حقائق حول واقعة تفجير منظومة اتصالات «حزب الله»
منذ 23 ساعة
مثنى عبد الله
حجم الخط
3
[url=https://www.addtoany.com/share#url=https%3A%2F%2Fwww.alquds.co.uk%2F%d8%ad%d9%82%d8%a7%d8%a6%d9%82-%d8%ad%d9%88%d9%84-%d9%88%d8%a7%d9%82%d8%b9%d8%a9-%d8%aa%d9%81%d8%ac%d9%8a%d8%b1-%d9%85%d9%86%d8%b8%d9%88%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa%2F&title=%D8%AD%D9%82%D8%A7%D8%A6%D9%82 %D8%AD%D9%88%D9%84 %D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9%D8%A9 %D8%AA%D9%81%D8%AC%D9%8A%D8%B1 %D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D9%85%D8%A9 %D8%A7%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA %C2%AB%D8%AD%D8%B2%D8%A8 %D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87%C2%BB][/url]
[url=https://www.addtoany.com/share#url=https%3A%2F%2Fwww.alquds.co.uk%2F%d8%ad%d9%82%d8%a7%d8%a6%d9%82-%d8%ad%d9%88%d9%84-%d9%88%d8%a7%d9%82%d8%b9%d8%a9-%d8%aa%d9%81%d8%ac%d9%8a%d8%b1-%d9%85%d9%86%d8%b8%d9%88%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa%2F&title=%D8%AD%D9%82%D8%A7%D8%A6%D9%82 %D8%AD%D9%88%D9%84 %D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9%D8%A9 %D8%AA%D9%81%D8%AC%D9%8A%D8%B1 %D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D9%85%D8%A9 %D8%A7%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA %C2%AB%D8%AD%D8%B2%D8%A8 %D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87%C2%BB][/url]
لم يتوانَ حزب الله اللبناني يوما عن القول بأنه جزء من الأيديولوجية الإيرانية في المنطقة، بل أعلنها صراحة بأنه صناعة إيرانية عندما قال زعيمه بأن مأكلهم ومشربهم وتجهيزاتهم وتسليحهم هي من إيران. على الطرف الآخر لم يتوان العدو الصهيوني يوما عن التبجح بأنه الأكثر تقدما تكنولوجيا في المنطقة، وأن جهاز استخباراته (الموساد) هو الأطول ذراعا في المنطقة والعالم، وبذلك فإن كليهما يستخدمان هذه الوسائل في تحقيق أهدافهما في المنطقة. وعليه وفي ظل احتدام الصراع على النفوذ، أرسلت إسرائيل رسالة نصية على أجهزة اتصال كانت تستخدمها عناصر حزب الله في لبنان، وأنهت حياة العشرات وجرحت الآلاف منهم في لحظة واحدة، وصفها زعيم الحزب بأنها (ضربة كبيرة أمنيا وإنسانيا وغير مسبوقة في تاريخ المقاومة في لبنان).
لكن بعيدا عن الاختراق التكنولوجي، فإن الحدث يشير إلى اختراق أمني كبير في صفوف الحزب، لأن هذه الأجهزة بدا واضحا أن قياديين ونوابا ووزراء في الحزب في داخل لبنان وخارجه وحتى السفير الإيراني في بيروت، كانوا يستعملونها. معنى ذلك أن إسرائيل كانت تعرف تماما مستوى استخدام هذه المنظومة، وتعرف أيضا من يقوم بتصنيعها وسلاسل توريدها، فدخلت على خط التصنيع أو التوريد وقامت بتفخيخها. وبذلك فأن ما حدث لم يكن اختراقا سيبرانيا بقدر ما هو عملية تفخيخ لهذه الأجهزة قبل وصولها إلى المستفيد، ثم جرى تفجيرها جميعا في وقت واحد. وهنا يبرز دور العامل الاستخباراتي في العملية. وإذا كان اعتراف زعيم الحزب بقساوة الضربة، تعبيرا عن شجاعة سياسية، فإنه في الوقت نفسه، مأزق لا يستطيع التهرب منه، لان معطيات هذه الضربة واضحة، فعدد كبير من مقاتليه ومناصريه والبيئة المدنية القريبة منه ذهبوا بين قتيل وجريح، لكن البعض حاول التهرب من هذه المُعطيات، فذهبوا للقول إن العدو الصهيوني قام بتفجير أجهزة الاتصال بشكل سريع، بعد أن وصلته معلومات تفيد بأن الحزب قد اكتشف الخرق الأمني في الأجهزة، وفي هذا القول مجافاة للحقيقة لأنه لو كان هذا صحيحا لاتخذ الحزب قرارا سريعا بالتخلي عن استخدامها، ولما استخدم أجهزة الووكي توكي، التي تم توريدها إليه من المصدر نفسه والتي كانت هي الأخرى مفخخة.
إن ما يحاول العدو الصهيوني القيام به اليوم هو إبادة المنظومة القيادية لحزب الله اللبناني، وإبادة القيادة العسكرية الميدانية له أيضا. وقد بدا واضحا هذا التوجه باغتيال المسؤول العسكري الأول في الحزب، ثم اغتيال قائد فرقة الرضوان وعناصر أركان الفرقة في اليوم التالي لواقعة تفجير أجهزة الاتصال، وبذلك فالحزب يجد نفسه اليوم بين مطرقة الحرب الإسرائيلية، التي تأكل قياداته وزعاماته، وسندان عدم الانجرار إلى مواجهة شاملة حسب القرار الإيراني، الذي قيّد يدي الحزب به، وإسرائيل تُعّول على ذلك وتستنزف الحزب، وبذلك لم يعد لدى الحزب سوى خيارين: الأول هو محاولة فك الارتباط مع غزة، والخيار الثاني المخاطرة والانجرار إلى حرب شاملة مع إسرائيل. وهو يعرف أن هذه المرة إن حصلت مواجهة بينه وبين إسرائيل فسوف تكون أكثر تدميرا من المواجهة التي حصلت في عام 2006 بعشرات، أو ربما بمئات المرات. أما بالنسبة للعدو الصهيوني فرغم التقدم التكنولوجي الهائل والذراع الطويلة للموساد، فإنه ما زال يفشل في تأمين الحماية لسكان الشمال وإعادتهم إلى الأماكن التي كانوا فيها. ويفشل أيضا في إيقاف الحرب بعد سنة تقريبا من اندلاعها، في حين أن إحدى المُسلّمات الاستراتيجية لإسرائيل هي أن تكون حروبها خاطفة وفي خارج الأراضي المُحتلة. كما عجز نتنياهو وحكومته عن تحرير الرهائن الذي بات ملفهم ضاغطا جدا عليه، يُضاف إلى ذلك المعضلة الاستراتيجية التي تواجهها إسرائيل، وهي أنها تريد تغيير قواعد الاشتباك في الجبهة الشمالية، ولكنها لا تُريد الدخول في مواجهة برية، لذلك هي مرتاحة جدا لحرب الاستنزاف ذات الكُلف العالية على حزب الله اللبناني. السؤال الآن هو إلى أي مدى يتحمّل الحزب كل هذه الضربات الموجعة؟
- اقتباس :
لم يعد لدى حزب الله سوى خيارين: الأول هو محاولة فك الارتباط مع غزة، والخيار الثاني المخاطرة والانجرار إلى حرب شاملة مع إسرائيل
يقينا أن الضربة التي وُجهت إلى الحزب كان فيها عنصر مُباغته كبير جدا، وأدت إلى إرباك واسع النطاق بين صفوفه وفي الميدان، حيث الخسائر البشرية، والإرباك على مستوى منظومة الاتصالات، والانهيار في المعنويات ثم تلتها الضربة الجوية، كل هذه تُدلل على أن خيارات الرد باتت محدودة أمام الحزب، لأنه لا يمتلك قدرة رد سوى إطلاق الصواريخ، وفي العلوم العسكرية يقول المختصون فيها إن منصات الصواريخ واحدة من سلبياتها أنها تحتاج إلى وقت للانفتاح برا، كي تستطيع أن تقذف صواريخها باتجاه الأهداف المُحددة، والانفتاح بحد ذاته في ظل السيادة الجوية المُطلقة المُعادية، سوف يعُرّضها للرصد، سواء بالطيران أو من قبل الأقمار الصناعية، بالتالي فإن القُدرة الصاروخية لحزب الله اللبناني باتت مُقيدة بشكل كبير.. نعم هناك إطلاق للصواريخ ولكن أين مكان سقوطها؟ ما هي مدياتها؟ وما هي تأثيراتها على مُنشآت العدو ومُعسكراته؟
إن ما يجب الإشارة إليه، أن كلمة زعيم حزب الله اللبناني، التي ألقاها مباشرة بعد واقعة تفجير منظومة الاتصالات كانت فيها ملاحظتان مهمتان، الأولى أنه قال في معرض حديثه عن الرد (هذا حساب سيأتي، طبيعته، حجمه، كيف وأين، هذا بالتأكيد ما سنحتفظ به لأنفسنا وفي أضيق دائرة حتى في أنفسنا). ومن يتمعّن في هذه العبارة يجد أن حالة من الشك باتت واقعا في صفوف الحزب. أما الثانية فهي أن كلمة زعيم الحزب كانت مُسجّلة، وليس كما هو الحال في السابق، حيث كان يُلقي كلمته مباشرة من مكان ما عبر شاشة أمام الحشود، ومن لديه سؤال يمكن أن يوجهه للزعيم من خلال عناصر الحزب المسؤولين عن تنظيم المكان، الذين ينقلونه مباشرة له فيجيب أو يُعلّق عليه. وفي هذا دليل على أن هنالك رفع لمستوى الحماية، وتوقع بأنه حتى زعيم الحزب يمكن أن يكون مُستهدفا في هذه الأيام.
أخيرا، وفي ظل السيادة الجوية المُطلقة للعدو الصهيوني، وقدرته على إجهاض آليات الردع المُتاحة لحزب الله اللبناني، واختراقه منظومته الأمنية، فهل ستكتفي إسرائيل بذلك، أم أن من المتوقع قيامها باجتياح بري لجنوب لبنان؟ الجواب هو يُمكن أن يكون الاجتياح جزئيا لمسافة قريبة، ثم تتوقف بعد ذلك وصولا لتطبيق القرار 1701 عبر العملية العسكرية، وليس عبر التفاوض السياسي، لكن هل ستكون الحرب مفتوحة؟ الجواب يعتمد على تدخّل إيران بشكل مباشر فتوجّه إسرائيل ضربات مباشرة إليها، عند ذاك يمكن أن نتحدث عن حرب مفتوحة في المنطقة.
كاتب عراقي
كلمات مفتاحية