في الذكرى ال ٢٠ لغزو العراق .
نزار العوصجي
في الذكرى ال 20 لغزو العراق ..
نستذكر في هذه الايام جريمة بشعة ، تعتبر من اسوء الجرائم التي ارتكبت ضد الانسانية ، الا وهي غزو العراق ، حيث نصت المادة 29 من نظام المحكمة الجنائية الدولية ، على أن الجرائم التي تندرج في اختصاص المحكمة وفقًا للمادة الخامسة من النظام الأساسي ، هي جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان ، وهي جميعها جرائم لا تخضع لأي تقادم ولا تسقط بمرور الزمن ، وتستلزم محاكمة مرتكبيها والمشاركين والمحرضين عليها ، فلقد صدرت وثائق واقرارات دولية مؤسسية وفردية ، تؤكد ان ماجرى في عام 2003 هو جريمة عدوان ارتبطت بها مجموعة من انماط الجرائم ضد الانسانية ، ارتكبتها قوات العدوان والاحتلال ومن يتبعها من العملاء والمرتزقة ، مستخدمين جملة من الاكاذيب حول ذريعة الحرب على الإرهاب وامتلاك العراق لاسلحة الدمار الشامل ، مما يجعله خطراً على السلم العالمي ..
رغم زيف ذريعة أسلحة الدمار الشامل المعلنة ، فإن أسبابا أخرى مختلفة ( سياسية واقتصادية وحتى حضارية ) ظلت قيد التناول في وسائل الإعلام العالمية وأروقة السياسة الدولية ، وأصبح بعضها أكثر إقناعاً للمراقبين انطلاقاً من سير الأحداث وما آلات اليه الحرب وتكشف أسرار تحضيراتها ..
إن احتلال العراق كأحد الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة كان هدفاً مرحلياً في مخطط أكبر رسمته قوى اليمين المحافظ ، يرمي إلى إعادة صياغة منطقة الشرق الأوسط الكبير من أجل ان تكون إسرائيل فيه عنصراً فاعلاً وقيادياً ..
حين نتحدث عن جريمة غزو العراق واحتلاله لابد من الاشارة الى ان اولى اوليات المحتل تتمثل في استهداف العقل العراقي الوطني الخلاق ، بلاعتماد على عناصر العصابات المتسلطة ، تلك العقول المبدعة التي تمكنت من ادارة الدولة على مدى ثلاثة عقود ونصف من الزمن رغم كل الصعوبات والعراقيل التي واجهتها ، بما فيها صعوبات الحصار الاقتصادي الجائر الذي فرض على العراق ، بعد ان تمكن الاحرار الاخيار من اعادة اعمار مادمره الاشرار عام 1991 ، وبعث الحياة من جديد الى كافة المنشأت والمصانع التي استهدفها العدوان الثلاثيني ، لتعود الى العمل من جديد بطاقة قد لا تصل الى الحدود القصوى لكنها كانت بمستوى يلبي الحاجة انذاك ..
ان استهداف الوطنيين لم يأتي من فراغ ، بل انه جزء من مخطط افراغ العراق من الكفاءات الوطنية التي تنتمي اليه ، لتسهيل عمليات السرقة الممنهجة ، الى جانب تسخير مقدرات الوطن لخدمة دول الجوار وجعله ولاية تابعة لأنظمة رقيعة اقل ما يمكن وصفها ، انها انظمة سفه والحاد لاتمت بصلة الى دين او مذهب ..
من هنا نؤكد على ان مخطط غزو العراق واحتلاله لم يكن خطأً كما يروج البعض ، بل انه مخطط بعيد المدى ينطوي على جملة من الاحقاد والاضغان ، البعض منها تأريخي ، والبعض الاخر انتقامي ، مملوء بالحقد والكراهية مما آل اليه ، حين اصرت القيادة الوطنية على كسر طوق السيطرة على مقدراته ، ورفض سياسة املاء الارادات الخارجية عليه ، فاصدرت قانون تأميم النفط الخالد ، اضافةً الى قدرتها في التصدي لريح الشر الصفراء وكسر شوكة الفرس في معارك القادسية الثانية ..
لقد تعاملت جميع الدول الاقليمة والدولية ( بما فيها الدول العربية ) ، مع العراق وفق مبدأ تغليب المصالح الذاتية لها ، على حساب مصالحه الاقتصادية والامنية والسيادية ، لذا نجد أن المخططات التأمرية التي استهدفت وجود النظام الوطني كثيرة لا حصر لها ، من خلال العمل على استنزافه مادياً ومعنوياً ، وايجاد السبل الكفيلة لتدمير اقتصاده وزعزعة امنه واستقراره ، ذلك لانه كان بمثابة السد المنيع بوجه أعداء الوطن والامة العربية ..
ختاماً نقول : لن يضيع حق وراءه مطالب ولابد ان يدفع المعتدون ثمن جرائمهم وعدوانهم وتصرفات عملائهم الاجرامية ..