في الذكرى ٢١ لغزو البلاد والعباد: محنة الاكاديميون العراقيون بعد الاحتلال :
د.علي عبدالرحمن الزعاك
في الذكرى ٢١ لغزو البلاد والعباد:محنة الاكاديميون العراقيون بعد الاحتلال :
ربما تختلف هذه قليلا عن المحنة الوجودية التي تعرض لهاالاطباء والاعلاميين وقبلهم الطيارين.. اذ واجه الأكاديميون العراقيون ثلاث معضلات رئيسية بعد الاحتلال عام 2003 كان اولها استجواب (واحيانا احتجاز) علماء ذوي تخصصات علمية معينة في اطار البحث عن برنامج سري مزعوم لأسلحة الدمار الشامل..ولا وجود له في واقع الامر..
وبدأت المعضلة الثانية عندما تم تسريح مئات الأكاديميين من وظائفهم في إطار عملية اجتثاث البعث اذ تم فصلهم من الجامعات لأنهم كانوا أعضاء في الحزب المهيمن على الحياة السياسية والاجتماعية لمدة 35 عاما.. ولم تدرك سلطات ما بعد الحرب اهمية الخبرات التي خسرتها الا بعد عام أو نحو ذلك ، حيث أعيد البعض تحت ضغط الحاجة..
اما المعضلة الثالثة فقد كانت الأسوأ.. حيث بدأ الأمر بتلقي الأكاديميين رسائل تهديد مجهولة المصدر، تلتها حملة اغتيالات قتل خلالها المئات من كبار الاساتذة ، وقد يتجاوز العدد ال 700 ضحية..وفي حين تم إطلاق النار على العديد منهم وهم في طريقهم إلى الجامعة أو عند مغادرتها، اختطف بعضهم ثم قتلوا او غيبوا دون اثر رغم دفع فدية من قبل عوائلهم للخاطفين.. فيما ألقى القلق بظلاله على حياة الاخرين ، وتم لفت انتباه العالم إلى هذه المشكلة ، للمطالبه بإجراء تحقيق جاد وكشف الفاعلين لكن ذلك لم يحدث..وكان المؤتمر الذي عقدته جامعة مدريد في شهر نيسان 2006 من بين الجهود الدولية الأولى في هذا الصدد..كذلك أولت المجلات العلمية الرائدة مثل Nature و Science Magazine اهتماما خاصا بالموضوع في عام 2006. بينما ضمنت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) ، في تقريرها عن حقوق الإنسان الصادر في 1 مايس - 30 حزيران 2006 ، صفحة كاملة عن حوادث الاغتيال خلال تلك الفترة..وذكرت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، للأخبار والمعلومات التابعة للأمم المتحدة، مرارا أن معظم العلماء المعروفين يبحثون عن ملاجئ آمنة في الخارج.
لم تستطع وزارة التعليم العالي مواجهة المشكلة التي ادت إلى نزيف العقول ولم تستطع حمايتهم فاكتفت بتحديث قائمة الضحايا بينما كانت هناك عدة مواقع علمية دولية تراقب الوضع وتنشر قوائم محدثة بالاساتذة والأطباء القتلى ..ورغم احداث العنف الطائفية التي تلت الاحتلال الا ان ضحايا هذه الفئة كانوا خارج المعادلة الطائفية ومن مختلف انحاء البلاد مما يستوجب تكليف لجنة او شركة امنية بالتحقيق وكشف الحقيقة..فذلك سيكون من ارشيف الدولة ولو بعد حين!