وزير الصحة العراقي الأسبق: أكثر من ١٠ الاف طبيب عراقي يعملون خارج البلد
رووداو ديجيتال:وصف وزير الصحة العراقية الاسبق جعفر علاوي أوضاع الصحة والبيئة في العراق بأنها "سيئة للغاية"، مشيراً الى أن الجامعات والمؤسسات الصحية في اوروبا والولايات المتحدة سحبت ومنذ سنوات عديدة الاعتراف بشهادات خريجي الجامعات الحكومية والاهلية العراقية، خاصة كليات الطب وطب الاسنان والصيدلة.
وقال علاوي، استاذ امراض السكر والغدد الصماء في جامعة لندن، متقاعد حاليا، لشبكة رووداو الاعلامية يوم الاربعاء (4 ايلول 2024) إن "العالم كله كان يعترف بشهادات خريجي الكليات الطبية وكليات طب الاسنان والصيدلة العراقية سابقاً، واتذكر انا، خريج كلية طب جامعة بغداد عام 1971، معادلة شهادتي في لندن واكملت دراساتي العليا وعملت مباشرة بدون اختبار، باعتبار ان كلية الطب بجامعة بغداد التي اسسها الطبيب الانكليزي سندرسن باشا، طبيب العائلة العراقية الملكية، كانت مرتبطة علمياً ولسنوات طويلة بجامعة لندن".
وأضاف: "لي الشرف ان والدي الدكتور صادق، واثنين من اعمامي هما الدكتور هاشم والدكتور عبد الامير علاوي، قد تخرجوا ضمن اول دورة من كلية الطب بجامعة بغداد عام 1927".
وأوضح علاوي ان هناك "أكثر من 10 الاف طبيب عراقي خارج البلد، في أوروبا والولايات المتحدة، خمسة الاف منهم في انكلترا، وقد حاولت اقناع 60 منهم للعودة الى العراق لخدمة العراقيين، لكنهم طالبوا بامتيازات مبالغ بها، مثل بيت وسيارة مجاناً في بغداد ورواتب استثنائية".
وعن تجربته كوزير للصحة والبيئة العراقية في حكومة عادل عبد المهدي وما رافقتها من صعوبات، في مقدمتها انتشار جائحة كورونا وتظاهرات تشرين ضد الحكومة، قال: "أنا سميت العامين 2019 و2020 بالايام الصعبة في تاريخ الصحة والبيئة العراقية، فانا استلمت وزارتين بدلاً عن وزير مستقيل بعد 3 أشهر من توزيره (علاء العلواني) دون ان اعرف اسباب استقالته".
وأردف أن "الوضع المالي للوزارتين كان سيئاً للغاية وصعباً جداً بسبب تفشي الفساد والفراغ الاداري، حيث ان الوزارة لم تكن لخدمة العراق وانما تعمل لصالح حزب سياسي اسلامي (شيعي)"، منبها الى ان "اخطر المشاكل التي واجهت وماتزال تواجه الحكومات العراقية هي تخصيص وزارات بعينها لخدمة وتمويل احزاب الاسلام السياسي، وليس لخدمة العراق والعراقيين وهذا ما اصطدمت به كوني لم ارشح من قبل اي حزب ولا اتبع اي حزب، بل انا عراقي وطني من عائلة عراقية خدمت وعلى مدى عقود طويلة العراق والعراقيين".
وشدد على انه "يجب ان تخرج الوزارات من خدمة وتمويل الاحزاب الاسلامية وتتحول لخدمة العراق"، لافتاً الى أن "اهم العقبات التي واجهت عملنا هي التظاهرات التشرينية التي طالبت باسقاط أفضل وزراء تكنوقراط في حكومة عبد المهدي وليس لأني احد وزرائها، واشعر بالاسف للطريقة غير الانسانية التي تم التعامل بها مع المتظاهرين حيث أطلق الرصاص على المتظاهرين واستشهد المئات من الشباب الذين كانوا يعتصمون في ساحة التحرير".
وتابع أنه "في حينها خصصنا وعلى مدى 24 ساعة العديد من سيارات الاسعاف والكوادر الطبية ووضعنا مستشفيات خافرة لاسعاف المتظاهرين، منها مستشفى الشيخ زايد ومدينة الطب، لكن للأسف تم احراق عدد كبير من سيارات الاسعاف وخصوصاً في المحافظات الجنوبية ومنها ذي قار، وخسرنا ارواح المتظاهرين والكوادر الطبية للاسف".
وأشار علاوي الى ان "المشكلة الثانية التي واجهتنا كانت ميزانية الدولة ووضعها الصعب وقتذاك، حيث انخفض سعر برميل النفط الى 20 دولاراً، وذلك تزامناً مع جائحة كورونا القاتلة ولم تكن لدينا إمكانيات. لا كوادر ولا مال ولا خبرة، بالتعامل مع هذه الجائحة التي اودت بحيات مئات الالاف في العالم".
كما قال وزير الصحة الاسبق: "اتخذنا إجراءات صارمة للحد من انتشار الجائحة فمنعنا التجمهر والزيارات والحسينيات والجوامع بصعوبة، وللتاريخ اقول ان الوقفين السني والشيعي وقفا معنا في هذا الاجراء، كما استنفرت وزارات النفط وخصصت مصافي الدورة لإنتاج المعفرات والمعقمات ومصنع الموصل لإنتاج الكمامات".
واضاف بهذا الصدد: "شكلنا لجنة 55 واشكر كافة اعضائها كلجنة أزمة ومنها انطلق الإعلام النافذ والقرارات الصعبة واغلقت حدود العراق من ضمنها مع الجارة ايران، وتعرضت لضغوط سياسية كبيرة سببت بسحب لجنة 55 وتغير إدارتها، ولكن بقيت مصراً على ابقاء الحدود مغلقة".
ونوّه علاوي الى "توقيع عقد مع الصين، وربطنا وزارة الصحة بجامعتي شنغهاي ولندن وجهزتنا الصين بمختبرات لكل العراق واجهزة متطورة وخبراء وفتحنا جسراً جوياً مع الصين لنقل المعدات. اضطررنا لفصل بعض المدراء من الوزارة لعدم جدارتهم وجميعهم كانوا مدعومين من احزاب اسلامية، وهذا ما ادى الى استجوابي واستضافتي لمرات عديدة في البرلمان ".
ويمضي البروفيسور جعفر علاوي بذكر بعض انجازات وزارة الصحة في عهده قائلاً: "قمنا باعادة الصحة المدرسية للحياة بعد ان غابت لسنوات طويلة عن الوجود، واتفقت مع جامعة لندن لربط 4 مستشفيات عراقية معها وهي مدينة الطب وابن سينا والبيطار والنفيس للتدريب والتطوير، والاهم من كل هذا استحدثنا امتحان الترقية السنوي للأطباء والصيادلة بمراقبة جامعة لندن، وهذا الاجراء معمول به في جميع انحاء العالم الا العراق"، مشيرا الى ان "الاطباء العراقيين في الخارج يخضعون لتدريب صارم وامتحانات سنوية وإدارة صارمة في هذا المجال".
وانتقد وزير الصحة والبيئة العراقي الاسبق اسلوب عمل المستشفيات الاهلية، وطالب بوضع تسعيرة ثابتة للعمليات الجراحية، كما اعتبر عمل غالبية من الصيدليات وتعاونها مع اطباء محددين غير قانونية، وقال: "اغلقنا ما لا يقل عن 170 صيدلية للفساد المالي وأرجعنا بعضها بعد التصحيح مع نقيبها مصطفي الهيتي".
وعن اسلوب تعامل الاجهزة الامنية مؤخراً مع تظاهرات خريجي المجموعات الطبية المطالبين بالتعيين، قال: "اعتقد ان اسلوب الاجهزة الامنية غير الانساني مع المتظاهرين هدفه اسقاط حكومة محمد شياع السوداني من قبل الاحزاب الشيعية، لشعبيته ونزاهة عمله ولشعبيته وعمله في ظروف صعبة، وباعتقادي ان الوضع العام لا يتحمل اكثر والظروف الحالية تحتاج لرجل مطلع بالأمن واسلوب التعامل مع التضاهرات بطرق حضارية لا قمعية، كما مطلوب من المتظاهرين عدم الاساءة في هتافاتهم لرئيس الحكومة".
وأوضح علاوي أن "التعامل مع المتضاهرين لم ولن يكون على ما هو في الغرب لأن الطرفين غير مدربين ولا يعرفان الديموقراطية، ومشكله العراق ان هناك 45 مليون شخص يطالب بوظيفة، وهذا غير ممكن في دولة ريعية فاشلة فغداً سينتهي النفط ولا أحد سأل نفسه ماذا نعمل".