خطوات الصدام بين إيران وبين إسرائيل وآفاق المستقبل
د.سعد العبيدي
خطوات الصدام بين إيران وبين إسرائيل وآفاق المستقبل
تجاوزت إسرائيل حدود القواعد غير المكتوبة للاشتباك بينها، وبين إيران الدولة التي تليها في موازين القوة بالمنطقة إثر قصفها القنصلية الإيرانية في دمشق، وتسببها بمقتل قادة من الحرس الثوري الإيراني كانوا في اجتماع، ومن تجاوزها هذا أرادت إسرائيل رفع سقف التصعيد، وجر إيران الى رفعه أيضاً، بغية الدخول الى حالة صدام مباشر، يسمح اليها أي إسرائيل توسيع رقعة الحرب خارج حدود غزة، واستعجال جر المنطقة الى حرب هي الأقدر على كسبها، والأقدر على وضع العالم أمام واقع جديد يخدم مخططاتها الى عشرات مقبلة من السنين، تكون فيه السيدة الأولى بالمطلق، لكن إيران التي شحنت شعبها وبعض شعوب المنطقة المؤيدة لها انفعالياً، ردت بطريقة محسوبة غالت فيها بعدد الأسلحة المستخدمة (طائرات مسيرة، وصواريخ مجنحة، وبالستية، بقدرات تدميرية أقل) ووجهتها الى أهداف محددة، وكأنها تريد إخبار إسرائيل ومن بعدها أمريكا أنها قادرة على الوصول المباشر الى كل الأهداف الإسرائيلية، وإنها تمتلك أسلحة ذات تدمير أكبر لم تستخدمها بعد، رسالة استوعبها الامريكان الذين يريدون إعداد وتحقيق أهدافهم على نار هادئة، وأرغموا إسرائيل على استيعابها، والرد في العمق الإيراني رداً محدوداً، ذا مغزى نفسي... ردان متوازنان إثرهما المادي محدود على كل منهما، قادران على إعادة فاعلية قواعد الاشتباك الى حالها السابق، مهارشة عن بعد تسمح لإيران الاستمرار في بسط نفوذها في دائرة الصراع القريبة من إسرائيل، واستخدام أذرعها بحدود بسيطة لا تغير من النتائج العامة للصراع، وتسمح لإسرائيل التحرك في عموم المنطقة بخطوات تدريجية يمكن استيعابها من أهل المنطقة، تمهد الى كسب المزيد من النفوذ وفرض الحلول التي تريد.
إنه شكل من التوازن القلق في دائرة صراع بين قوتين صاعدتين، ستكون وسطهما سوريا ومن بعدها العراق أكثر المتضررين بشظايا الصدام المحسوب، الذي يتهيأ العالم الى قبول نتائج له تصب باتجاه تكوين شرق أوسط جديد، لإسرائيل فيه حصة، ولإيران حصة، وللعرب فيه فتات المائدة، ومجال رحب للتباكي على ماض تليد.