تاريخ جهاز المخابرات الوطني العراقي بعد ٢٠٠٣
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
تاريخ جهاز المخابرات الوطني العراقي بعد ٢٠٠٣
من الجميل انه في عصرنا هذا تتوفر المعلومة حتى عن اخطر واهم المؤسسات في العالم بما في ذلك (جهاز المخابرات الوطني العراقي ) .وطبيعي هذا يسهل عمل الباحثين ومنهم المؤرخين وطلبة الدراسات العليا في الكتابة والتوثيق التاريخية . ومما يزيد من قدرة الباحث ، أو المؤرخ على الكتابة ان المعلومات متوفرة من داخل الجهاز ؛ فللجهاز موقع على شبكة المعلومات العالمية –الانترنت والرابط هو التالي :
https://www.inis.gov.iq/National-Intelligence-Service.html
كما ان من يتولى هذا الجهاز يتحدث عن مهامه ، ومهام من يعاونه ويساعده في ادارة الجهاز ويقينا ان هذا لا يعني ان كل مهام الجهاز تكون معروفة ومكشوفة وانما هناك اسرار واحداث لا نستطيع ان نقف عندها ونفهم ابعادها الا بعد مرور ربع قرن او (30) سنة وهذا ما يمكن تركه لمؤرخي المستقبل .
وما يهمني هنا ان اشجع الطلبة طلبة الدراسات العليا والباحثين والمؤرخين والمهتمين بأن يجمعوا المعلومات من اجل اجراء البحوث والدراسات وحسب تخصص ورغبة وامكانية وقدرة من يريد ان يبحث في هكذا أمر .
ومهما يكن من أمر فجهاز المخابرات الوطني العراقي الجديد تشكل بعد الاحتلال الامريكي للعراق وليس ثمة صلة بينه وبين دائرة او جهاز المخابرات الذي كان موجودا في عهد الرئيس السابق صدام حسين 1979-2003 ولا حتى مع الجهاز الذي سبق هذه المدة اقصد مكتب المعلومات ودائرة المخابرات العامة في عهد الرئيس السابق احمد حسن البكر 1968-1979 ولا حتى الذي سبقه ومنذ سنة 1958 اي منذ سقوط النظام الملكي وتأسيس جمهورية العراق .
هنا سأقف عند جهاز المخابرات الوطني العراقي الذي تأسس سنة 2004 من قبل (مجلس الحكم ) ، وتولاه اللواء محمد الشهواني في نيسان ابريل سنة 2004 .
سأقف عند الاسباب والعوامل والمبررات وراء انشاء الجهاز فأقول ان قانون الجهاز نظامه الداخلي يشير الى ان إطار عمل جهاز الامن الوطني العراقي يتضمن "جمع المعلومات وادارة الفعاليات الاستخبارية ، صيانةَ للأمن الوطني العراقي في مجالات متعددة تشمل مجابهة الحركات الارهابية ـ ومكافحة التجسس ، والجرائم المنظمة والجرائم الاقتصادية وجرائم المخدرات .فضلا عن منع تخريب وتهريب الثروات الوطنية العراقية من آثار وموارد طبيعية " .
جهاز المخابرات الوطني العراقي ، عندما تأسس أُريد له ان يكون مستقلا عن أي جهاز أمني سابق وأُريد له ان يكون مستقلا وأُريد له ان يضم بين افراده ومسؤوليه عناصر من كل اطياف المجتمع العراقي وركز على توفير الوسائل والامكانات القانونية كافة لضمان حصول العراق على ادق المعلومات الاستخبارية واكثرها فاعلية وبشرط ان يكون خاضعا لإحكام الدستور ومبادئ حقوق الانسان والحريات والالتزام المطلق عن استهداف أي فرد او مجموعة على اساس العرق او الدين او المذهب او أي انتماء آخر لا يخرج المواطن عن الاطر القانونية والدستورية والمجتمعية . لذلك رفع الجهاز شعار ( بخطى واثقة نُؤمّن الوطن) .
لجهاز الامن الوطني العراقي مفارز مختصة تتابع الجرائم المالية في العراق وقد قرأت أمس 16 من شباط الجاري 2023 ان هذه المفارز القت القبض على احد المتورطين بتهريب العملة الاجنبية وضبطت بحوزته ( 140000 ) دولار امريكي معّدة للتهريب . وهكذا .كما ان ثمة مفارز تلاحق مهربي الآثار العراقية وتكتشف من يقومون بالتجسس لصالح جهات اجنبية تضر بالأمن الوطني العراقي .
ان مما وجدته في ادبيات الجهاز انه وللمرة الاولى فإن الجهاز يعمل على استخدام أحدث الاساليب والتقنيات الجديدة في عمله ويحاول الاستفادة من تجارب اجهزة المخابرات العالمية وبما يساعد على اعتماد تجربة العراق الجديدة في حماية حرية الانسان وحقوقه من اي انتهاك يحصل .
ومما تجدر الاشارة اليه ان الجهاز ، وضع قواعد سماها (قواعد عامة للأمن الشخصي ) يجدر بكل مواطن عراقي ان يطلع عليها ، من قبيل الابتعاد عن القلق او الهوس الامني ، ولكن لابد من التمتع بالحكمة ، واخذ الحيطة والحذر، والابتعاد عن الفضول ، والحفاظ على رباطة الجأش ، والهدوء والاتزان وعدم الاندفاع والانتباه الى التصرفات المريبة لبعض الاشخاص وعدم الاقتراب من الاجسام الغريبة وتجنب الروتين في الحياة اليومية من قبيل الدخول والخروج من البيت وعدم اخراج النقود امام الآخرين، وتحذير الاطفال من اعطاء معلومات للغرباء والابتعاد عن مواطن الخطر والريبة والاتصال بالأجهزة الامنية .
منذ تأسيس جهاز المخابرات الوطني العراقي في نيسان سنة 2004 وحتى لحظة كتابة هذه السطور 18 شباط 2023 ، تولى ادارة الجهاز - كما قلت- في بداية المقال عدد من المدراء اولهم اللواء محمد عبد الله الشهواني ومنذ سنة 2004 حتى سنة 2009 ، وبعده الاستاذ زهير فاضل عباس الغرباوي من 2009 الى 2016 ، ثم الاستاذ مصطفى عبد اللطيف مشتت الكاظمي 2016 الى 2020 ، ثم الاستاذ رائد جوحي الساعدي ومنذ تموز 2022 الى يوم 1 تشرين الثاني سنة 2022 .اليوم يتولى رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة الاستاذ محمد شياع السوداني ادارة جهاز المخابرات الوطني بشكل مؤقت لحين اختيار مدير جديد ومن خلال المتابعة فإن الاستاذ السوداني اجرى تغييرات مفصلية في الجهاز بقصد تطوير قدراته وقدرات منتسبيه .وقد اشار الى ذلك الاستاذ جواد البولاني وزير الداخلية السابق وقال للجزيرة نت والرابط :
https://www.aljazeera.net
أن من الضروري أن يضع السوداني يده على مكامن الخلل والسلبيات المتعلقة بعمل أجهزة الاستخبارات والمخابرات، وذلك من خلال اختيار قيادات نوعية قادرة على تحمل مسؤولية رفع كفاءة الجهاز والوصول به إلى الجاهزية الكاملة لدفع المخاطر عن البلاد . ويقرّ البولاني -وهو نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية- أن الجهاز لم يأخذ فرصته الكاملة ، ولم يحظ بالاهتمام المطلوب في ظل النظام السياسي الحالي، داعيًا إلى اختيار كفاءات تتمتع بالذكاء ، والخبرة بالعمل الاستخباري على مستوى المنطقة، من أجل التعامل مع النظراء على مستوى العالم، فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب وكبح جماح الجماعات المتطرفة.ومن أجل تطوير قدرات الجهاز، يقترح البولاني تخصيص موازنة أكبر للجهاز، فضلاً عن ضرورة تطويرها فنيا وتقنيا، مع توسيع دائرة شراكات الجهاز مع العالم حتى يتمكن من وضع سياسة وقائية تُسهم في إيجاد فرص أكبر للعراق على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني.
من خلال المتابعة ، نجد ان الجهاز قام بعمليات عديدة كلها موثقة .كما قدم ومنذ تأسيسه عددا من الشهداء الذين كانوا يعملون فيه .وطبيعي ان الجهاز له نشاط داخلية وخارجية كما ان له علاقات مع بعض اجهزة المخابرات العالمية .وجهاز المخابرات الوطني العراقي يرتبط اداريا برئاسة مجلس الوزراء ويعمل رئيس الجهاز كجهة استشارية لرئيس الوزراء ، ومجلس الوزراء في الأمور الاستخباراتية المتعلقة بالأمن القومي ، وهذا يشـمل القيام بدور استشاري على الهيئات الفرعية التنفيذية على المستوى الوزاري المرتبطة بسياسة الأمن القومي وسياسة الاستخبارات والأمور الأخرى التي قد تعد ذات صلة بالحكومة العراقية.
تمنياتنا للعاملين بجهاز المخابرات العراقية بالنجاح في مهماتهم وخاصة في الحفاظ على امن العراق وكرامة ابنائه ومواطنيه .