نداء إلى تُجّارِ الحروب، ووكلاءِ الشيطان
د.عبد يونس لافي
نداء إلى تُجّارِ الحروب، ووكلاءِ الشيطان
يا تُجّارَ الحروبِ، يا وكلاءَ الشيطان:
أوْقِفوا شبحَ الموتِ الذي يُهدِّدُ العالمَ،
واحْفظوا للبشريةِ أمْنَها،
وأبعدوا عنها كلَّ ما يُعكِّرُ صفوَ حياتِها،
لتعيشَ بهدوءٍ وسلام،
فإن فعلتم، أحسنتُم لأنفُسِكم،
وإلّا فستلعنُكم كلُّ ذرَّةٍ في هذا الوجود،
ما أدركتُم وما لم تُدْرِكوا!
لقد كان مما رافقَ الحربَ العالميةَ الثانية،
إبّانَ حكمِ الرئيسِ الثاني والثلاثين
للولايات المتحدة الامريكية فرانكلن ديلانو روزڤلت
(Franklin Delano Roosevelt)،
ذلك الزخمُ الهائلُ من البحوثِ النظريَّةِ الصِّرْفة،
زامنتها تجاربُ مختبريةٌ جادة،
سرعان ما آلت الى اكتشافِ القنبُلةِ الذرية،
وعندها بدأ عصرُ استخدامِ الذَّرَّةِ للدَّمار،
وما تزالُ هيروشيما ( Hiroshima )
ونگزاكي (Nagasaki)
خيرَ ما يقيمُ الدليلَ على ذلك،
حيث يُخَمَّنُ عددُ الضَّحايا في
هاتين المدينتين بما يقرُبُ من (220,000) شخصٍ،
قُتِلَ نصفُهم حالَ القَصْفِ،
ومات النصفُ الآخرُ جرّاءَهُ تباعًا.
كان ذلك في زمن الرئيسِ الامريكي
الثالث والثلاثين هيري ترومان
(Harry S. Truman)،
الذي أوعزَ بتنفيذِ قصفِ هاتين المدينتين،
على أعقابِ رفضِ بنودِ إعلانِ
مؤتمر بوتسدام (Potsdam)،
التي نصُّت على اسْتِسْلام اليابان كاملًا،
دون شروط.
لقد جاء رفضُ اليابانِ
على لسانِ رئيسِ وزراءِها آنذاك
كنتارو سوزوكي (Kantarō Suzuki)،
اضافةً الى تجاهلِهِ المهلةَ
التي حدَّدها الإعلان.
قصفت هيروشيما في اليوم
السادس من شهر آب عام 1945
وبعدها بثلاثةِ ايامٍ قصفت نگزاكي.
ولمّا يَزَلْ تُجّارُ الحُروبِ
تدفعهم مطامعُ الدولِ الاستعمارية،
يتَمادَوْنَ في مخطَّطاتِهم التي لم تتوقَّفْ
منذ ذلك الوقت،
إرضاءً لشهواتِهم ونزواتهم،
متفنِّنينَ في ذلك
من قنابلَ ذرِّيَّةٍ انشطاريَّةٍ
الى قنابلَ نوويَّةٍ حرارية.
فحين تُستَخدمُ الطاقةُ
الناتجةُ عن انْشطارِ نواة الذراتِ الثقيلةِ
الى نواتين اخفَّ، في القنابل الذرِّيَّة،
تُستَخدمُ الطاقةُ الناتجةُ عن اندماجِ
نواتين خفيفتين لتكوِّنا نواةً اثقلَ
في قنابلَ من نوع اخرَ
تمتلكُ تأثيرًا أكبرَ
هي القنابل النووية الهيدروجينية.
لاشك أنَّ هناك انواعًا اخرى
لا مجالَ لذكرها هنا، ويكفي القول
أنّ ما يقرُبُ من ألفَي
انْفجارٍ نوَوِيٍّ تجريبيٍّ
تم منذ ذلك الوقت حتى
نهاية القرن المنصرمِ تقريبًا.
ازاء الزخم الهائل مما هو مخزونٌ الآنَ
من الرؤوسِ النوويَّةِ في ترسانةِ
كلٍّ من روسيا وامريكا والصين وفرنسا
والمملكة المتحدة والهند وباكستان
واسرائيل وكوريا الشمالية،
وفي ظل هذا التسابق النوَوِيٍّ المَحموم،
فإنَّ هناك صرخةً مضادَّةً أنْ
يا تُجّارَ الحروبِ، ويا وكلاءَ الشيطان:
أوْقِفوا شبحَ الموتِ الذي يُهدِّدُ العالمَ،
واحْفظوا للبشريةِ أمْنَها،
وأبعدوا عنها كلَّ ما يُعكِّرُ صفوَ حياتِها،
لتعيشَ بهدوءٍ وسلام،
فإن فعلتم، أحسنتُم لأنفُسِكم،
والا فستلعنُكم كلُّ ذرةٍ في هذا الوجود،
ما أدركتُم وما لم تُدْرِكوا!
من هنا كانت الدعوةُ الى اسْتخدامِ الذَّرَّةِ
لإعمارِ الارضِ لا الى خرابِها،
ولتحسينِ النوعِ لا للقضاءِ عليه او تشويهِهِ،
ومن هنا كانت الوكالةُ الدوليَّةُ للطاقة الذرية،
التي ما انْفكَّتْ تعلن في مؤتمراتِها ومحافلِها
الدعوةَ الى استخدام الذَّرَّةِ من اجل السلام.
في الحلقة القادمة من هذا اليحث
سأتناولُ بعضًا من اسْتخداماتِ الذَّرَّةِ السِّلْميَّةِ
ضاربًا لذلك مثلًا في عنصر الكوبلت،
وما يمكن أنْ يقدِّمَه في هذا المجال.
وسوف أبتعد قدرَ الإمكانِ
عن التفاصيلِ الدقيقةِ
لِأُعْطيَ شيئًا مُيَسَّرًا في هذا المِضمار،
لجمهور القراء الكرام.