تهديم قلعة كركوك مع الوثائق الرسمية وتخريب قسم كبير من قلعة أربيل الأثرية
الفريق الركن
الدكتور عبد العزيز المفتي
محاضرة:تهديم قلعة كركوك مع الوثائق الرسمية وتخريب قسم كبير من قلعة أربيل الأثرية
تهديم قلعة كركوك مع الوثائق الرسمية
إن تهديم المدينة التاريخية المقامة على تل قلعة كركوك بأمر شخصي من صدام حسين كان حلقة مهمة من تعريب مدينة كركوك ومحاولة إنهاء الوجود الكوردي ومسح تاريخه وتراثه الحضاري في هذه المدينة الكوردية العريقة.
لعل قلعة كركوك تعد أكبر التلول الأثرية في الشرق الأوسط حيث تبلغ مساحتها مائتي ألف (200000) أو مساحتها كانت (2500000) متر مربع فهي بذلك تكون أكبر من قلعة أربيل مرتين وكانت كركوك عبارة عن مدينة القلعة فقط التي كانت عاصمة الدولة الكوتية الكوردية قبل أربعة آلاف سنة ثم أنشئ أقدم أحيائها الحالية (إمام قاسم) في القرن الثامن عشر وكان لها ربض عامر في عهد ياقوت الحموي.
(هناك صورة زقاق عند باب (حه وت كجان ـ يدي قزلر) أي البنات السبعة عند نفق (زيندان) ومسجد الشاعر فضولي البغدادي الكركوكي).
كانت الحياة مستمرة في هذه المدينة(قلعة كركوك) بدون انقطاع خلال ستة آلاف سنة على أقل تقدير إلى أن هدمتها تماماً الحكومة العراقية السابقة ونظام حزب البعث لغرض التعريب في كركوك ومسح التاريخ الكوردي فيها بأحيائها الثلاثة في عام (1998) بناءاً على أمر من صدام حسين نفسه كان قد أصدره وهو واقف على القلعة في (16/3/1990) ثم شكلت لجنة ثلاثية لتهديم مدينة القلعة من قائم مقامية كركوك ومن البلدية ومن دائرة أثار كركوك وكان مدير أثار كركوك (غائب فاضل) هو المشرف الأول على هذا العمل الإجرامي بحق التاريخ والتراث الحضاري في القلعة (كركوك) وبحق سكانها الكورد البالغين حوالي ألف وخمسمائة أسرة أو أكثر حيث كانت تقيم في كل دار مالا يقل عن أسرتين إلا نادراً وكان بإمكان (غائب فاضل) مدير اثار كركوك وهو من الاخوة التركمان نقل وظيفته اعتيادياً إلى محافظة أخرى بدون أن تشعر السلطة بحقيقة سببه وذلك من أجل الابتعاد عن هذه الجريمة إن لم يكن يجرأ على استنكارها علناً( ) بعد تهديم مدينة القلعة (دور/ منازل) القلعة ذات التراث التاريخي والحضاري الكوردي المشتملة على (756) مبنى (دار/ بيت) وبعد طرد سكانها الكورد وأخلائها منهم وتحويلها إلى تل مهجور اتخذتها الحكومة العراقية السابقة موقعاً عسكرياً مطلاً على أطرافها الكوردية من أحياء مدينة كركوك.
لقد عارض الكورد مشروع صدام حسين ودافعت عن القلعة العملاق (قلعة كركوك) التاريخية والأثرية مفخرة شعوب زاكَروس الكوردية وحضاراتها دفاعاً جريئاً مجيداً فكتب إلى السيد عبد الرقيب يوسف بتاريخ 30/8/1990 رسالة من أحدى عشرة صفحة إلى المدير العام للآثار والتراث ببغداد ضد هذا المشروع ضمنتها مكتشف جديدة في القلعة التي لم تكتشفها المديرية العامة للآثار منها ثلاثة أنفاق سرية كان تؤدي من القلعة إلى خارجها من داخل الأرض ولما علم أن المدير العام للآثار والتراث وكان (الدكتور مؤيد سعيد الكركوكي) الذي كان يثق بالأستاذ عبدالرقيب يوسف في أعماله الأثرية والتراثية حقاً ـ لم يتجاسر أن يقف ضد مشروع صدام حسين في تهديم قلعة كركوك وعلم أنه كتب على رسالة الأستاذ عبد الرقيب يوسف هذه العبارة "هناك خطة وتوجيهات ـ للحفظ" أرسل الأستاذ عبد الرقيب يوسف إلى صدام حسين نفسه بالبريد الإلكتروني رسالة في ثلاث صفحات بتاريخ 6/12/1990 لم يذكر في بدايتها اسمه الصريح كرهاً له حسب رأيه الشخصي ولم يكتب له العبارة الرسمية "حفظه الله" ولم يكتب له كلمة مدح وتعظيم في أولها بل دخل الموضوع راسا وكتب "إن قلعة كركوك .... الخ" وكانت الصيغة الأولى للرسالة تشمل على عبارات قاسية عرضها على الأخ المحامي مصطفى العسكري فقال له إن لم تعدمك الحكومة لا يكن لرسالتك أي قبول وأية فائدة فاقترح على حذف تلك العبارات وإضافة عبارات لينة (ده م نه رمى) منها الإشارة إلى قلعة شيروانه في كلاروبابل في الحلة وعبارة "وتستغله جهات مغرضة للدعاية ضد الدولة ... "وكان المحامي الأخ الشيخ محمد البرزنجي (محمد شيخ أحمد صالح) أيضاً حاضراً وقرأ الصيغة الأولى ووافق على اقتراحات المحامي مصطفى العسكري وكلاهما من الوطنيين الأكراد من ذوي السمعة الطيبة.
لقد فكر عبد الرقيب يوسف كثيراً في كيفية صيغة العبارة الختامية متجنباً عن عبارة "دمتم ذخراً للشعب العراقي" ومثيلاتها من العبارات الرنانة، وكانت بـ "وشكراً للسيد رئيس بلاد الرافدين مهد الحضارات" علماً أن صفة "مهد الحضارات" تعود لبلاد الرافدين اي ولايتي بغداد والبصرة وليس ولاية الموصل(كوردستان العراق)ومع هذا فإن مواجهة صدام حسين الدكتاتور برسالة من هذا الأسلوب الجاف ضد مشروعه الشخصي إزاء أهم بقعة من كوردستان وأكثرها حساسية وهي كركوك تدل على منتهى الجرأة حتى أن عدداً من أدباء ومثقفي كركوك الساكنين في السليمانية لم تكن عندهم الجرأة على كتابة رسالة بهذا الخصوص إلى المديرية العامة للآثار والتراث ببغداد فقط، فضلاً عن صدام حسين وجهات حكومية عليا قد كلفتهم بذلك فلم يكتبوا لقد دافع كثيراً وبكل جرأة وبإيمان راسخ عن آثار وتراث كوردستان في عهد نظام حزب البعث وصدام ومنها قلعة إربيل التي أنقذت من خطة خطرة وهدامة لمدير بلدية إربيل(حسب وجهة نظر عبدالرقيب يوسف) المتعاون مع البعث (صلاح الدين النور الدين) وأنه (عبد الرقيب يوسف) يحتفظ بمقدار مجلد من رسائله واحتجاجاته بهذا الخصوص التي أرسلها إلى الجهات الحكومية مع أنه لم تكن له مساومة مع النظام كما هو معلوم للكثير من الناس وهناك صورة رسالته إلى صدام حسين:
المنشأة العامة للاتصالات والبريد
البريد الإلكتروني
اسم وعنوان المرسل اسم وعنوان المرسل إليه
عبد الرقيب يوسف حسن السيد رئيس الجمهورية
الساكن في السليمانية صدام حسين المحترم
حي برانان رقم الدار بغداد ـ مكتب السيد الرئيس
116/109
السيد رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة المحترم
تحية للسيد الرئيس واحتراماً
إن قلعة كركوك (آرنبخا على ما في كتابات حمورابي) تعد أحد أقدم المدن العراقية وقد اتخذها الأشوريون مركزاً لعبادة الآله (أدد) واهتموا بعمرانها وخاصة الملك (آشور بانيبال) ولقيت أيضاً اهتمام الدولة السلوقية حيث أحاطها سلوقس أحد خلفاء اسكندر المقدوني بسور ضخم لكنها تأخرت في عهد الدولة الساسانية الفارسية حيث ناصبتها العداء خاصة في عهد شابور الثاني الذي أوقع فيها قتلاً وتخريباً.
ظلت قلعة كركوك تحتفظ بعمارتها وقيمها الحضارية آلاف السنين رغم عاديات الزمن إلى عهد سيادتكم الناهض بالحركة الأثرية والتراثية وهي اليوم تشخص ببصرها إلى الرئيس كي ينهض بها عمراناً مع حماية عمارتها وطابعها التاريخي والتراثي وذلك بسبب حبكم للآثار والتراث وتوجيهاتكم القيمة بالحفاظ عليهما ولقد تم بتوجيهاتكم احياء مدينة بابل وتعمير قلعة شيروانه في كلار وغيرهما.
لقد شكلت في محافظة التأميم لجنة لغرض تطويرها لكن الحقيقة تأتي بنتيجة عكسية إذ تفقد القلعة عمارتها ويختفي ويزول طابعها المعماري التاريخي والتراثي ولا يبقى أخيراً سوى عدد قليل جداً من المباني العائدة إلى دائرة الآثار والتراث إذ قررت اللجنة هدم الدور السكنية التي مساحتها (200م2) فما دونها وبسبب ندرة الأرض في القلعة فإن الدور التي تزيد على (200م2) قليلة جداً ومع هذا فأنها تبقى بعد تنفيذ المشروع مشتتة ومبعثرة في أنحاء القلعة مما يضطر سكانها إلى تركها أيضاً إذ لا يستطيعون العيش في دور منفردة ومتباعدة وهكذا تتحول مدينة القلعة التاريخية (قلعة كركوك) المهمة إلى مجرد تل أثري مهجور من الحياة البشرية فاقدة نسيجها الحضاري وطابعها المعماري التاريخي والتراثي الذي تكوّن عبر تاريخها الطويل. لا شك أن الاحتفاظ بمبانيها وأزقتها المتعرجة ومجموعة (الطاقات) المقامة في مداخل عدد من الأزقة إنما هو الاحتفاظ بنموذج صادق لشكل ومخطط وطراز المدن العراقية القديمة وأن هذا بحد ذاته جزء من التراث الحضاري الذي توصون دوماً بالحفاظ عليه.
في القلعة (قلعة كركوك) مجموعات متعددة من الدور المتهدمة وبمجرد رفع أنقاضها تتهيأ أراضي تكفي لبناء عيادة طبية وروضة وفندق وحوانيت سياحية وملعب وحدائق وساحات على أن تناسب حجم القلعة وبهذا تتطور إلى مرفق سياحي مع الاحتفاظ بطابعها المعماري التاريخي والتراثي المتمثل بالإبقاء على الدور السالمة إضافة إلى تعمير المباني (بدانات) الواقعة على أطراف القلعة وتجديد بواباتها الثلاثة على طراز البوابة الرابعة السالمة ومساعدة السكان لترميم دورهم التي بحاجة إلى الترميم مع فتح وتنظيف الأنفاق السرية (الأربعة) التي تمتد من داخل القلعة إلى خارجها كطرق خفية للإمداد وللإنقاذ أيام الحروب.
وهذه هو مجمل الخطة العلمية المتبعة لتطوير مثل هذه القلاع والمدن التاريخية.
إن قلعة كركوك بحاجة إلى مسح أدق وأوسع من ذي قبل إذ فاتت اللجنة ومفتشية آثار كركوك نفسها نقاط أثرية وتراثية مهمة لم تطلعا عليها من أنفاق ثلاثة اكتشفناها في 22/ تموز و4/ كانون الأول من العام 1990 ومنها النفق الموجود في الجامع الكبير المقام على كنيسة قديمة هي بدورها مقامة على بناية قديمة هامة أما حصن أو معبد الآله الأشوري (أدد) أو معبد آخر بدليل وجود هذا النفق الأقدم من الكنيسة وأن الأنفاق لا تحفر إلا في مبان هامة تحفظها. واكتشفت أيضاً (نفق دارعنايت) المشمولة بالهدف من قبل اللجنة والواقعة عند البوابة الشرقية وكذلك دار الشاعر فضولي البغدادي المتوفي في القرن السادس عشر.
يبدو أن اللجنة تسرعت في هذا الأمر الخطير وقد باشرت بهدم الدور في 29 تشرين الثاني بدلاً من بداية السنة القادمة كما كان مقرراً سابقاً وأن المقاول باشر بالمرحلة الأولى وهي هدم (500) أو (497) داراً وهدم فعلاً حوالي (15) داراً وتشمل الخطة هدم (80 – 100) دار أخرى لم تكمل معاملتها بسبب الورثة وأن هدم هذا العدد الهائل أي حوالي (600) من مباني القلعة ذات الشهرة الواسعة يغير من طابعها التاريخي والتراثي كما لا يستبعد أن يفسر ذلك بمفهوم آخر وتستغله جهات مغرضة للدعاية ضد الدولة خاصة في هذا الوقت الذي تكالبت القوى الأجنبية ضد وطننا العزيز.
لذلك وبغية تحقيق تطوير علمي وفني متكامل للقلعة يتفق مع توجيهات سيادتكم بالحفاظ على التراث الحضاري فأنني أرفع الأمر إلى سيادتكـم للتفضل والأمـر بإيقاف المشروع بصورة فورية ومن ثم تشكيل لجنة موسعة برئاسة السيد المدير العام للآثار والتراث شخصياً وعضوية أساتذة من قسم الهندسـة المعمارية في جامعة بغداد ومؤرخين وتراثيين وغيرهم لمسح القلعة مجدداً ووضع خطة علمية لتطوير القلعة.
وأملي أن التماس مواطن صغير له تعاون طويل مع دائرة الآثار والتراث التي منحه ثقتها وخولته رسمياً بمسح وجرد المناطق التراية ـ سيلقى عنايتكم الكريمة وشكراً للسيد رئيس بلاد الرافدين مهد الحضارات.
عبد الرقيب يوسف
أرسلت في 6/12/1990
ملاحظة: في القلعة (756) مبنى تبقى بعد التهديم 144 مبنى، مساحة القلعة (200.000م2)
ومما يدل على حساسية مسألة كركوك هو أن كلاً من كتاب ديوان رئاسة الجمهوريـة ووزارة الإعلام والمديرية العامة للآثار بخصوص ما كتبه في رسالته إلى صدام حسين ـ كتب تحت عنوان (الموضوع عبد الرقيب يوسف) وليست تحت عنوان (الموضوع قلعة كركوك) كما كان الواجب تجنباً من التصريح بذلك ولـخطورة المسألة وكتمانهـا.
* وهذه صورة كتاب ديوان الرئاسة
الجمهورية العراقية
ديوان الرئاسة
العدد / ش. ع / أ/ 6/ أت
التاريخ / 20 جمادى الأولى 1411
8/12/1990
وزارة الثقافة والإعلام / مكتب الوزير
م / السيد عبد الرقيب يوسف حسن
طياً "صورة برقية المذكورة أعلاه"
راجين بيان الرأي بصدد ما ورد فيها ... مع التقدير
المرفقات:
صورة برقية
سعدون علوان مصلح
عـ/ رئيس ديوان الرئاسة
8/12/1990
رأي دائرة الآثار والتراث تفصيلياً
10/12/90
في تموز أو آب 1991 سافر الأستاذ عبد الرقيب يوسف إلى شقلاوه وطلبت من السيد جلال الطالباني أن يتخذ هو والسيد مسعود البارزاني مسألة عدم تخريب قلعة كركوك أن تكون نقطة من نقاط التفاوض القائم آنذاك مع الحكومة العراقية كما سافر إلى رواندوز فطلبت من الأستاذ علي عبد الله سكرتير الحزب الديمقراطي الكوردستاني أن يرسل بهذا الصدد برقية إلى السيد مسعود البارزاني وكان يتفاوض في بغداد وبتاريخ 31/ تموز 1991 كتب رسالة في ثلاث صفحات إلى منظمة الصليب الأحمر الدولية والشرطة الدولية ومنظمة الإغاثة الدولية ومنظمة حماية الأطفال الدولية لكي تسعى من أجل منع الحكومة العراقية من تدمير قلعة كركوك وكانت هذه المنظمات قد بدأت تعمل في كوردستان ومن حيث أن السلطة العراقية كانت في السليمانية آنذاك وأن عقوبة مثل هذا الاتصال كانت الإعدام ـ كتب الرسالة تحت اسم: "جماعة من سكان كركوك" لا باسمه الصريح خشية أن تقع نسختها في يد السلطات الحكومية وحزب البعث وبتاريخ (4/3/1992) كتب رسالة إلى المعهد الأمريكي للشرق الأوسط وجمعية التاريخ والآثار الألمانية لنفس الغرض وكانت الرسالتان إلى الجهات المذكورة باللغة الإنجليزية وأنه يحتفظ بنسخة من كافة رسائله الخاصة بالدفاع عن قلعة كركوك لغرض إنقاذها ومنها الرسائل التي لا مجال للإشارة إليها هنا وسوف ينشرها الأستاذ عبد الرقيب يوسف مع كافة محاولاته وجهده في هذا المجال في كتاب مستقل.
هذا وقد تمكن من عرقلة تخريب وإزالة مدينة القلعة (قلعة كركوك) مدة وعند ترك المقاول (يشار شكره فياجي) التركماني مقاولاته لتخريب القلعة وذلك بقوة التهديد بالقتل ثلاث مرات من قبل البيشمه ركَه بناءاً على طلبهُ مع التوصية بعدم قتله وإلا لقتلوه وأن عبد الرقيب يوسف يشكر بهذه المناسبة كلاً من السيدين رفعت عبد الله وجلال جوهر من مسئوولي قوات البيشمه ركَه التابعة لمحافظة كركوك.
وكان المقاول يشار شكره فياجي قد هدم مقداراً من الدور ولكن الحكومة العراقية ونظام البعث هدمت أحياء القلعة كاملة في صيف 1998 وكان المقاولان اللذان قاما بهذه الجريمة أي بتخريب القلعة كورديين من سكان كركوك هما المجرمان بحق التاريخ والتراث الكوردي محمد فاضل من حي آزادي والمقاول محمود الكوردي.
لقد طلبت عبدالرقيب يوسف شفهياً من السيد جمال عبدول وزير الثقافة في إدارة السليمانية وكذا من السيد فلك الدين كاكه يي وزير الثقافة في إدارة أربيل برسالتي المؤرخة (3/8/1998) لكي يصدر كل منهما بيان استنكار ضد الحكومة فلم يفعلا شيئاً وإثر تدمير مدينة القلعة نظم فرع pkk في السليمانية بناءاً على اقتراحي وكان مسؤول الفرع المناضل الدكتور الطبيب "رمزي قرتال الواني" رسالة إلى يونسكو بتاريخ 3/8/1998 وقد وقع على هذه المذكرة أكثر من ثلاثين حزباً وجهة ومنظمة كوردية منها الجمعية الوطنية الكوردية في أوربا وكنيسة السليمانية والجمعية الثقافية المسيحية في السليمانية الرسائل في كتاب حدود كوردستان الجنوبية تاريخياً وجغرافياً للأستاذ عبد الرقيب يوسف كما طلبت مني السيدة هيروخان إبراهيم أحمد كتابة مسودة بيان إستنكار للجريمة لنشره عن طريق (انترنيت) فنشرته باللغة الإنجليزية مشكورة.
هناك صورة لمخطط القلعة من تقرير بالإنكليزية للسيد للسيد دلير الحسيني 1975.
أظهرت الحكومة أنها تحافظ على سلامة (144) بناية أثرية وتراثية وأن التهديم لا يشملها ثم تبين أنها كذبت فلم يبق سالماً ما عدا مبان محدودة جداً منها الباب الغربي و(ياشا كَومبه ت) حتى أنها هدمت أيضاً (مسجد النبي دانيال) الذي كان بجانب المنارة ومرقد النبي دانيال.
أن تخريب قلعة كركوك فضلاً عن هدف التعريب يمثل جانباً من محاربة الحكومة العراقية ونظام حزب البعث للتاريخ والتراث الحضاري الكورديين وذلك بإزالة وإمحاء مدينة تاريخية كوردية غنية بالمباني الأثرية والتاريخية والتراثية وإفناء النماذج والعينات الكثيرة من فن العمارة الكوردية ومن الزخرفة والريادة المعمارية وإمحاء نموذج ثمين لتخطيط المدن وهندستها القديمة والتاريخية في الشرق الأوسط.
من الجدير بالذكر أن نظام البعث أراد ثلاث مرات تهديم (قشلة كركوك) الجميلة التي شيدت في العهد العثماني سنة (1874م) ولكن الحكومة التركية حذرت النظام الفاشي غير أنه لم تكن هناك دولة تدافع عن قلعة كركوك وتنقذها.
ملاحظة: لمزيد من المعلومات عن خطط التخريب للمناطق الأثرية والآثار في كوردستان مثل [قلعة إربيل، والأضرحة، والمعابر التاريخية في كوردستان، قلعة خورمال وجامع خورمال،آثار قلعة جوالان، قيسرية عثمان باشا والنقيب، سراي بنجوين، خاني قازي وغيرها الكثير، مراجعة كتاب حدود كوردستان الجنوبية تاريخ وجغرافيا للأستاذ عبد الرقيب يوسف.
بعد تحرير مدينة كركوك من قبل قوات البيشمه ركَه ومقدار قليل من الجيش الأمريكي في 10/4/2003 بدأ سكان المدينة يزورون القلعة المدمرة يومياً بأعداد كبيرة حيث كانت سجل تاريخها العريق ورمز مجدها التليد ليروا ما فعل بها نظام البعث وصدام حسين فكانوا يصعدون الحسرات على تحولها من مدينة تاريخية عامرة كانت تعج بالحياة طوال آلاف السنين إلى تل أثري مهجور فاقدة حرارة الحياة آملين أن ينتعش نظام جديد في عراقنا العزيز بأن يحيى عظامها الرميم ويعيد بناءها بنفس الطراز القديم ويكتب لها البقاء والخلود.
تخريب قسم كبير من قلعة أربيل الاثرية
أرادت الحكومة السابقة ونظام البعث تهديم وإفناء مدينتين كورديتين من أقدم المدن في الشرق الأوسط استمرت الحياة فيهما منذ أكثر من خمسة آلاف (5000) سنة وهما قلعتا كركوك وأربيل محاربة للتاريخ والتراث الحضاري الكوردي ففي السادس عشر من آذار 1990 صعد صدام قلعة كركوك وأصدر قرار بتخريب المدينة التاريخيـة المقامـة عليها كما ذكرنا مفصلاً في موضوع كركوك.
أما في أربيل فأعلن مدير بلديتها والمتعاون مع نظام البعث المدعو صلاح الدين نور الدين (حسب رائ عبدالرقيب يوسف) في جريدة هاوكارى العدد الصادر في 16 نيسان 1990 عن خطته التالية ضد أربيل:
إن تهديم الدور السكنية أي مدينة القلعة وبناء فنادق ومقاه في أماكنها قطع أطـراف القلعة أي من دورها كلها (بالشوفلات) لتشييد دكاكين ومقاه للبلدية (على الطراز الإسلامي) حسب تعبيره في المساحات المستقطعة من تل القلعة الأثري البالغ مساحته (100010م2) وكان عمق المساحات المستقطعة لا يقل عن عشرة أمتار وبهذا كان تل القلعة ذي المنظر المهيب يصغر من سعته ومن ارتفاعه بمقدار كبير بحيث يكون ذلك تشويهاً كبيراً للقلعة يقلل من ضخامتها وهيبتها بالإضافة إلى فقدان مقدار غير قليل من المواد الأثرية الموجودة في التربة المستقطعة.( )
فعلى هذا إن خطة هذا العميل لنظام البعث كان بالتأكيد أخطر من مخطط الحكومة ونظام البعث لتخريب قلعة كركوك لأنه شمل استقطاع جزء كبير من تل القلعة نفسه لا تخريب مدينة القلعة فقط فتصدى عبد الرقيب يوسف لهذه الخطة الخطرة مدافعاً عن هذه المدينة التاريخية العريقة والتل الأثري العظيم فما عدا إرسال برقيتين إلى المؤسسة العامة للآثار وإلى المدير العميل في اليوم المذكور كتب عبد الرقيب رسالة في أربع عشرة صفحة بتاريخ 13/5/1990 وأرسلت نسخها إلى جهات عديدة في الدولة ومنها ديوان رئاسة الجمهورية بواسطة أحد أعضائه وهو عدنان داود سلمان كما أرسلت رسائل إلى واحد وأربعين شخصاً من الكتاب والمثقفين الأكراد وطلب منهم الدفاع عن قلعة إربيل وذلك بكتابة رسائل إلى الجهات الحكومية فدافعوا عنها بكل إخلاص وجرأة، منها إرسال مضبطة إلى شخص صدام حسين وقد أرسل قسم من نسخة رسائلهم إلى عبد الرقيب يوسف وسينشرها في كراس بهذا الخصوص وكان للندوة الجماهيرية الموسعة التي عقدها في 18 حزيران1990 المهندس المخلص الجريء (كَوهدار فتحي بابان) في أربيل صدى واسع دافع عن القلعة معظم الحاضرين وقد اقتيد المهندس كَوهدار فتحي بابان إلى دائرة الأمن لنظام البعث مرتين وقال له رجال الأمن في المرة الثانية: أنك وعبد الرقيب يوسف الذي خلق هذه الضجة ضد الحكومة ونظام البعث وإن (عبد الرقيب يوسف) اسم مستعار لك على ما تحدث بذلك المهندس كَوهدار فتحي بابان، ولما علمت السلطات الحكومية ونظام البعث أن الدفاع عن القلعة اتخذ طابعاً شعبياً وأنه ستحدث ضجة كبيرة ضد الحكومة ونظام البعث ألغيت الخطة بإيعاز من ديوان رئاسة الجمهورية بعد تدخل عدنان داود سلمان ولكن حدث أن قدم إلى أربيل علي حسن المجيد بعد مدة من نفس السنة وصادف ذلك اليوم قتل أحد ضباط الشرطة في القلعة ولما علم صلاح الدين نور الدين وإبراهيم خانقيني العميل المجرم المشهور أن علي حسن المجيد قد انزعج كثيراً بقتل ذلك الضابط استغلا غضبه وقالا له: أردنا تخريب الدور السكنية الموجودة في القلعة لأسباب أمنية لما أن القلعة بأزقتها الضيقة أصبحت وكراً للمخربين (أي للثوار الأكراد) إلا أن محاولاتنا قد فشلت فبإمكانك أن تسمح لنا بتخريب القلعة فسمح لهما فباشرا فوراً وبصورة عشوائية بتخريب مئات من دورها السكنية بالشفلات والبلدوزرات مما أدى إلى قتل خمسة أشخاص بانهيار الجدران عليهم وهم الحاجة المعمرة (بهار) والمعمر (مام خضر خوشناو وخضر حسين سكتاني) مع زوجته (غريبة) وبنته (خديجة) وقد سجلنا مرتين تفاصيل هذه الجريمة بأصوات جماعة من سكان القلعة على شريط الكاسيت وهم شهود عيان وقد نشر جريمة تخريب القلعة وقتل الأشخاص المذكورين في مجلة روشنبيرى كوردستاني العدد (2) آذار سنة 2000 وفي جريدة كوردستاني نوى العدد الصادر في (24/9/1998) هذا وفي انتفاضة 1991 تمكن سكان القلعة من قتل المجرم إبراهيم خانقيني كان من أخطر جواسيس نظام صدام في أربيل وفي بلدية أربيل أما المجرم الآخر صلاح الدين فقد اختفى في المدينة إلى أن سيطرت الحكومة مرة أخرى على أربيل علماً أنه بأمر من ديوان رئاسة الجمهورية قد طرد صلاح الدين من البلدية بعد جريمته بحق القلعة وتراثها وسكانها حيث اتهم بخمس قضايا سرقة ومخالفات وشكلت لجان للتحقيق معه ولكنه افلت من هذا أيضاً بسبب قيام الانتفاضة وقد تحدث عبد الرقيب من المايكروفون بكل ما كتبه هنا في (28/3/2003) في الكونفراس الدولي لقلعة إربيل عندما وجده حاضراً في الكونفراس وخاطبه بجرائمه مع إبراز الورقة المسجلة عليها قضايا سرقاته وأسماء أعضاء اللجان المشكلة للتحقيق معه كما وزع نسخاً عديدة منها على المشاركين في الكونفراس وكانت لجنة الكونفراس قد دعته إلى المشاركة فيه معززاً ومكرما فمثله كمثل قاتل يدعى إلى حضور مجلس الفاتحة على روح المقتول مما يدل على بساطة العقلية الكوردية وعلى فقدان القيم وعدم إخلاص المديرية العامة للآثار والتراث في إربيل التي يديرها شخص يعتبره الناس جاهلاً ليس في قلبه مثقال ذرة من الإخلاص للآثار والتراث وبسبب عدم إخلاصه ضاع قسم ثمين من الحضاري في أربيل. وهناك صورة من تخريبات القلعة التي كانت مكتظة بالمباني والأزقة وكان بعض المباني يتضمن زخارف ومواد تراثية ثمينة تشاهد في بعض الصور مساحات مسطحة بعد تهديم المباني القائمة عليها وإزالة أنقاضها.
الفريق الركن
الدكتور عبد العزيز المفتي