احمد اغا تاريخ كركوك
ياسين الحديدي
[size=32]احمد اغا تاريخ كركوك[/size]
كانت محطة الصوب الصغير مثل محطات الصوب الكبير الكثيرة القيصرية وباعة التتن والفافون والقدور والصواني النحاسيه والاقمشه كان سوقا رواده من اهل القري وملبي حاجتهم واحمد اغا تختلف بروادها الافندية تحولت بمرور الزمن الي ماضي في الذاكرة بعد ان دخلت عليها ماكنة الحاضرة انتهكتها الحضاره الفوضوية المبعثرة مجرده من الجذب خالية الدسم..
هذا الهلال الذهبي صيدلية يوسف الله ويردي والحلاق شكر الوندي وبائع البيض ودجاج العرب حسين علي الحديدي وبالمقابل مقهي كاك مولود ومروكي بائع الخمر ومقاهي العسكريين اصحابها من العرصة واغاني الجنوب وحمام الفرح النسائي والرجالي وباعة الخبز في الاطباق المتشابكة من الطرفة كلها طواها الزمن وحلت محلها الديكورات الحارقة مجرد زخرفة لامعني لها واسماء مستوردة لعناوين المحلات ولم تبقي الا صور صباغي الاحذية المتلاصقين المطوره صناديقهم المحموله وبجانبهم مقهي الرصيف يجتمع فيها الرواد الرياضين المنهكين وهم يتحاورون بانفعال علي زمن الرياضة في كركوك عندما كان منتخب كركوك يفرخ لاعبين العراق ويستذكرون عبو وكاظم رشيد وكريم افندي وعادل عبدالله وكجك عادل وفريدون وعمو بابا ولعبة كركوك والجزائر عام 1958 وسقوط طائرتهم في اثناء عودتهم الي الجزائر..
وصورة مخزن درويش وسنكاو ومصلحي الساعات كل هذه كانت تدور في فلك شرطي المرور الذي ينظم السير والحركة بصمت للعربات وقليل من السيارات وعندما ياخذك التعب تنسل الي مقهي احمد اغا لتضع ثقلك علي التخت الخشبي وامامك الطبله الطولانية من صفائح دهن الراعي ومزماره الشهير الذي لايمل من العزف وانت تراقب من بعيد لعبة البليارد التي ادخلها الانكليز الي كركوك عن طريق شركة النفط ونقلها صاحب المقهي الحاج احمد اغا في باحة المقهي الكبيرة اول مرة في الستنيات..
والجامع الذي ازيل وتم بناء عمارة ابو حنيفة ولازالت الدار الوطنية التي كان يتجمع الناس امامها في انتظار الجرائد القادمة من بغداد بواسطة سيارات الدار الوطنية وتطورت بوصولها في الطائرة القادمة من بغداد يوميا..
ولاننسي سينما النجوم الصيفي ونشاطها وتحولت الي مكان فيما بعد الي نقليات وساحة لمعارك الديكة المنتشرة والرهان من قبل المتفرجين وانتهت الي علوة لبيع الاسماك الي اشتهر بعد السبعنيات وكانت كركوك واهلها ليست لديهم واهس بالسمك..
والويل ثم الويل لمن تقوده قدماه ويمر من امام كباب درويش بطول قامته واللفة والعرقجين غطاء رأسه وهو يشيش لحم الكباب مثل طرفة العين ويضعه علي جمرات الفحم الحمراء ويهف عليها هفاف متخصص والدخان يرسم انواع اللوالب وريحة الشواء تنتشر مع الريح يمنة وشمالا تثير حاسة الشم وتفعلها بدرجات عليا وانت تبتلع الهواء اللملفوف خيالا وتتحسر علي لقمة محشوه بالكباب بالبصل واالطماطة والسماق المبروش ولكن العين بصيرة واليد قصيرة وكان هذا الدرويش هو اول من مارس خدمة الديلفري التوصيل بواسطة الهاتف الارضي وينقلها في دراجته الهوائية في صينية يحملها في اليد اليسري واليمني يستعملها للقيادة بمهارة فائقة والاجمل ان تخرج منه وانت لاتغسل اليدين لاثبات لتبقي ريحة الكباب لا استعراضها الي التفاخر والاغاضه ومعها اعواد من بقايا حصاد الحنطة لا اتذكر مايطلق عليها من اسم لتنظيف مابين الاسنان . تبقي احمد اغا وسوق القورية ملاذا امنا لمن عاش جزء من تاريخها يستذكر فيها شبابه وذكرياته...