يوم الغدير- عندما تتحول الاساطير والبدع الى حقائق دامغة /١ـ ٣
علي الكاش
يوم الغدير -عندما تتحول الاساطير والبدع الى حقائق دامغة /١ـ ٣
قال الشيخ المفيد " القول في تسمية جاحد الامامة ومنكر ما اوجب الله الائمة من فرض الطاعة، واتفقت الامامية على من انكر امامة أحد الأئمة، وجحد ما اوجب الله من فرض الطاعة، فهو كافر، ضال، مستحق للخلود في النار". (أوائل المقالات/44).
تبنى الاطار التنسيقي الشيعي مقترح خصمه اللدود مقتدى الصدر في إقرار يوم الغدير كعطلة رسمية في العراق دون الاخذ بمشاعر اكثر من مليار مسلم لا يشكل الشيعة منهم اكثر من 10%، وتبين زيف الشعارات التي تشدق بها الصدر حول المواطنة، وذهب شعار (اخوان سنة وشيعة، هذا الوطن ما نبيعه)، وقول علي السيستاني السنة هم انفسنا ادراج الرياح، كانت الغلبة لأصحاب عقيدة التقية الذين اضمروا الفتنة الطائفية واعلنوا الشراكة والمواطنة، ربحوا الغدير وخسروا اهل السنة، وكان السياسيون السنة ضمن الاطار التنسيقي هم الأكثر حرجا، وتناسوا ان مراجع الشيعة افتوا بعبارة (باهتوهم) أي اكذبوا عليهم. لقد ابثوا مداسا انتعله الصدر والبرلمان الاطاري بجدارة وذكاء ثعلبي.
لقد خسر زعيم الرعاع مقتدى الصدر الشارع السني في العراق وبقية الدول الإسلامية؟ هل يعلم الصدر والبرلمان الاطاري بانهم سنوا سنة سيئة سيعقبها ما لا يتوقعوه؟
هل يحتاج الشعب العراقي الى التلاحم والتآخي والانضواء تحت خيمة الوطن الواحد ام الفرقة الطائفية؟
لو احتفل السنة بيوم السقيفة وتعيين ابي بكر خليفة لرسول الله، هل سيحتفل الشيعة معهم؟ وهل سيقبلون الامر؟
هل سنشهد في قوادم الأيام اجتماع للبرلمان الاطاري لرفع نصب أبو جعفر المنصور من بغداد، وانشاء نصب الخامنئي او قاسم سليماني على اعتبار انهما مؤسسا عراق ما بعد عام 2003؟
هل يعلم العراقيون ان البرلمان والصدر كفروا اكثر من مليار مسلم ممن لا يعترف بالولاية والنص الالهي؟
تكفير الصحابة
قال تعالى في سورة الفتح/ 18 (( لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا)).
قال الطبري" يقول تعالى ذكره: لقد رضي الله يا محمد عن المؤمنين، إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، يعني بيعة أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وسول الله بالحديبية حين بايعوه على مناجزة قريش الحرب، وعلى أن لا يفرّوا، ولا يولوهم الدبر تحت الشجرة، وكانت بيعتهم إياه هنالك فيما ذكر تحت شجرة. وكان سبب هذه البيعة ما قيل: إن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان أرسل عثمان بن عفان رضي الله عنه برسالته إلى الملإ من قريش، فأبطأ عثمان عليه بعض الإبطاء، فظنّ أنه قد قتل، فدعا أصحابه إلى تجديد البيعة على حربهم على ما وصفت، فبايعوه على ذلك، وهذه البيعة التي تسمى بيعة الرضوان، وكان الذين بايعوه هذه البيعة فيما ذُكر في قول بعضهم: ألفا وأربع مئة، وفي قول بعضهم: ألفا وخمس مئة، وفي قول بعضهم: ألفا وثلاث مئة". (تفسير الطبري). كان منهم ، أبو بكر الصدّيق، عمر بن الخطاب، علي بن أبي طالب، عثمان بن عفان، جابر بن عبد الله، وابن عمر، أبو سنان الأسدي، جَدُّ بن قيس، أم سلمة.
مقدمة
يقول محمد جواد مغنية "إن احتفالنا بهذا اليوم (يوم الغدير) هو احتفال بالقرآن الكريم، وسنة النبي العظيم بالذات، احتفال بالإسلام ويوم الإسلام. وإن النهي عن يوم الغدير تعبير ثان عن النهي بالأخذ بالكتاب والسنة وتعاليم الإسلام ومبادئه". (الشيعة والتشيع/258). وقال عبد الله العلايلي" أن عيد الغدير جزء من الإسلام، فمن أنكره فقد أنكر الإسلام بالذات". (المصدر السابق).
طالب النواب الشيعة في البرلمان العراقي ـ بعد الغزو الامريكي الايراني للعراق عام 2003 وتسنمهم دفة الحكم من الشيطان الأكبر على حد تعبير سادتهم في ايران ـ عدة مرات على اعتبار يوم الغدير عيد رسمي في العراق يضاف الى عيدي الفطر والاضحى كعيد ثالث، بمعنى اعتباره عطلة رسمية، ولاقى هذا الطلب معارضة من النواب السنة من العرب والأكراد وأحبط لعدة مرات، وكلما جاءت المناسبة رفع الشيعة عقيرتهم لتكرار طلبهم، فهم يعتمدون على أحاديث ملفقة لا صحة لها، مثلا عن الشيخ الصدوق قال" عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (ع) قال: قال رسول الله :يوم غدير خم أفضل أعياد اُمّتي، وهو اليوم الّذي أمرني الله تعالى ذكره بنصب أخي علي بن أبي طالب علماً لاُمّتي يهتدون به من بعدي وهو اليوم الذي أكمل الله تعالى فيه الدين وأتمّ على اُمّتي فيه النعمة ورضي لهم الإسلام ديناً، ثمّ قال عليه (ع) معاشر الناس! انّ عليّ بن أبي طالب منّي وأنا من علي، خلق علي من طينتي وهو إمام الخلق بعدي ، يبيّن لهم ما اختلفوا فيه من سنّتي، وهو أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجّلين ويعسوب الدين وخير الوصيين، وزوج سيّدة نساء العالمين، وأبو الأئمّة المهديين، معاشر الناس! من أحبّ علياً أحببته ومن أبغض علياً أبغضته، ومن وصل علياً وصلته ومن قطع عليا قطعته، ومن جفا علياً جفوته ومن والى علياً واليته، ومن عادى علياً عاديته، معاشر النّاس! أنا مدينة الحكمة وعلي بابها ولا تؤتىٰ المدينة إلاّ من قبل الباب، وكذب من زعم انّه يحبني ويبغض عليّاً، معاشر الناس! والّذي بعثني بالنبوة واصطفاني على جميع البرية ما نصبت علياً علماً لاُمّتي حتّى نوّه الله باسمه في سماوات وأوجب ولايته على ملائكته". (الامالي/188). (جواهر المطالب للطريحي1/93). (بحار الأنوار37/109). (كشف المهم لهاشم البحراني1/219).(روضة الواعظين للنيسابوري1/103). (بشارة المصطفى/50).
كما قال تاج الدين الحسيني العاملي" أنّ النبيّ (صلى الله عليه وسلم) لما نعيت إليه نفسه ومضى إلى حجّة الوداع، أمره اللّه سبحانه وتعالى أن ينصّب عليّا خليفة بعده، ونزّل عليه جبرئيل (ع) وقال له: ربّك يقرئك السلام ويقول: اقرأ ((يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ )) الآية، فلمّا رجع من حجّة الوداع وبلغ ذلك الموضع نزل جبرئيل (ع)، وقال له: ربّك يقرئك السلام، و يقول لك: اقرأ: يا أيّها الرّسول، بلّغ ما أنزل إليك من ربّك في عليّ. فقال: يا جبرئيل، أما تراني مجدّا في السّير حتّى أدخل المدينة، وأفرض ولايته على الشاهد والغائب. فقال له جبرئيل (ع): إنّ اللّه يأمرك أن تفرض ولايته في منزلك هذا، قبل أن يتفرّق الناس إلى بلدانهم وقراهم. فنزل رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم) في ذلك الموضع ونزل الناس، وجمع الرّحال بعضها على بعض حتّى صار مكانا عاليا، فصعد وأصعد عليّا (ع) معه، ورفعه بعضديه حتّى بان بياض إبطيه، وخطب خطبة طويلة باستخلاف عليّ بعده، وبالغ فيها باللعن والغضب على من خالفه، وقال فيها: من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه، فسلّم المسلمون لأمر رسول اللّه وكان النبيّ (صلى الله عليه وسلم) والمسلمون يسلّمون على عليّ (ع)) بإمرة المؤمنين". (التتمة في تواريخ الأئمة1/50).(الإرشاد/93). (مناقب ابن المغازلي/16). (مناقب ابن شهرآشوب3/21). (اعلام الورى/132). (احتجاج الطبرسي/56). (تذكرة الخواص/28). (كشف الغمة1/48). (اليقين/113).
من المعروف ان الأعياد الإسلامية محددة ولا جدال فيها، قال النويري" الأعياد الإسلامية التي وردت بها الشريعة اثنان: عيد الفطر، وعيد الأضحى. والسبب في اتخاذهما، ما روى عن رسول الله أنه قدم لمدينة، ولأهلها يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان؟ فقالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم : إن الله (عزٌ وجلٌ) قد بدّلكم خيرا منهما، يوم الفطر، ويوم الأضحى". فأوّل ما بدئ به من العيدين عيد الفطر، وذلك في سنة اثنتين من الهجرة. وفيها كان عيد الأضحى. وعيد ابتدعته الشّيعة، وسموه عيد الغدير. وسبب اتخاذهم له مؤاخاة النبي (صلى الله عليه وسلم) علىّ بن أبى طالب (رض) يوم غدير خمّ. والغدير على ثلاثة أيام من الجحفة بسرّة الطّريق. قالوا: وهذا الغدير تصبّ فيه عين، وحوله شجر كثير ملتفّ بعضها ببعض. وبين الغدير والعين مسجد لرسول الله واليوم الذى ابتدعوا فيه هذا العيد هو الثامن عشر من ذي الحجة، لأن المؤاخاة كانت فيه سنة عشرة من الهجرة، وهى حجة الوداع. وهم يحيون ليلتها بالصلاة، ويصلون في صبيحتها ركعتين قبل الزوال. وشعارهم فيه لبس الجديد، وعتق الرّقاب، وبرّ الأجانب، والذبائح. وأوّل من أحدثه معز الدّولة أبو الحسن علىّ بن بويه، ولما ابتدع الشيعة هذا اتخذوه من سننهم، عمل عوامّ السّنّة (يوم سرور) نظير عيد الشيعة في سنة تسع وثمانين وثلاثمائة. وجعلوه بعد عيد الشيعة بثمانية أيام، وقالوا: هذا يوم دخول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الغار هو وأبو بكر الصدّيق (رض). وأظهروا في هذا اليوم الزينة، ونصب القباب، وإيقاد النيران". (نهاية الأرب1/185). قَالَ أنس: قدم رَسُول الله (صلى الله عليه وسلم) وللأنصار يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فيهمَا، فَقَالَ: قد أبدلكما الله خيرا مِنْهُمَا: الْفطر والنحر". (نثر الدر في المحاضرات1/112).
ان شيعة العراق عندما طالبوا بإقرار عيد الغدير رسميا، فإنما هم يعلنوا بصراحة ان تشيعهم صفوي، وليس علويا، لأن أول من قال بهذه البدعة واعتبر يوم الغدير عيدا يجب الاحتفال به، هو معز الدين البويهي عام 352 هجري". (البداية والنهاية11/276). كما ذكر المقريزي "اعلم أن عيد الغدير لم يكن عيداً مشروعاً، ولا عمله أحد من سلف الأمة المقتدى بهم، وأول ما عرف في الإسلام بالعراق أيام معز الدولة علي بن بويه، فإنه أحدثه في سنة (352 للهجرة) فاتخذه الشيعة من حينئذ عيدا". (المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار للمقريزي2/254).
الحقيقة لو ان العيد او الاحتفال به يتعلق بإكمال الدين وإتمام نعمة الله على المسلمين ربما يكون معقولا، ولكن ليس لولاية علي لأن النص لا علاقة له بالولاية، قال الإمام أحمد" حدثنا جعفر بن عون، حدثنا أبو العميس، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب(رض) عنه فقال: يا أمير المؤمنين ، إنكم تقرؤون آية في كتابكم، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال: وأي آية؟ قال قوله" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي"، فقال عمر: والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، والساعة التي نزلت فيها على رسول الله، نزلت عشية عرفة في يوم جمعة .(تفسير ابن كثير للآية الكريمة).
معنى الغدير
قال اللَّيْثُ" الغَدِيرُ: مُسْتَنْقَعُ الْمَاءِ ماءِ الْمَطَرِ، صَغِيرًا كَانَ أَو كَبِيرًا، غَيْرَ أَنه لَا يَبْقَى إِلى الْقَيْظِ إِلا مَا يَتَّخِذُهُ النَّاسُ مِنْ عِدّ أَو وَجْدٍ أَو وَقْطٍ أَو صِهْريجٍ أَو حَائِرٍ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: العِدّ الماءُ الدَّائِمُ الَّذِي لَا انْقِطَاعَ لَهُ، وَلَا يُسَمَّى الْمَاءُ الَّذِي يُجْمَعُ فِي غَدِير أَو صِهْرِيجٍ أَو صِنْعٍ عِدّاً، لأَن العِدّ مَا يَدُومُ مِثْلَ مَاءِ الْعَيْنِ والرَّكِيَّةِ.". (لسان العرب5/9). وقال البكري" غدير خمّ بضمّ أوّله، وتشديد ثانيه، قد تقدّم ذكره في رسم الجحفة؛ وهو أيضا مذكور في رسم هرشى؛ قال السّكونىّ، موضع الغدير غدير خمّ يقال له الخرّار؛ وقال النّصيب:
وقالت بالغدير غدير خمّ أخي إلى متى هذا الرّكوب
ألم تر أنى ما دمت فينا أنام ولا أنام إذا تغيب
وقال الزّبير، عن الأثرم، عن أبى عبيدة: خمّ: بئر حفرها عبد شمس بالبطحاء بعد بئره العجول. قال: ومن حفائره أيضا زمّ؛ وفى ذلك يقول:
حفرت خمّا وحفرت زمّا حتّى ترى المجد لنا قد تمّا
خمّ: عند ردم بنى جمح. وزمّ: عند دار خديجة بنت خويلد. ( معجم ما استعجم2/ 510)
حديث الغدير عند الشيعة
قال الجزائري" قال النبي (صلى الله عليه وسلم) على المنبر يوم غدير خم بحضور خمسين الفا، وقيل سبعين الفا، واتصل بنا متواترا من طريق العامة والخاصة، ومنه قوله في ذلك اليوم: سلموا على علي بإمرة المؤمنين، وقول أبي بكر: بخ بخ لك با إبن أبي طالب، أصبحت مولاي، ومولى الثقلين". (زهر الربيع/305). وقال عبد الله البحراني الاصفهاني" لا يخفى على اولي النهى وذوي الأبصار أنّ يوم الغدير هو اليوم الّذي أكمل اللّه به الدين، وأتمّ به النعمة على عباده، ورضي فيه بالإسلام دينا؛ و ذلك بإبلاغه (صلى الله عليه وسلم) رسالة ربّه جلّ جلاله كما أمره، ونصبه عليّا (ع) إماما وعلما للمسلمين، يسلك بهم النهج القويم، و يقودهم إلى الصراط المستقيم". (عوالم العلوم والمعارف2/22). كما قال المجلسي" عن البراء لمّا أقبلنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في حجّة الوداع كنّا بغدير خمّ، فنادى: إنّ الصلاة جامعة. وكسح للنبي تحت شجرتين، فأخذ بيد عليّ (ع) فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه. فقال: أو لست أولى من كلّ مؤمن بنفسه؟ قالوا بلى. قال: هذا مولى من أنا مولاه، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه. فلقيه عمر بن الخطّاب فقال له: هنيئا لك يا ابن أبي طالب! أصبحت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة". (بحار الأنوار37/159). (مناقب ابن شهراشوب3/36). (غرر الأخبار1/425). (إثبات الهداة3/295). (إحقاق الحق للتستري6/365).
وقال محمد بن سلمان الكوفي" عن محمد بن عبد اللّه الخزاعي قال: حدثنا أبو الربيع السمّان عن عبد اللّه بن بسر عن أبي راشد الحبراني عن عليّ بن أبي طالب(ع): عمّمني رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم) يوم غدير خمّ بعمامة فسدلها خلفي ثمّ قال: إنّ اللّه أمدّني يوم بدر وحنين بملائكة يعتمّون هذه العمّة و قال: إنّ العمامة حاجزة بين الكفر الإيمان ورأى رجلا عليه قوس فارسية فقال: ارم بها عنك وعليكم بهذه القسيّ العربية ورماح القنا بها يؤيّد اللّه لكم الدين ويمكّن لكم في البلاد". (مناقب أمير المؤمنين علي بن ابي طالب2/42). وحدثنا أبو العلاء حدثنا محمد بن الصباح الدولابي حدثنا إسماعيل بن زكريا عن عبد اللّه بن بسير عن رجل من أهل حمص، حدثني ابن حكيم أبو الأحوص قال: دعا رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم) عليّا فعمّمه بعمامة سوداء ثمّ أرخاها بين كتفيه من خلفه فقال: هكذا فاعتمّوا فإنّ العمائم حاجز بين المسلمين والمشركين وهي سيماء الإسلام". (كتاب الغدير1/291). وروى الإمام أبو الحسن الواحدي في كتابه المسمّى بـ (أسباب النزول)، يرفعه بسنده إلى أبي سعيد الخدري (رض) قال: نزلت هذه الآية ((يَـأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ))، يوم غدير خمٍّ في عليّ بن أبي طالب. وقوله: بغدير خُمّ هو بضمّ الخاء المعجمة وتشديد الميم مع التنوين اسم لغيظة، على ثلاثة أميالٍ من الجحفة، عندها غدير مشهور يضاف إلى الغيظة ، فيقال: غدير خُمٍّ ". (الفصول المهمة في معرفة الأئمة1/246). وقال الثعالبي" لَيْلَة الغدير: هي اللَّيْلَة التي خطب رَسُول الله (صلى الله عليه وسلم) في غدها بغدير خم على أقتاب الْإِبِل فَقَالَ فى خطبَته: من كنت مَوْلَاهُ فعلى مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَال من وَالَاهُ وَعَاد من عَادَاهُ وانصر من نَصره واخذل من خذله. والشيعة يعظمون هَذِه اللَّيْلَة ويحيونها قيَاما، وَقد ذكر ابْن طَبَاطَبَا غَدَاة غَدِير خم في قَوْله للوسمى:
يَا من يسر لي الْعَدَاوَة أبدها واعمد بجهدك أَو ذَر
لله عندي عَادَة مشكورة فِيمَن يعاديني فَلَا تتجبر
أَنا واثق بِدُعَاء جدى الْمُصْطَفى لأبى غَدَاة غَدِير خم فاحذر
وَالله أسعدنا بِإِرْث دُعَائِهِ فِيمَن يعادى أَو يوالى فاصبر (ثمار القلوب/637).
كما قال محسن الاميني" فلما قضى مناسكه، وانصرف راجعا إلى المدينة، ومعه من كان من الجموع المذكورات، وصل إلى غدير خم من الجحفة التي تتشعب فيها طرق المدنيين والمصريين و العراقيين، وذلك يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجة، نزل إليه جبرئيل الأمين عن اللّه بقوله: يٰا أَيُّهَا اَلرَّسُولُ بَلِّغْ مٰا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمٰا بَلَّغْتَ رِسٰالَتَهُ وَ اَللّٰهُ يَعْصِمُكَ مِنَ اَلنّٰاسِ إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يَهْدِي اَلْقَوْمَ اَلْكٰافِرِينَ، وأمره أن يقيم عليا علما للناس، ويبلغهم ما نزل فيه من الولاية، وفرض الطاعة على كل أحد. وكان أوائل القوم قريبا من الجحفة، فأمر رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم) أن يرد من تقدم منهم، ويحبس من تأخر عنهم في ذلك المكان، ونهى عن سمرات خمس متقاربات، دوحات عظام، أن لا ينزل تحتهن أحد، حتى إذا أخذ القوم منازلهم، فقمّ ما تحتهن. حتى إذا نودي بالصلاة- صلاة الظهر عمد إليهن فصلى بالناس تحتهن، وكان يوما هاجرا يضع الرجل بعض رداءه على رأسه، وبعضه تحت قدميه، من شدة الرمضاء، وظلّل لرسول اللّه (صلى الله عليه وسلم) بثوب على شجرة سمرة من الشمس. فلما انصرف (صلى الله عليه وسلم) من صلاته، قام خطيبا وسط القوم على أقتاب الإبل، وأسمع الجميع رافعا عقيرته فقال: الحمد للّه ونستعينه ونؤمن به، ونتوكل عليه، ونعوذ باللّه من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، الذي لا هادي لمن أضل، ولا مضل لمن هدى، وأشهد أن لا إله إلا اللّه، وأن محمدا عبده و رسوله. أما بعد. أيها الناس، قد نبأني اللطيف الخبير: أنه لم يعمر نبي إلا مثل نصف عمر الذي قبله، وإني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسؤول، وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟
قالوا: نشهد أنك قد بلغت و نصحت وجهدت، فجزاك اللّه خيرا.
قال: ألستم تشهدون أن لا إله إلا اللّه، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن جنته حق، وناره حق، وأن الموت حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن اللّه يبعث من في القبور؟
قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: اللهم اشهد. ثم قال: أيها الناس ألا تسمعون؟
قالوا: نعم. قال: فإني فرط على الحوض، وأنتم واردون علي الحوض، وإن عرضه ما بين صنعاء و بصرى فيه أقداح عدد النجوم من فضة، فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين.
فنادى مناد: وما الثقلان يا رسول اللّه؟
قال: الثقل الأكبر كتاب اللّه، طرف بيد اللّه عز وجل، وطرف بأيديكم، فتمسكوا به لا تضلوا، والآخر الأصغر عترتي، وإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض، فسألت ذلك لهما ربي، فلا تقدّموهما فتهلكوا، ولا تقصّروا عنهما فتهلكوا. ثم أخذ بيد علي فرفعها حتى رؤي بياض آباطهما، وعرفه القوم أجمعون، فقال: أيها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟
قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: إن اللّه مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فعلي مولاه، يقولها (3) مرات، وفي لفظ أحمد إمام الحنابلة أربع مرات، ثم قال: اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار، ألا فليبلغ الشاهد الغائب. ثم لم يتفرقوا حتى نزل أمين وحي اللّه بقوله (( اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي))، الآية فقال رسول اللّه (ص): اللّه أكبر على إكمال الدين، إتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي، والولاية لعلي من بعدي. ثم طفق القوم يهنئون أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه. وممن هنأه في مقدم الصحابة: الشيخان أبو بكر وعمر، كلّ يقول: بخ بخ لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة". (الغدير1/210).
قال جعفر مرتضى العاملي" إن ما جرى في يوم الغدير قد جعل هذا اليوم من أكثر الأيام حساسية و أهمية للإسلام ولأهله. وقد أصبح هذا اليوم عيدا لدى طائفة كبيرة من المسلمين المؤمنين. واعتبرته طائفة أخرى يوم بلاء وعناء، تتعامل مع كل ما يجري فيه بالحقد والضغينة، والشنآن. بل قد يبلغ الأمر ببعض هؤلاء حد استحلال دماء من يظهر الفرح في هذا اليوم، فكانوا وما زالوا يرتكبون أعظم المجازر في حقهم. وأحداث التاريخ تشهد على ما نقول". (الصحيح من سيرة النبي31/224). هذه أهم روايات الشيعة عن الغدير.
للحديث بقية
علي الكاش