شعب غزة ليس كمثله شعب
الدكتور وائل القيسي
شعب غزة ليس كمثله شعب
عذرا أيتها اللغة العروب، فما عاد بليغ الفصاحة يغريني، ولا شعر الملك الضّلّيل يشجيني، حتى (بلاد العرب أوطاني) صارت كنشيج طفل تخنقه صرخات : "أمي أعرفها من شعرها" .
فصبرنا المزعوم ، تفزعه لوعة أم تتوسل ملائكة الموت المؤجل موتهم : "شعره كيرلي ، ابيضاني وحلو" ، ورجولتنا صارت تتأرجح مذهولة بين حلم نخوة المعتصم، وبين رويبضات خصيان حكام العرب .
طاش رأسي من صوت "أجراس العودة" التي ستقرع... لكنها هل حقا ستقرع؟!.
: وين الملايين؟!
: الشعب العربي وين؟!
لا أدري أين، فالسؤال عصي على الإجابة...
كان الشعب العربي تغص به شوارع القاهرة وبغداد ودمشق والرباط وتونس والجزائر وطرابلس والخرطوم وصنعاء، حال سماعه خبرا او خطابا او خطبة في إذاعة، أو مقال في جريدة أو قصيدة عصماء ، فتموج وتمور ساحات التحرير وأحمد عرابي والشهداء والأحرار في شتى عواصم العروبة، عندها تسقط حكومات وتقوم ثورات وتسحل وتسحق رؤوس، عندما توصم بالخيانة او التخاذل ...
ما بالكم اليوم أيها العرب وربما الأصح : من بال عليكم حتى انكسرت عيونكم بهذا الشكل العجيب والمريب؟!.
أعجبني جواب الأديب العراقي الكبير "الدكتور محسن الرملي" وهو صديق عتيق ، عندما قالت له إحدى الصديقات الاديبات : "والله لو يعطونني يتيما من غزة نتكفل به ونربيه مثل اولادي"
فأجابها قائلا: "والله الأفضل لو نرسل لهم أولادنا يربونهم كما يربون أولادهم".
الحمد لله...
الحمد لله ...
هذا قول كل أهل غزة الأحرار، رغم كل ما حلّ ويحلّ بهم من تضحيات جسام، وفقد للأهل والولد والمال والجسد...
إنه يقين المؤمن ، الذي يتجلى في النوائب، ولا نائبة أقسى وأصعب مما يجري لأهل غزة، وعلى رؤوس الأشهاد...
الأم تقول الحمد لله عندما يستشهد وليدها والوالد يُكبِّر حامدا، شاكرا ربه عندما يسقط ابنه، وربما كل عائلته شهداء مضرجين بدماء الشهادة الطاهر الطهور ، والطفل يرى أمه أو أباه، وربما كل أهله، وهو جريح ومصاب وترتجف وتختضّ أوصاله خوفا وهلعا من هول المشهد لكنه لا يجزع ابدا، ويحمد الله بيقين، رغم دموع القهر والغضب...
شعب غزة، شعب العجب،
شعب غزة ليس كمثله شعب...
شعب غزة خانته حتى أضلع صدره، مثلما قالها القائد العربي المسلم صدام حسين المجيد الشاهد والشهيد ، عندما خانته أقرب بطانته وسلمته للغزاة الاميركان المجرمين : "لقد خانتني حتى أضلاع صدري" ، وكذا الحال اليوم مع فلسطين وغزة على وجه التحديد .
قطعا نحن مع الحياة ضد الموت، لكننا مع الموت الذي يحفظ الحياة ،ولنا في مقاومة وتضحيات شعب غزة أسوة حسنة في حياة تسر الصديق أو ممات يغيض العدا .