ناجي صبري وعباءة العراق
د. وائل القيسي
ناجي صبري وعباءة العراق
مما لا شك فيه أن الدكتور ناجي صبري الحديثي، وزير خارجية العراق قبل الاحتلال، معروف للجميع، محليا وعربيا وعالميا، كونه كان وزير خارجية العراق وقائد الدبلوماسية العراقية في أخطر وأصعب مرحلة في تأريخ البلاد، التي تبوأ فيها ذلك المنصب الخطير، والأهم من هذا أنه كان اليد الضاربة التي يضرب بها ومن خلالها الرئيس القائد صدام حسين (رحمه الله) أعداء العراق والأمة في شتى المحافل الدولية والأممية والإقليمية للدفاع عن العراق وشعبه وحكومته الوطنية قبل الغزو الأميركي والاحتلال الإيراني عام 2003.
بعيدا عن ناجي صبري، قريبا من الحقيقة...
سوف لن نتبنى موقف الدفاع عن الحديثي بقدر الدفاع عن الحقيقة والتأريخ والمنطق ، وسنحاول تبسيط وتفكيك خفايا تهمة التخوين والتشكيك بوطنيته، والطعن الذي طاله من خلال بعض الكتابات المنشورة والمتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، ونعمل على حل شفراتها، ليس من أجله، بل من أجل الحقيقة، ومن أجل عيون العراق وحكومته الوطنية وقيادته الوفية المخلصة والشجاعة، التي شهدت لها حبال المشانق وصيحات التشهد والتكبير والهتافات المدوية والمؤمنة بالعراق والشعب والعروبة وقضية فلسطين الحبيبة .
كان الحزب القائد في العراق هو حزب البعث العربي الاشتراكي، وكانت حكومته بقيادة الرئيس القائد صدام حسين المجيد الشاهد والشهيد، وكان العراق دولة مؤسسات وقانون ودستور.
نعم...
إنها لم تكن حكومة ملائكية مطلقة، ولكنها كانت دولة حقيقية، دينها الرسمي هو الإسلام وكانت مكانة بقية الديانات محفوظة ومصونة، وكان العراق ذا سيادة، وشعبه ينعم بالأمن والأمان والكرامة، وكان المسؤول (بسيطا او كبيرا) في الدولة العراقية يؤدي واجباته باسم الشعب وللشعب، وليس لعشيرة أو طائفة أو دين كما عليه الحال اليوم.
وناجي صبري كان أحد وجوه التكنوقراط في تلك الحقبة، ولم يكن بعثي بدرجة عالية، حاله حال العديد من رجال الدولة الذين شغلوا مواقع سيادية في الحكومة انذاك .
وهناك قاعدة يكاد لا يختلف عليها اثنان، وهي أن الذي يتعرض للتشهير والاتهامات والتنكيل من قبل العدو، هو دليل على وطنيته وسمو شرفه ورفعة مكانته، وأغلب الناس تعرف حملة الاتهام بالخيانة من قبل شخصيات غربية ووسائل إعلام أميركية للسيد ناجي صبري التي بدأت منذ عام 2002 وحتى يومنا هذا!!!.
والسؤال المنطقي لكل عاقل ومنصف هو: منذ متى كانت تأخذ اتهامات العدو كدليل أو ذريعة على إدانة المتهم؟!!! .
الأمر الآخر هو، أن تبني مسألة التخوين ضد أي مسؤول في الدولة والحكومة بعد غزو العراق واحتلاله وإعدام صفوة قادته واعتقال الباقين ووضعهم في زنازين الأسر، هو تأييد ودعم مبطن لحكومات الاحتلال وأعداء النظام الوطني قبل الاحتلال.
إن تهمة التخوين، تعني أن حكومة العراق الوطنية قبل الاحتلال كانت ضعيفة ومخترقة وان أجهزتها ومخابراتها كانت فاشلة وهزيلة، وهذا خلاف الحقيقة والواقع الذي طالما شكا منه الأميركان والغرب وخونة العروبة من أن الدائرة المقربة من حكومة صدام حسين كانت عصية على الاختراق حد الاستحالة، مما جعلهم يعتمدون على عملاء وخونة من خارج الحدود كالجلبي وعلاوي واتباع إيران الشر و (سليلي ودليلي) الخيانة وغيرهم من سقط المتاع.
وكان جهاز المخابرات العراقي الوطني من أقوى أجهزة المخابرات في المنطقة، وان انتصاراته في معاركه مع المخابرات المعادية مشهود لها، ويعترف بها الأعداء قبل الأصدقاء، فلو كان الدكتور ناجي صبري الحديثي لديه تواصل خياني (حاشاه) مع أميركا أو غيرها فهل كان سيخفى على المخابرات العراقية التي تتابع كل صغيرة وكبيرة؟!
أليس اتهامه بالخيانة التآمر، هو طعن مبطن بالرئيس القائد صدام حسين الذي استوزره، وكان يحظى برعايته ودعمه منذ أن كان نائب وحتى يوم الاحتلال.
ولو كان ناجي صبري متعاونا ومتخادما مع الغزاة، لماذا عاد إلى العراق أثناء هجوم جيوش الغزاة، برحلة خطيرة ومغامرة غير مسبوقة من سوريا إلى بغداد برا، بحماية مفارز خاصة من رجال المخابرات العراقية طوال رحلته المحفوفة بالمخاطر ؟!!!.
أليس من المنطق، لو كان خائنا، أن ينشق عن النظام عندما كان خارج العراق أثناء الغزو؟!!!.
ولو كان عميلا للغزاة، أليس من المنطق أن ينال رضاهم ودعمهم، وربما جعله الحاكم بعد الغزو؟!.
أما الأمور التي تحدث عنها حول الاختلاف في بعض الرؤى أثناء العمل مع الشهيد القائد طارق عزيز، فهذه ليست حالة شاذة أو غريبة، نظرا لاختلاف الرجلين في طريقة العمل، فالأستاذ طارق عزيز (رحمه الله) كان قائدا بعثيا ومفكرا ومناضلا، وله أسلوبه في القيادة والإدارة، بينما الدكتور ناجي صبري رجلا أكاديميا ومهنيا، وطريقة الإدارة والعمل تكون عند الأول ثورية الخطى، نضالية الأسلوب، صلبة القرار، بينما تعتمد عند الآخر على حسابات البيدر ودقة الأرقام والسياسة الناعمة، ولكلتا الحالتين ميزاتها وخصائصها، ومحصلتهما النهائية هي خدمة مسيرة العمل والعطاء من أجل العراق وشعبه.
هذه مجردة لقطات، كان على من تناول تهمة التخوين والتآمر أن لا تغيب عن باله، لأن الإساءة لمسؤول الدبلوماسية العراقية في تلك الحقبة الفارقة من تأريخ العراق، هي إساءة للنظام الوطني، وهي طعن غير مباشر بالشهيد القائد صدام حسين المجيد الشاهد والشهيد.