تأمين المطارات العراقية أمنيا
فارس الجواري
تأمين المطارات العراقية أمنيا
لقد مر العراق واغلب الدول العربية بما يسمى (أستغلال أو بمعنى شبيه الاحتلال ) لكل موارد وخيرات هذه الدول خلال فترة ماقبل وبعد استقلالها وحصولها على سيادتها الكاملة لذلك كانت فرحتنا كبيرة وزاهية حين نسمع بين الحين والاخر بتأميم أحد هذه الموارد من القبضة القسرية للاجنبي الجاثم على أنفاسنا لاستغلال تلك الثروة التي هي حق وملك حصري لشعوب تلك الدول ولعل خمسينيات وسبيعنيات القرن الماضي شهدت أعظم حالتي تأميم لدولنا العربية الاولى في مصر عندما تم تأميم قناة السويس ذلك الممر البحري الذي لطالما ذهبت خيراته للانكليز تحت أنظار أبن البلد , والحالة الثانية والمهمة في تاريخ الدولة العراقية الحديثة هو تأميم شركات النفط الاجنبية وتحديدا البريطانية التي كانت تنهب مقدرات العراق تحت أنظار أبناءه وكم كانت مشاعرنا الوطنية جياشة تجاه هذه الانجازات التي قام بها أهل العراق او مصر ( بتأميمهم ) هذه المكتسبات المشروعة لشعوب تلك الدول .
من هذه المقدمة التي مرت بمخيلتي وأنا أكتب هذه المقالة التي أحسست ولولهة أنها متشابهه في ( بعض ) تفاصيلها مع الموضوع المطروح في المقالة وهو أمن وحماية المطارات العراقية والتي لطالما ومنذ سنوات ثلاث وانا أكتب عن هذا الموضوع الحيوي والحساس لتفعيل دور مديرية داخل وزارة الداخلية معنية بحماية أمن المطارات العراقية كافة وكنت قد كثفت من طرحي لهذه الازمة في الفترة الاخيرة من خلال وسائل الاعلام ومنشورات الصفحات الالكترونية بل اكثر من ذلك حاولت أرسال هذه المقترحات بحلولها الواقعية الى المسؤولين في الحكومة وخصوصا أن الموضوع بدأ يأخذ منحا خطيرا وخصوصا في مطار العاصمة العراقية عندما بدأت هذه الشركات الاجنبية ومن أتى بهم الصراع فيما بينهم للاستحواذ على المطار وهو غير خافي للعلن حيث أن الشركة البريطانية تصارع من اجل البقاء في مطار بغداد مع غريمتها الشركة الكندية كون أن مبلغ التعاقد كبير جدا ويتجاوز العشرين مليون دولار سنويا والغريب والعجيب في هذا التعاقد المالي الضخم أن هاتان الشركتان تعمل بموظفين عراقيين ولايوجد معهم سوى بعض الافراد من الجنسيات الاخرى كأشراف عليهم من خلال خبرة تم أكتسابها بتدريب وتأهيل في مراكز تخصصية معتمدة من المنظمة الدولية للطيران المدني وهذه المراكز متواجدة في كل أنحاء العالم وبل بالامكان فتحها داخل العراق بسهولة لتدريب وتأهيل كوادر عراقية ضمن لوائح وقوانين دولية للوصول بهم لمستوى هؤلاء وأكثر .
مازالت هناك تلك المفاهيم المغلوطة التي يحاول من له مصلحة ببقاء هذه الشركات الاجنبية يمرر المعلومات والأفكار التي تدعو الى عدم الاعتماد على الكوادر المحلية في أدارة أمن المطارات العراقية متناسيا أن الامن الحقيقي حاليا هم كوادر عراقية تعمل تحت مظلة الاجنبي بعقود ظاهرها رنان وحقيقتها مخزية حيث يوقع هذا الموظف على عقد بمبلغ لم يستلم منه سوى 50% والباقي يذهب للاجنبي بحجج واهية منها الضمان والملابس وغيرها من ابواب الاستقطاع من معاش العراقي الذي يعمل بكل جد واخلاص وكفاءة لمدة تزيد عن ال 12 ساعة يوميا بل أن هناك أشهر لم يستلم فيها هذا الموظف المسؤول عن عائلة او ايجار سكن مبلغه لشهرين او أكثر كما حاصل في هذه الفترة الحالية دون أن يكون هناك من يدافع عن حقوقه , لذلك أطالب بضم هؤلاء الكوادر المتخصصة والعاملة منذ سنوات بكفاءة تحت مظلة حكومية عراقية تحافظ أولا على كرامته كعراقي وثانيا على أستحقاقه المالي والمعيشي الذي يليق بما يقدمه من خدمات وذلك من خلال تعيينهم رسميا وكموظفين دائمين في مديرية حماية أمن المطارات وهذا المطلب لطالما تمنيت من المسؤول ان يستجيب له .
وبالعودة لتلك المفاهيم الغير صحيحة والتي ليس لها غطاء قانوني في عالم الطيران كون الاساس في تشكيل هكذا كيان يتطلب بالدرجة الاساس وجود عناصر مدربة ومؤهلة وفق معايير دولية من الايكاو ومحلية من سلطة الطيران المدني لهم من الأمكانيات المهنية لتطبيق الخطة الامنية المعدة من قبل قسم أمن المطار والمنبثقة أساسا من البرنامج الوطني المعد سلفا من قسم أمن الطيران في سلطة الطيران المدني العراقي ولعل خير دليل على هذا الطرح تجربة أمن المطارات في أقليم كردستان العراق والتي تدار بأمتياز من قبل جهة حكومية وليست شركة أمنية خاصة وغيرها من التجارب في مطارات دول الجوار كل هذا يجب أن يحفز المسؤولين في الحكومة وتحديدا وزارة الداخلية من أيلاء هذا الموضوع أهمية قصوى لأن الموضوع يتعلق بأستلام ملف أمني حساس وهو امن مطار بغداد الدولي كبداية تأتي بعدها أستلام أمن المطارات العراقية الاخرى تباعآ ولو فرضنا أن هناك تلكأ في عملية اعداد هذه المديرية خلال الفترة السابقة فعنده يكون الحل في جلب خبراء أمن طيران ومطارات بشكل تعاقدي بسيط ماديا للاشراف على هؤلاء النخبة من الكوادر العراقية الحالية واعتبارهم النواة لتشكيل هذه المديرية وخصوصا هم أهل للعمل في هكذا مكان حساس لمدة سنة واحدة فقط لاغير يتم خلالها أسناد مهمة أعداد وتأهيل كوادر ثانية لتلك المؤسسة الحكومية المختصة بأمن المطارات من خلال خطة عمل وتدريب للتحضير في أستلام أمن باقي المطارات العراقية الاخرى التي تعتمد على الشركات الاجنبية مثل مطار النجف وكركوك وبشكل تعاقدي كونها مطارات استثمارية وهو أمرغير مستحيل وبالامكان تطبيقه وبسهولة لو كانت هناك نوايا صادقة والاهم وطنية حقيقية للعمل بعيدآ عن شبهات الفساد وغيرها وأعيد وأقول للمرة الثانية او اكثر أن كاتب هذه المقالة مستعد لتقديم هذه الخدمة أذا طلبت منه .
فارس الجواري
باحث واستشاري طيران
كانون الثاني 2023