إيناس كريم تقود منظمة لمعالجة الادمان وتقول : ملف المخدرات مهمل لانها تجارة رابحة
رووداو ديجيتال:شابة عراقية، تخرجت من الجامعة المستنصرية، اختصاص علم نفس، وعملت مدرسة في متوسطة، وكانت تمارس حياتها بصورة طبيعية ومستقرة، حتى أكتشفت ذات يوم ان هناك حالات لتعاطي المخدرات في مدرستها..
من هنا تغيرت حياتها تماما، بل تغيرت خطوط دروبها.. انقذت الطلبة المتعاطين للمخدرات بالتعاون مع عوائلهم عن طريق نقلهم الى مراكز التأهيل خشية عليهم من طردهم من الدراسة عند ذاك سيتدمر مستقبلهم.. إيناس كريم تركت وظيفتها واسست اول منظمة لمعالجة الادمان من المخدرات عام 2017، وهي المنظمة الوحيدة في هذا المجال في عموم العراق. ومنذ ذاك تمضي هذه المرأة العراقية ايامها ما بين البحث عن المدمنين، المراهقين والشباب خاصة، ونقلهم الى مراكز التأهيل، لتشعر بسعادة انجازها رغم ما تتحمله من متاعب نفسية وارهاق جسدي.
إيناس كريم، مؤسسة ورئيسة منظمة نقاهة لمعالجة ادمان المخدرات، وهي من منظمات المجتمع مدني، قالت في حديث لشبكة رووداو الاعلامية اليوم الثلاثاء، 31 اكتوبر 2023، ان:"منظمتي متخصصة بمعالجة المدمنين على المخدرات وتوعية المجتمع على خطورتها"، موضحة:"نحن نعمل على معالجة المدمنين عن طريق التواصل معهم بواسطة وسائط التواصل الاجتماعي او عن طريق الاتصال بعوائلهم، او الوصول اليهم بالتعاون مع وزارة الداخلية، وكذلك عن طريق المحاضرات التي القيها في الجامعات، حيث تبلغ نسبة تعاطي المخدرات في الجامعات 30%،وكذلك حملات التوعية التي نقوم بها باستمرار".
لا تخفي إيناس كريم معاناتها من:"شحة التمويل وعدم دعم منظمة نقاهة لمعالجة ادمان المخدرات سواء من جهات حكومية او من اية منظمة عراقية او دولية بل نحن نعتمد على العمل التطوعي ونتبرع من جيوبنا لتنفيذ برامجنا". موضحة بان:" عدد اعضاء المنظمة في بغداد هم 10 فقط، ولنا فروع في النجف والبصرة وديالى ونتواصل مع وزارات الصحة والداخلية والتربية والتعليم العالي باعتبار ان الموضوع يخص الشباب".معبرة عن أسفها بان:"في العراق هناك دعم لمنظمات او نشاطات غير مهمة وغير مجدية ، بل ان هذه الجهات تحصل على دعم كبير سواء من الحكومة او المنظمات الدولية، لكن ملف مهم وخطير للغاية مثل معالجة المدمنين على المخدرات ومحاربة هذه السموم لا يحظى باي اهتمام..والاكثر من هذا فان هذا الملف مهمل عن تعمد لانها تجارة رابحة داخل وخارج العراق ولا يمكن محاربة ثالث اكبر تجارة بعد النفط والسلاح لانهائها فهناك شبكات من المستفيدين من هذه التجارة وهذا امر معروف ولم يعد سرا".مضيفة:" لا يمكن لاي مشروع ان يتقدم بدون دعم مالي نحن نعمل من سنوات متطوعين وانا ارتبطت بهذه المنظمة والعمل يمضي سواء بدعم او بدون دعم لكننا في الحقيقة بحاجة للدعم لنتوسع بمعالجة اكبر عدد من المدمنين، لكن لا حياة لمن تنادي".
تجار مخدرات مع بضاعتهم في قبضة القوات الامنية العراقية
الغريب في ملف المخدرات الذي اصبح يشكل اعظم خطورة على المراهقين والشباب بسبب انتشارها وتعاطيها من قبل اعداد كبيرة من هذه الفئات هو غياب الاحصائيات الرسمية والدقيقة حول اعداد المتعاطين، لكن هناك احصائيات صادرة من وزارة الداخلية حول اعداد تجار المخدرات وحسب ما اعلنه مصدر في وزارة لداخلية فإنّ:" القوات الأمنية اعتقلت 16 ألف و800 متهم بتجارة وترويج وتعاطي المخدرات، خلال العام الماضي، ونال 7 آلاف و898 منهم أحكامًا بالسجن". موضحا بأنّ:" أعمار النسبة الأكبر من المعتقلين تتراوح بين 18 - 30 عامًا من فئة الشباب، وأنّ قائمة المعتقلين ضمت 500 حدث دون السن القانونية".وكشفت بيانات الداخلية عن:" أنّ عدد النساء والفتيات المعتقلات بقضايا المخدرات بلغ 250 امرأة، وضبط 490 كيلو غرام من مادة "الكريستال"، بوصفها أكثر أنواع المخدرات شيوعًا في البلاد. كما كشف عن ضبط 15 مليون حبة مخدرة من (كبتاغون)".
تقول إيناس كريم:"حسب بيان رسمي من مجلس القضاء الاعلى صدر العام الماضي، 2022، أوضح بان نسبة المدمنين من الشباب الذكور 40% ونسبة الاناث 15%، يعني ما نسبته 55% من الشباب ذكور واناث". مؤكدة بانه:"حتى الان هناك تقصير واضح من الجهات الحكومية المختصة بشأن الاحصائيات الدقيقة حول ملف المخدرات حيث لا يزدون المؤسسات المختصة، مثل منظمتنا، والجهات الاعلامية او غيرها بهذه الاحصائيات". منبهة الى ان:"هذه الاحصائيات تكشف مدى فشل الجهات الحكومية بهذا الملف وترصد مواقع اخفاءاتهم". كاشفة عن ان:" الحكومات العراقية المتعاقبة فشلت بوزاراتها ومؤسساتها المختصة، سواء عن تعمد او غير قصدية، في معالجة ملف المخدرات، وحتى اكون منصفة ومحايدة فان الحكومة الحالية افضل من سابقاتها في التعامل مع موضوع محاربة المخدرات، وانا متعاملة معهم منذ عام 2017 ، ومن التغييرات الايجابية حاليا هو افتتاح مستشفى متخصصة في منطقة القناة بمعالجة المدمنين على المخدرات بسعة 150 سرير، والان يعملون على اضافة ردهة جديدة وتوسيعها، هذه تعتبر اول مستشفى من نوعها في العراق. اما على مستوى مجلس النواب الحالي فقد تم تشكيل لجنة نيابية لمكافحة المخدرات وهي تتابع اي تقصير في عمل المؤسسات الحكومية المسؤولة عن هذا الملف وفي اي تهاون اكون لهم بالمرصاد".
وعن الاسباب التي دفعتها للخوض في هذا المجال الشائك والمعقد، قالت إيناس كريم:"كل انسان عنده رسالة بالحياة.. انا كنت مدرسة ومستقرة في عملي وحياتي الاجتماعية، لكنني اكتشفت ان هناك حالات تعاطي لطلاب في مدرستي المتوسطة ..وكان علي ان اتخذ قرار لمساعدتهم لانهم سيتعرضون للطرد من المدرسة وهذا يعني تدمير حياتهم ومستقبلهم، فاتصلت باهلهم وعرضناهم على اطباء نفسانيين وواصلنا علاجهم عند ذاك سالت نفسي: اذا كانت هناك حالات تعاطي داخل المدرسة فكيف هي الامور خارجها؟ ورحت ابحث بعمق في هذا الملف فاكتشفت انه شائك ومهمل ولا يهتم به احد وليست هناك منظمات لمساعدة المدمنين فقررت تاسيس منظمة نقاهة لمعالجة ادمان المخدرات وهي الوحيدة في العراق في هذا المجال".
واوضحت إيناس كريم بان:"الاعمار التي تتعاطى المخدرات بين المراهقين والشباب هي من عمر 17 الى 25 سنة من كلا الجنسين، والاعمار الاكبر نسبتهم اقل، لان هذه الفئات العمرية تتراوح بين المراهقة والانتقال الى مرحلة الشباب المبكر، وهي مرحلة تحولات نفسية وعائلية وعاطفية واقتصادية، وكل هذه الامور تلعب دورها في اتجاههم نحو المخدرات". منوهة الى ان:"اكثر الاصناف التي يتعاطونها هي: الكريستال والكبتاغون والحشيشة، حيث يبلغ سعر الغرم الواحد من الكريستال من 10 الاف الى 15 الف دينار ومتوفر بكثرة وهو الاكثر خطورة وتاثيرا على المخ".
وشرحت رئيسة منظمة نقاهة لمعالجة ادمان المخدرات طرق العلاج، قائلة:" يتم علاج ادمان المخدرات على مرحلتين، الاولى هي سحب السموم من الجسم عن طريق الادوية، والثانية هي التأهيل النفسي وهذا اختصاصي.. ناخذهم الى المستشفى بداية لسحب المادة السامة وهذه المرحلة تستغرق ما بين 30 الى 40 يوم، يرافق ذلك عملية التأهيل من قبل المعالج النفسي لكن من المهم يتوجب على المدمن ان يساعد نفسه ويساعدنا للاستجابة للعلاج ..النسبة الاكبر لديهم رغبة بالعلاج والتخلص من الادمان، وغير الراغبين نتحدث معهم عن خياراتهم، ونقول لهم: انتم امامكم السجن او المستشفى او الموت او ان تفقدون عقولك وتتسولون بالشوارع، ونحاول معهم وبمساعدة عوائلهم لاقناعهم واذا لم يستجبوا فهذا اختيارهم".
وحول القوانين التي تمنع تجارة واحتساء الخمورو وعلاقتها بانتشار المخدرات، قالت إيناس كريم:"احتساء الكحول افضل من تعاطي المخدرات بكثير، انا بالتأكيد لا اقول ذلك في محاظراتي لكن هذه هي الحقيقة.. قوانين منع الخمور وارتفاع اسعارها يفتح ابواب واسعة لاتجاه الشباب لتعاطي المخدرات وانتشارها. يجب توفير بدائل افضل من المخدرات وباسعار اقل واعتبر الكحول هو البديل عن المخدرات". موضحة ان:" اسباب المتعاطين للمخدرات مختلفة، ابرزها التفكك الاسري والفشل العاطفي، والعوز المادي وتفشي البطالة، والشباب الذين يمرون بهذه الظروف يعتبرون صيدا سهلا لتجار المخدرات حيث يورطوهم عن طريق تزويدهم بالمخدرات مجانا وبعد ادمانهم يتسغلوهم لترويج سمومهم مقابل غرامات بسيطة من الكريستال لانهم لا يستطيعون دفع اثمانها ، او يتجهون الى الجريمة والسرقة ..وهناك من يجرب التعاطي بسبب الفضول، وتقليد الافلام والمسلسلات الاجنبية، مع عدم توفر وعي بالموضوع..يضاف الى هذا ظواهر الفساد التي يمارسها غالبية من السياسيين ، ذلك ان شبابنا يعانون من اخفاقات كثيرة اهمها البطالة والعازة وهم يشاهدون اقرانهم من ابناء المسؤولين يقودون افخم السيارات ويسافرون الى خارج البلد ويتمتعون بحياة مرفهة بينما الشاب العراقي لا يملك دينار في جيبه .. الفساد احد اهم الاسباب التي دفعت الشباب لتعاطي المخدرات". وقالت:" كل قصة من قصص الشباب الذين يتعاطون المخدرات هي كارثة..قصص من الصعب حتى علي تحملها".
وأشارت رئيسة منظمة نقاهة لعلاج ادمان المخدرات نقطة مهمة تتعلق بقوانين مكافحة المخدرات، قائلة:"القوانين غير رادعة..التجار هم مجرمون وقتلة ويجب الحكم عليهم بقسوة بدلا من ان ايداعهم السجون .. قانون محاربة المخرات قبل 2003 كان رادعا وتم تعديله عام 2017 وتخفيف احكام اعدام التجار الى السجن لمدة 15 او 20 سنة..القانون الجديد تعامل مع المدمن باعتباره مريض وانا احترم هذا جدا لكني ليس مع تخفيف الاحكام لتجار السموم والموت لشبابنا".
وفيما يتعلق بالنتائج التي حققتها منظمتها، نقاهة لعلاج ادمان المخدرات، قالت إيناس كريم:"حققنا نتائج ممتازة واجمل ما انجزه هو ادخال الفرحة لقلب أم واب بانقاذ ابنهم من الادمان، والاهل عامل مهم في نجاح عملنا..لقد عالجنا المئات من المدمنين". موضحة ان:" استجابة الذكور للعلاج اكثر من الاناث المدمنات على المخدرات لانهن يخشين الافصاح عن انفسهن لاسباب اجتماعية ويخافون من عوائلهن".
واشادت إيناس كريم بـ "الجهود التي بذلناها مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، فانا اشتغلت على موضوع قروض ميسرة للمدمنين بعد تعافيهم حيث يتم تدريبهم لشهر او اكثر على اختصاصات مثل النجارة او الميكانيك او الاليكترونيات اوالحلاقة والخياطة ثم تمنحهم الوزارة قروض بسيطة تمكنهم من تاسيس مشاريع صغيرة على ان يثبتون تعافيهم من الادمان حسب وثائق من المستشفيات، وقد حققنا بهذا المجال نجاحات مهمة ".