لم يستبعد تفجر نزاع بين الحشد وغريمه الشيعي.. تحذير امريكي: الهدوء العراقي "مخادع"
شفق نيوز/ حذر معهد "بروكينجز" الأمريكي، يوم الخميس، من ان الهدوء القائم في العراق منذ مجيء محمد شياع السوداني الى الحكم، "خادع"، وان الخصومات والصراعات بين القوى الشيعية، او حتى الصراع الاقليمي، قد يؤدي الى كسر هذا الهدوء، داعيا الغرب الى دعم اللاعبين العراقيين الراغبين في التصدي لنفوذ الفصائل المدعومة من إيران، وخصوصا الحشد الشعبي.
واعتبر التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أنه منذ تعيين السوداني في تشرين الاول/ اكتوبر 2022، فإن قوات الحشد الشعبي، تستعيد حضورها، وهي برغم العديد من التحديات والنكسات الخطيرة منذ العام 2018، الا انها اظهرت قدرة ملحوظة على التعافي من ضعف القيادة والانقسامات الداخلية، ومن الهزيمة الانتخابية الكبيرة وخسارة رصيدها السياسي بين شرائح كبيرة من العراقيين.
مستقبل الحشد الشعبي
وتابع التقرير ان الحشد الشعبي نجا أيضا من الضغوط التي تسببت بها الاغتيالات الامريكية في كانون الثاني/ يناير 2020 لقائده السابق ابو مهدي المهندس والجنرال الايراني قاسم سليماني، ومن الخطوات التي اتخذها، رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، مضيفا ان الحشد الشعبي لم يظهر مرونته فقط، وانما احتفظ ايضا بالمزايا السياسية والعسكرية التي يتمتع بها والتي من المرجح ان تجعل منه قوة لا يستهان بها لعقود مقبلة.
ورأى التقرير ان اكثر الصعوبات التي تواجه الحشد الشعبي اهمية، تلك المتعلقة بالخصومات السياسية بين القوى الشيعية، مذكرا بأن قوة الحشد ونقاط ضعفه برزت في اب/ أغسطس 2022، عندما كاد العراق ينزلق الى حافة الحرب الاهلية بعد المواجهات بين الحشد وحلفائه في الاطار التنسيقي، وبين منافسهم مقتدى الصدر الذي يقود "سرايا السلام" والذي قد يكون انسحابه من الحياة السياسية مؤقتا.
واوضح التقرير ان الصدر سيظل يمثل تحديا كبيرا للحشد الشعبي في عملية التنافس على الخلافة للقيادة الدينية المستقبلية، وفي المعارك على النفوذ الاقتصادي وفي السياسة اليومية، مضيفا ان هذا الصراع الشيعي وبالاضافة الى الضغوط الخارجية، لن تشكل تهديدا لقوى الحشد الشعبي وحدها، بل انها قد تشعل المزيد من العنف وحتى اندلاع حرب اهلية اخرى.
انسحاب الصدر المؤقت
وبعدما استعرض التقرير مسارات لنشوء قوى في الحشد الشعبي منذ ثمانينيات القرن الماضي، وبالدعم الإيراني لها منذ ذلك الوقت، وما تطور لاحقا بعد بروز خطر داعش وفتوى المرجع الديني الاعلى علي السيستاني، ثم اتهام الحشد بقمع المتظاهرين قبل 3 أعوام، والنتائج الهزيلة التي حققها في انتخابات 2021، وفشل الصدر في تشكيل الحكومة وخلافاته مع قوى الاطار التنسيقي، قال ان الصدر خرج بذلك عن اجماع تقاسم السلطة، وتسبب في تعزيز الخصومات بين الشيعة والتي انفجرت في اعمال عنف في آب/ اغسطس 2022.
وفي حين اشار التقرير الى قرار الصدر التخلي عن اماله في تشكيل الاغلبية وانسحابه -ربما مؤقتا- من الصراع السياسي، ما مهد الطريق امام مجيء السوداني، قال التقرير ان هذه النتيجة السياسية كانت بمثابة نعمة لقوى الحشد الشعبي الذي رسخ نفسه داخل الدولة، وعزز امكاناته الاقتصادية وعمد الى تنويع مصادر ايراداته وشبكة المحسوبية.
وفي هذا السياق، لفت التقرير الى ان السوداني وافق في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، على انشاء شركة تجارية تابعة للحشد باسم "شركة المهندس"، نسبة الى ابو مهدي المهندس، بميزانية تشغيل لا تقل عن 67 مليون دولار.
الا ان التقرير رأى ان هناك تحديات ايضا امام الحشد الشعبي، حيث ان الصدر برغم انسحابه، الا انه باق، وهو باعتباره الوريث للقيادة السياسية والدينية لوالده، فإنه يرى نفسه الزعيم السياسي والديني الشرعي للطائفة، برغم مؤهلاته الدينية المحدودة التي لا تمنحه مصداقية دينية كافية لخلافة السيستاني، الا ان اتباعه المقدر اعدادهم بين مليوني الى 3 ملايين، يوفرون له قاعدة اجتماعية سياسية كافيا لكي يطعن في النظام السياسي فيما بعد مرحلة السيستاني.
ولهذا، يعتبر التقرير ان صراع الخلافة الدينية المقبل، سيؤجج التنافس بين الصدر وقوى الحشد الشعبي وحلفائه السياسيين، مثل حزب الدعوة الاسلامية.
وبحسب التقرير فإن مثل هذه المنافسة السياسية بين الشيعة، قد تتحول الى عنف متزايد، وان ما جرى في اب/ اغسطس الماضي، هو بمثابة عرض مسبق لما يمكن ان ينتظر العراق مستقبلا، مشيرا الى وساطات من السيستاني وزعيم حزب الله اللبناني حسن نصرالله، التي ساهمت في سحب العراق من الهاوية.
ومع ذلك، قال التقرير ان التوترات بين عصائب اهل الحق والصدر ما تزال عالية، خصوصا في البصرة الغنية بالنفط.
العداوات الاقليمية
وبالاضافة الى ذلك، فان العراق يعاني ايضا من العداوات الاقليمية التي يمكن ان تنتشر بشكل عنيف على اراضيه، بما في ذلك التوترات بين السعودية وايران التي سبق لها ان شنت هجمات على قواعد قالت انها لجماعات معارضة ايرانية في اقليم كوردستان كما ضربت اهدافا في اطار حرب الظل مع اسرائيل والولايات المتحدة.
وحذر التقرير انه في حال تصاعدت التوترات اكثر، فقد يقع العراق في حريق اقليمي قد يعمد الصدر والحشد الشعبي، الى استغلاله.
وختم التقرير بالقول ان "الهدوء منذ تعيين السوداني خادع على الارجح، فاذا سيطر العنف على العراق مجددا، فانه من المرجح ان يأتي الحشد الشعبي في الصدارة".
ودعا التقرير الغرب وحلفائه الى الاعتماد على "تمكين اللاعبين السياسيين العراقيين الذين يريدون معالجة انتهاكات حقوق الانسان التي يرتكبها الحشد الشعبي وجهوده الهادفة لاحتكار السلطة بتوجيه ودعم ايران".
الا انه ختم بالقول انه اذا ارادت هذه القوى الرد بشكل جماعي على الحشد الشعبي، فإنه يتحتم عليها أولا ان تعالج الانقسامات الداخلية الخاصة بها فيما يتعلق بمستقبل العراق وتسوية خلافاتها حول كيفية تقاسم السلطة وادارة ثروة البلد.