلى "صرف 45 صكاً بمبلغ إجمالي 607 مليارات دينار لشركة رياح بغداد لمديرها المفوض عبد المهدي توفيق ومالكها الملقى القبض عليه حسين كاوة".
السوداني أكد بأن "الأموال المصروفة تبلغ ثلاثة ترليونات و754 ملياراً و642 مليوناً و664 ألف دينار".، مضيفا بان:" التحقيقات "لن تستثني أيَّ أحدٍ تورّط فعلاً في هذه الجريمة"، مبيناً أنه "جارٍ تعقب وملاحقة باقي المتّهمين والعمل على استرداد كامل الأموال المسروقة". موضحا بأن "القسم الأكبر من المبلغ لدى نور زهير هي عقارات".
قاضي محكمة تحقيق الكرخ المختصة بقضايا النزاهة ضياء جعفر، اصدر بالفعل يوم الاثنين 28 تشرين الثاني 2022، اي بعد يوم من المؤتمر الصحفي لرئيس الوزراء، قرارا باطلاق سراح نور زهير، وقال في توضيح صحفي، أن "عملية إطلاق سراح نور زهير احد المتهمين بسرقة الأمانات الضريبية بكفالة مالية تمت استناداً لما ورد بقانون اصول المحاكمات الجزائية بعد أن ابدى استعداده لتسليم المبالغ المالية المترتبة بذمة شركاته واجراء التسوية المالية البالغة أكثر من تريليون وستمئة مليار دينار خلال فترة زمنية محددة"، مؤكداً انه "لا صحة لما يتداول بان إطلاق سراح المتهم نور زهير كان لغرض السماح ببيع العقارات المحجوزة وان جميع العقارات محجوزة ولن يرفع عنها لحين اكتمال التحقيقات".
وأضاف جعفر أن "المتهم نور زهير سيحال على المحكمة المختصة لاجراء محاكمته اصوليا بعد تسديده كامل المبالغ التي بحوزته"، مضيفا أن تسليم المبالغ المالية يعد من الظروف للاحكام القضائية".
وحول شرعية ومدى قانونية قرار اطلاق سراح المتهم نور زهير، قال القاضي رحيم العكيلي:" من الناحية القانونية هناك نص يجيز هذا الاجراء، لكنه غير معمول به ولم يستخدمه القضاء العراقي خاصة في قضايا تهم اموال الدولة، بل ان استخدام هذا الحق يعد من المستحيل." مؤكدا:" لا يمكن اطلاق سرح متهم بسرقة اموال الدولة خاصة مبلغ ضخم مع وجود الادلة والاعترافات"، مشيرا الى" القرار 120 الذي كان معمولا به في عهد النظام السابق يمنع اطلاق سراح اي متهم باختلاس او سرقة ولو دينار واحد من اموال الدولة، بل يبقى المتهم في الحجز حتى يحين موعد محاكمته ولن يطلق سراحه حتى لو نفذ الحكم القضائي ما لم يسدد جميع الاموال التي اختلسها، لكن هذا القرار الغاه مدحت المحمود كونه يتعارض مع حقوق الانسان حسب تبريره". مؤكدا بان" حق الادعاء العام يفرض بقاء المتهم باختلاس اموال الدولة في الحجز لحين محاكمته واحتساب مدة التوقيف من محكوميته، لان المتهم، خاصة اذا سرق مبالغ كبيرة من الدولة يمكن ان يهرب الى خارج العراق خاصة في مثل ظروف البلد الراهنة حيث الحدود مفتوحة مع ايران وسوريا".
واضاف الرئيس السابق لهيئة النزاهة، القاضي رحيم العكيلي قائلا:"ان المادتين 183 و 184 من قانون اصول المحاكمات الجزائية منحتا الحق لقاضي التحقيق باطلاق سراح المتهم بكفالة، من تلقاء نفسه، لكن المشرع وبناءا على تشديدات الادعاء العام وضع الحجز على جميع الاموال المسروقة من خزينة الدولة وبما تحولت اليه من عقارات وما استولدت به من فوائد ومصادرتها، واحالة المتهم الى محكمة الجنايات." وذكر:" كنا في قضية زينة سعود، الموظفة السابقة في أمانة بغداد والتي اختلست 40 مليار دينار عراقي، قد قررنا الحجز على جميع اموالها واسترداد الاموال التي هربت الى خارج العراق، وبالفعل تم رسميا وبطرق قانونية، استرداد اكثر من 9 ملايين دولار من لبنان كما استرجعنا اموال اخرى من سوريا، بينما امتنعت الادن من استرجاع الاموال وصادرتها لصالحها".
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد اكد على أن التحقيقات "لن تستثني أيَّ أحدٍ تورّط فعلاً في هذه الجريمة"، مبيناً أنه "جارٍ تعقب وملاحقة باقي المتّهمين والعمل على استرداد كامل الأموال المسروقة وان هناك جهات داخل هيئة الضرائب وأخرى رقابية ومسؤولة سهلت عملية سرقة الأمانات"، لافتاً إلى أن "اللجنة التحقيقية أشرت المخالفات والمقصرين بتسهيل الاستيلاء على أموال الأمانات".
وأضاف، أن التحقيقات "لن تستثني أيَّ أحدٍ تورّط فعلاً في هذه الجريمة"، مبيناً أنه "جارٍ تعقب وملاحقة باقي المتّهمين والعمل على استرداد كامل الأموال المسروقة".
القاضي رحيم العكيلي عقب على تصريحات السوداني قائلا" من الممكن، وبالطرق الدبلوماسية او حسب الاتفاقيات بين البلدان، خاصة دول الجوار الاقليمي للعراق، استرداد الاموال المسروقة والمهربة والقاء القبض على المتهمين الهاربين، وهذا يعتمد على طبيعة الاتفاقات والبروتوكولات بين العراق وهذه البلدان، لكنه من الصعب جدا استرداد هذه الاموال من الدول الغربية، اوربا والولايات المتحدة كونهم لا يثقون بالاجراءات العراقية، وهذه تحتاج الى اجراءات مطولة ومكلفة لكن ما نسبته 90% من هذه الاموال المهربة لن تعود الى العراق خاصة اذا كان المتهم يحمل جنسية هذا البلد او ذاك". مشددا على ان:" هذه جريمة اختلاس اموال الدولة وفيها شركاء كثر واغلبهم موظفين في الحكومة، والمتهم الرئيسي، نور، هدد بالكشف عن جميع شركائه ومن بينهم جهات نافذة في الدولة، ويجب محاكمتهم جميعا، وحسب الادلة فان هناك 247 جريمة سرقة في هذه القضية واذا عرفنا ان اقل عقوبة لجريمة الاختلاس هي 10 سنوات سجن فان المتهمين يجب ان يعاقبون بالسجن 2470 سنة لكل منهم."
وعن قرار الهيئة العليا لمُكافحة الفساد عن تنفيذ أمر القبض الصادر بحقِّ رئيس اللجنة الماليَّـة النيابيَّة للدورة السابقة والمُستشار السابق في رئاسة الوزراء؛ هيثم الجبوري، بتهمة تضخُّم الأموال والكسب غير المشروع. قال العكيلي:" بلا شك ان القرار صحيح، ولكنني اخشى ان يكون قرار سياسي وهدفه الانتقام من الجبوري بسبب مواقف سياسية سابقة مع قيادات في الاطار التنسيقي، وإلا لماذا لم يتم القبض عليه سابقا، ثم لماذا لا يتم القاء القبض على آخرين سرقوا وما زالوا يسرقون المال العام منذ سنوات طويلة وصاروا يملكون مليارات الدولارات ولن يتطرق اليهم احد." منبها الى ان مكافحة الفساد يجب ان تشمل جميع الفاسدين، وان لا تستثني اي فاسد".
وفيما يتعلق بإجراءات رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بمكافحة الفساد، قال العكيلي:" يبدو لي ان السوداني محرج، فهو يدعو الى مكافحة الفساد، وهذا قرار حكيم جدا لكنه لن يستطيع تنفيذه بسبب سيطرة احزاب الاطار التنسيقي على قرارات الحكومة، وقد خيب املي عندما تم اطلاق سراح المتهم نور زهير بكفالة، وهذا مؤشر سلبي تماما."، منبها الى ان" مكافحة الفساد ليست مجرد شعارات بل تحتاج الى شفافية تكشف عن الفاسدين وقوانين مشددة تعاقب الكل دون استثناء، وحتى اذا كان السوداني جاد في حملته ضد الفساد فان الوزارات ستقف ضده، لان غالبية الوزراء جاءوا من اجل اهداف محددة هي السرقة والمصالح الشخصية وتوزيع الميزانية فيما بينهم، ولم ياتوا من اجل خدمة الوطن والشعب..مكافحة الفساد تحتاج الى ارادة سياسية، فاذا عرفنا ان السياسيين هم مو اوجدوا الفساد فكيف ستتم مكافحته خاصة وان الفساد اصبح عقيدة والسراق صاروا لا يخجلون مما يفعلوه وتحول حسب تقييمي الى(فرهود) لاموال الشعب".