"لحظة مفصلية في قلب كوردستان: استقبال البارزاني للسفيرة الأمريكية وآمال شعب تتطلع للعدالة"
د.أنور أبو بكر الجاف
"لحظة مفصلية في قلب كوردستان: استقبال البارزاني للسفيرة الأمريكية وآمال شعب تتطلع للعدالة"
على وقع الساعة وتحت سماء 30 آذار انبثق خبر عاجل يتلألأ على شاشات تلفزيون كوردستان مرسومًا بخطوط حمراء تنبض بالإلحاح، يعلن باستمرار عن استضافة الرئيس البارزاني للسفيرة الأمريكية في العراق، ألينا رومانسكي. بتناوب مدروس يتم تقديم الخبر تارة بذكر السفيرة بالاسم، وتارة أخرى دونه، في دورة تكرار بلغت 7,200 مرة خلال ساعة واحدة، موجهة رسالة لا تقبل الإغفال هذا الإعلان الذي يتردد صداه في أرجاء الإقليم لا يعيد فقط تشكيل ملامح اليوم الإعلامي بل يخترق قلوب وعقول شعب كوردستان مستثيرًا تساؤلات عميقة حول النوايا والمعاني الكامنة وراء تكراره المتعمد.
ففي زمن تتقاذفه رياح التغيير والتحديات يتجاوز الخبر مجرد الإعلان ليصبح نقطة تحول قد تحمل في طياتها الأمل أو اليأس لشعب يواجه ظروفًا صعبة قاهرة، يعكس هذا اللقاء المثير للجدل الذي يأتي في خضم تجارب عصيبة عاشها الإقليم من تأخيرات في الرواتب منذ 2014 وأزمات اقتصادية والى الآن، لحظة فارقة قد تلوح في الأفق بإشارات إلى تغييرات محتملة في السياسة الداخلية أو الخارجية ، فهل ينبئ استقبال السفيرة بتجديد للثقة الأمريكية في قيادة الإقليم، أم أنه يمهد لتمديد حقبة حكم دامت أكثر من ثلاثة عقود والى ماشاء الله لعائلة تولت زمام الأمور وأصبحت محورًا للسلطة والنفوذ؟
ومع ذلك يبرز الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في هذه المعادلة باعتبارها قوة فاعلة في المنطقة وأسهمت في تشكيل ملامح النظام السياسي الحديث للعراق وإقليم كوردستان منذ 2003.
يحتم علينا السؤال عن المسؤولية الأخلاقية والتاريخية لأمريكا في الإشراف على مسار يحفظ لهذا اشعب حقوقه و مستحقاته من دون جور ويضمن له عيشًا كريمًا في ظل حكومة عادلة وشفافة ومستقرة.
والسؤال هل تكون هذه الزيارة الدبلوماسية بمثابة نقطة انطلاق لمرحلة جديدة تشهد تحسين الأوضاع المعيشية وتعزيز العدالة الاجتماعية، أم أنها مجرد تكريس لواقع قائم؟
من هذا المنطلق يتحتم على شعب الإقليم بقلوبه العامرة بالأمل وعقوله اليقظة التفكير بعمق في الرسائل الخفية
والمعلنة وراء هذا الحدث البارز.
هذا التفاعل الدبلوماسي الذي شهده الإقليم ليس مجرد خبر يتكرر على شاشات التلفزيون بل هو دعوة للنظر بعين الاعتبار إلى مستقبل كوردستان وما يمكن أن يحمله من تحولات جوهرية قد تؤثر على مصير أجيال قادمة.
يظل السؤال الآخر الأكثر الحاحا: هل ستكون هذه الزيارة اللحظة التي ينتظرها الشعب الكردي لتحقيق العدالة الاجتماعية والازدهار أم أنها ستمر كغيرها من اللحظات دون أن تحدث الفارق المنشود؟
وفي الختام الجواب على هذه التساؤلات يكمن في الأفعال وليس الأقوال في القرارات التي ستتخذ والسياسات التي ستُطبق. ويبقى على المواطنين الأوفياء والمنصفين التأمل في هذه الأحداث بحكمة ونظرة مستقبلية، متسلحين بالأمل والعمل نحو مستقبل يعد بالعدالة والمساواة لكل أبناء كوردستان.
إنَّ التاريخ يكتبه أولئك الذين يجرؤون على الحلم والسعي وراء تحقيق أحلامهم، واليوم أمام شعب كوردستان يلوح في الأفق حلم جديد حلم يستحق النضال من أجله بروح من التفاؤل والإصرار لرسم مستقبل يليق بتاريخهم العريق وتطلعاتهم نحو الحرية والعدالة والمساواة التي كفلها لهم الدستور العراقي الجديد .