ديمقراطية الشارع المنفعل
د.سعد العبيدي
ديمقراطية الشارع المنفعل
كلما اقترب موعد الانتخابات يوماً من حدوده الرسمية، كلما تصاعدت بعض الأصوات والأفعال بالمقاطعة من جهات كانت مشاركة في جميع دوراتها السابقة، ترشيحاً وتصويتاً، على الرغم من كونها أي الانتخابات الوسيلة الوحيدة لتحقيق الديمقراطية نظاماً للحكم وافق عليه الجميع، وكيّفوا عملهم السياسي على اصوله المتعارف عليها، لكنهم هذه المرة وبينهم جمهور التيار الذي انسحب من الانتخابات، وعزل نفسه عن آليات تطبيقها، لم يكتفوا بهذا الانسحاب، بل ساروا خطوات الى الأمام، نزل بعضهم الى الشارع غاضبين، يستهدفون دعايات الأحزاب والمرشحين، يلوحون بتوجيه العقاب ليس للمرشحين وحدهم، وانما للناخبين على حد سواء.
إنه تطور سلبي في بنية الديمقراطية المتعثرة في الأصل، وسلوك انفعالي، لا يسهم بأي حال من الأحوال بتعزيز خطواتها، التي تعتمد في الأساس على أصوات الناخبين لتحديد الجهات التي تحكم، وتدير الدولة والمجتمع.
صحيحة تلك الآراء التي تنتقد الانتخابات العراقية لعموم دوراتها، تمويلاً من الخارج، وتدخلاً من جهات في الداخل، وإيحاءات دينية، وتوافقات مصلحية، وصحيحة هي الاتهامات التي تطعن بنزاهتها، وبالتزوير الحاصل في مجالها، وبالغش العمدي لإيهام الجمهور وسرقة أصواته، وصحيحة هي التوصيفات السلبية عن مرشحين، غير ملائمين لتمثل جمهورهم والشك بشهاداتهم، ومع هذا فإن التدخل القسري لمنع حدوثها بالتأسيس على تلك الأسباب أو أخرى غيرها، لا يمكن أن يكون صحيحاً، ولا ملائماً لتقويم الديمقراطية وإرساء قواعدها الصحيحة، كما ان الدفع باتجاه عدم المشاركة بالانتخابات عن طريق التهديد والتخويف، غير مقبول سياسياً واجتماعياً وحتى دينياً، والصحيح في هذا الشأن هو دخول ساحة الانتخابات طرفاً، وتصحيح مساراتها من خلال التواجد في مجالس المحافظات، أو تحت قبة البرلمان أغلبية تحكم أو أقلية تعارض، وبعكسه سيسود الاضطراب وستفشل الديمقراطية، وستحل الديكتاتورية وسيلة إدارة، وسيكون الجمهور المنفعل في الشارع أول من يدفع فاتورة حلولها من فئات المجتمع العراقي المغلوب على أمره، والأصح في النظام الديمقراطي نزع الأسلحة المليشياتية، وإن كانت مسجلة لأغراض الدفاع والمقاومة، كي لا يتم الاستقواء بها أدوات منع وتهديد.