الشجاع من يمد يده أولا ولکن!
نزار جاف
الشجاع من يمد يده أولا ولکن!
الاصداء والانعکاسات التي تداعت عن الاتفاق السعودي ـ الايراني على عودة العلاقات الدبلوماسية وردود الفعل الواسعة التي تمخضت عنها هي في الحقيقة تأکيد على الدور والتأثير الحيوي لکلا البلدين على مختلف الاصعدة، لم يکن قويا بما يمکن أن يبعث على الثقة والطـمأنينة التامة في بلدان المنطقة والعالم، ذلك إن المشکلة ليست في السعودية التي إتسمت دائما بإلتزامها خطها ونهجا سياسيا واضحا وثابتا تجاه العالمين العربي والاسلامي وعلى الصعيد الدولي، المشکلة کانت وستبقى في إيران نظام ولاية الفقيه الذي ومنذ تأسيس نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية طرح نفسه وصيا على العالمين العربي والاسلامي.
الشجاع من يمد يده أولا لخصمه ويتغاضى عن الماضي، وهذا ماقد فعلته السعودية وفتحت بابا أمام النظام القائم في إيران والذي کان يعاني من إختناق وأزمة عامة خانقة في مختلف المجالات، عندما مدت يدها بشجاعة لهذا النظام المثير لما هو أکثر من الجدل ولاسيما وإن تأريخه منذ قيامه ولحد الان لايبعث على الثقة والاطمئنان، إذ أن الذي يجب أخذه بنظر الاعتبار والاهمية هو إن إيران ومنذ قيام النظام الحالي، إتسم بالاکثار من إطلاق التصريحات الرنانة الطنانة فيما يتعلق بإلتزاماته الاقليمية والدولية لکنه وعلى الصعيد العملي کان يسير بإتجاه مناقض ومغاير تماما.
القيادة السعودية التي قامت برمي الکرة في الملعب الايراني، فإنها لم تقم بذلك عبثا ومن دون طائل وإنما أساسا من أجل إختبار حسن النوايا الايرانية ومدى مصداقية الالتزامات والتعهدات من جانب القادة والمسٶولين الإيرانيين، ولاسيما وإن النقطة والمحور الاساسي الذي تم الاتفاق عليه کما جاء في البيان المشترك هو إن" الرياض وطهران تؤكدان على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية"، وقطعا فإن هذا المقطع بحد ذاته يضع طهران أمام حقيقة مدى إلتزامها بهذا الاتفاق وهل هي جادة فعلا بهذا الصدد؟
على خامنئي تحديدا ومن ثم رئيسي أن يعلما بأن أنظار العالم تحدق أساسا فيما سيبدر عن إيران من مواقف عملية تجاه هذا الاتفاق وليس في الرياض، ذلك إن القيادة السعودية قد ألقت الکرة في الملعب الايراني عندما مدت يدها بشجاعة لطهران متغاضية عن 43 عاما من التدخلات الايرانية في بلدان المنطقة بما فيها السعودية نفسها، وقطعا ليس المهم أبدا في توقيع الاتفاقيات الدولية من جانب أية حکومة في العالم بل إن الاهم هو تنفيذها على أرض الواقع، ومن نافلة القول إن لطهران ماض لايبعث على الثقة والطمأنينة بهذا الخصوص، والسٶال الاهم والاکبر هو هل إن هذا النظام الذي بني على أساس ثلاثة مرتکزات هي قمع الشعب الايراني وتصدير التطرف والارهاب والحصول على أسلحة الدمار الشامل، مستعد لأن يغير من نهجه هذا ويسلخ جلد الذئب عن نفسه ويعود بين ليلة وضحاها حملا، هذا هو السٶال الذي أجد لامناص من توجيهه لطهران أولا والرياض ثانيا!