ثرثرة كروية | ميدو العالمي ربان الأبيض
بخطى واثقة محاطًا بكاميرات الإعلام على اختلافها تلاحقه أعين أعضاء النادي، تجاوز أحمد حسام بوابة نادي الزمالك في ميت عقبة صباح يوم الأربعاء الموافق 22 يناير 2014 ليكتب "العالمي" أول سطر في صفحة جديدة في تاريخ الساحرة المستديرة في مصر وسيرته الذاتية، عندما ارتدى الطاقم الخاص بربان السفينة الفنية للأبيض وأطلق صافرته يوجه لاعبي الزمالك على البساط الأخضر لملعب التدريب.
خطوة جريئة جدًا من إدارة الأبيض تكمن في إيكال "ميدو" الذي سيتم 31 عامًا بعد أيام قليلة مهمة إعادة بريق مدرسة الفن والهندسة الذي خفت كثيرًا في العقد الأخير بابتعاد الزمالك عن مكانه الطبيعي على منصة التتويج سوى في مناسبتين فحسب عندما حصد لقب كأس مصر، تاركًا الساحة لغريمه الأهلي يصول ويجول مغردًا منفردًا محليًا وقاريًا وتجاوز الحدود في اتجاه العالمية لأسباب ليس الزمان والمكان المناسب للثرثرة حولها.
مقومات نجاح العالمي مع الفارس الأبيض
لاعب توتنهام وروما وأياكس السابق قادر بكل تأكيد بثقل ما يمتلكه من تجربة ذات صبغة عالمية فيها الكثير من النجاحات رافقها بعض الإخفاقات التي لا تنتقص من ما حققه مثقال ذرة (
لتذكر جزء من تاريخ ميدو بالأرقام كنا رصدنها في جول في تقرير سابق اضغط هنا)، قادر على فرض نفسه والاحترام له على نجوم الزمالك ممن رافقوه في وقت سابق كلاعب مثلهم أو شبابه ممن يشكل لهم قدوة ومثل، وهو قادر على احتواء من في طبعه تمرد طفولي يحتاج لمعاملة خاصة تُزيل الغبار عن موهبته فأظن أن ميدو الأصلح لإعادة محمود عبد الرازق "شيكابالا" إلى أحضان الأبيض واستثارته لإخراج كل طاقته في الملعب وتعويض ما فاته من سنوات ضائعة لم تضعه "شيكا" في مكانته التي يستحقها.
ولكن ليتحقق أي نجاح يجب أن يكون له مقومات و"ميدو" من وجهة نظري قادر على حمل لواء جيل كامل من نجوم الكرة المصرية والعربية ممن علقوا حذاءهم قريبًا أو على وشك اقتحام دكة البدلاء في دور المدير الفني شرط أن يتكاتف الجميع خلفه بلا استثناء ودون شروط وقيود أو وضع سقف زمني ضيق لاختبار التجربة .. دعم "ميدو" فرض على كل منظومة نادي الزمالك كانوا في إدارته ومن أبنائه السابقين مدربين وإعلاميين بالإضافة للجماهير في المدرجات وخارجها ومؤكد طاعة عمياء من عناصر قائمة الأبيض كبار كانوا أو صغار.
والأهم أن تتوقف الحروب من خلف الكواليس والتربص لعثرة في الدرب خلال منافسات الدوري المصري الممتاز أو دوري أبطال أفريقيا فهو يقتحم نادي يرزح تحت أزمات ومشاكل من سنوات سابقة ليس منطقيًا تحميله ثمارها .. كما أن الإعلام مطالب بعدم انتظار سقطة له في كلمة ضمن جملة في حوار ما أو محاولة جره للخطأ.
وفي المقابل على أحمد حسام صقل نفسه وهو يوظف كل مخزون الخبرة المتراكمة من المدربين اللذين عمل بإمرتهم في الأندية التي دافع عن ألوانها، ويسارع لدعم نفسه بالحصول على شهادات التدريب الدولية C ,B , A في أسرع وقت وأعتقد أن إجادته للإنجليزية وما يتمتع به من ذكاء لا يُنكره سوى حاقد وخبرته في الميدان سينجح باقتدار وفي أقصر وقت بتحصين نفسه بالخبرة الأكاديمية، فغيره ممن لا يعرف تمييز حروف اللغة حصل على الشهادات .. بل وبعض مدربي الدوري الممتاز أكبر منه سنًا وحصلوا على الشهادة C حديثًا في وقت يجب أن يحمل الجميع وفقًا لقوانين الاتحادين الدولي والأفريقي شهادة A بما أنه مدير فني في دوري محترفين !؟ ولذلك لن يكون هناك تركيز كبير عند نقد ميدو على هذه النقطة فلا يمكن أن يقذف أحدهم بحجر وبيته من زجاج.
لنعد ماذا يجب أن يفعل ميدو بالإضافة لمهامه في ملعب التدريب والدكة في المباريات .. هو مطالب بغلق أذنيه عن الإشاعات وثرثرة الإعلام السلبي الذي هدفه الهدم .. كما يجب أن يكون وعلى الأقل خلال الأشهر الأولى له مقل في الكلام إلا للضرورة .. وما يخرج منه يكون محسوب ولصالح الفريق .. ويُبعد نفسها كليًا عن إقحامها في حروب مع المنافسين أو أبناء الزمالك الغاضبين ويضع كل تركيزه في علاج تل من التشوهات والمشاكل والأزمات المتراكمة ليعود بالفريق للطريق الصحيح.
ثرثرة لا منطق .. لكنها ليست مفاجأة !؟
المؤسف وغير المستغرب في ذات الوقت أن الحرب الإعلامية والجماهيرية انطلقت، ومنذ اللحظة التي أعلنت فيها إدارة القلعة البيضاء بقيادة الدكتور كمال دوريش وعلى عكس المتوقع من تعيين مدرب عالمي بتسمية "ميدو" لخلافة المدرب المخضرم وابن النادي حلمي طولان تعالت أصوات تثرثر بلا منطق عن الفشل وتعميق الجراح وجر الزمالك لكبوة جديدة، هذه الثرثرة اللا منطقية ارتكزت على سن أحمد حسام ميدو فيُشعرك الحديث عن صغر سنه وكأنه باللهجة المصرية الدارجة "عيل بشورت" يحمل حقيبته متوجهًا إلى صفه في المدرسة الابتدائية .. وليس لاعب كان واحدًا من أنجح سفراء الكرة العربية في الميادين الخضراء بالقارة العجوز مع أندية الصف الأول فيها ووقف معهم على منصة التتويج وجاور أبرز وأثقل نجوم اللعبة وأشهرهم في العالم منهم على سبيل المثال لا الحصر الإيفواري دروجبا والسويدي زلاتان إبراهيموفيتش وغيرهم في مئات المباريات التي تابعها ملايين العشاق عبر شاشات التلفزة في كل بقاع المعمورة.
وتوضيحًا لما ليس مستغربًا ما حدث !؟ وهنا ما يعنيني تلك الثرثرة الصادرة من قلب البيت بغض النظر عن مسماهم مشجع أو إعلامي أو لاعب ومدرب سابق لأن الصادر عن المنافسين في إطار الصراع بين الخصوم منطقي ولو حدث العكس مثلًا وأعلن الأهلي صباح ذات يوم تسمية نجمه السابق محمد أبو تريكة ليقود الأحمر لكان للمنتمين للأبيض ذوي التصرف ممن يُحسبون على الغريم الآن .. المهم لنعود للنقطة الأساسية لماذا لا يجب أن تتعجب من التعامل مع "ميدو العالمي" كـ "عيل" لأنه ببساطة في بلد فيها موروث "بلد للكبار فقط" والدليل في ثورة قام بها شباب دون الـ 25 ربيعًا .. ورئيس وزرائها يقترب من المئة !! .. وبعيدًا عن عبث السياسة فمن يثرثرون في كرة القدم في مصر يتحدثون عن مدربين ظهروا في السنوات الأخيرة وأحدثوا طفرة حقيقة للكرة المصرية كطارق يحي وطارق العشري وطلعت يوسف وحسام البدري وغيرهم على أنهم مدربين صغار الواحد منهم بدأ مهام الرجل الأول وقد تخطى سن الـ 45.. فمؤكد بالنظارات "قعر الكوباية" التي يرتديها هؤلاء لن يكون ميدو سوى "العيل"، خاصة وأن بعض نجوم الفريق تحت أمرته أكبر منهم سنًا وعلى رأسهم حارس العرين عبد الواحد السيد.
وفي هذا المقام أعجبني تعليق ابن الزمالك السابق ونجم الرجاء المغربي الحالي
عمرو زكي معلقًا على ما أثاره بعض الإعلاميين حول خطأ قرار تعيد ميدو مدربًا للزمالك، فقال البلدزور"بعض الإعلاميين والصحفيين معترضين على تعيين ميدو مدرب وقالوا أنه إهانة للزمالك لأنه معندوش خبرة تدريبية، على كده تعيين سيدورف إهانة للميلان.
تابع مهاجم النسور الخضراء "مبروك يا ميدو، كل التوفيق في مهمتك الصعبة، وأرجو أن يسانده الجميع".
شهادات عالمية تُنصف تجربة ميدو
هؤلاء المثرثرون وهو يصدعون الرؤوس وينشرون التشاؤم على طريقة "تقدير البلاء قبل وقوعه" سيغفلون في أحادثيهم عن الاستشهاد بنجاحات لمدربين أبهروا العالم بإنجازاتهم وهم يقهرون أعرق أندية أوروبا ويزيحونها من درب ناديهم نحو منصة التتويج محليًا وقاريًا المرة تلو الأخرى، وبعضهم أوكلت له المهمة في عمر قريب من "ميدو"، والبعض لم يلبس "الشورت" حتى مع فريق درجة رابعة في نادي على كوكب زحل وجلس على الدكة مدربًا بالصدفة.
هؤلاء نسوا أو يتناسون وهم يندبون الحظ مغفلين تاريخ ميدو كلاعب دولي احترف ونجح وترك بصمة في أوروبا الذي قد يكون واحد من عوامل نجاحه بالإضافة لشخصيته القوية وما اكتسبه من عمله كمحلل فني على الشاشة الفضية في أستوديوهات قناة "الجزيرة الرياضية التي أصبحت بي إن سبورت" .. كيف نجح الداهية البرتغالي جوزيه مورينيو والذي لم يلعب كرة القدم قط واقتحم مجالها من باب مترجم ومساعد مدرب في نادي برشلونة، حتى منحه نادي سبورتينج لشبونة الثقة ليدرب فريقها الأول، "السبيشل وان" جمع أربعة ألقاب دوري محلي على التوالي لقبين منهما مع عملاق البرتغال بورتو ولقبين في الدوري الإنجليزي الممتاز مع تشيلسي، ثم أضاف 3 ألقاب مع الانتر، فضلًا عن ألقاب قاري فحصد لقب كأس الاتحاد الأوروبي ودوري أبطال أوروبا مع بورتو. لموسمين متتاليتين ولقب دوري الأبطال أيضًا مع الانتر"، وفي تجربته مع الملكي الإسباني فاز بلقب الليجا وأضاف كأس ملك إسبانيا وكأس سوبر لخزائن ريال مدريد.
ومن عباءة مورنيو خرج فيلاش بواش ابن الـ 36 المدرب السابق لتشيلسي ولتوتنهام هوتسبير، وهو أيضًا لم يكن لاعبًا بل كان مساعداً لجوزيه مورينهو في ناديي تشيلسي والإنتر ومن أصغر مدربي الدوري الإنجليزي، وعندما تولى تدريب بورتو صنع التاريخ فحقق معهم لقبي الدوري من دون خسارة وبثلاثة تعادلات فقط والكأس بالإضافة للقب الدوري الأوروبي،
فلماذا لا تكون تجربة "ميدو" مدربًا للزمالك تجربة ناجحه إن وفرت لها عناصر وأسباب النجاح، بعيدًا عن الكلام العبثي عن صغر سنه.
وماذا عن قصة تيتو فيلانوفا الذي قاد بطل إسبانيا وأوروبا لخلافة بيب جواردولا بعد أن كان مساعده، وجاء على ميراث مدرب البايرن الحالي والذي حقق مع البرسا إنجازات تاريخية وهو نفسه قبل برشلونة لم يكن له سيرة ذاتية في مجال التدريب.
ولدينا قصة أخرى للثرثرة والاستشهاد بها .. لماذا يمكن أن ينجح "ميدو"؟ فالميلان وثق بالهولندي ابن الـ 37 عامًا الآن كلارنس سيدورف واسند له مهمة تدريب الفريق خلفًا لماسيميليانو أليجري، ومؤخرًا أولى جونار سولسكاير في الأربعين من عمر ويقود كارديف في منافسات الدوري الإنجليزي، وكانت أول تجربة تدريبية للنرويجي لصاحب الوجه الطفولي مع الفريق الرديف لمانشستر يونايتد من 2008 إلى 2010 قبل أن ينتقل إلى تدريب مولده.
أول ثرثرة لميدو كمدرب للزمالك
وفي الختام أترككم مع التصريح الأول لحسام ميدو عقب الإعلان الرسمي عن توليه تدريب الزمالك وهو يتطرق لكثير من النقاط التي أثرنها منذ قليل، فقال"ما فعله نادي الزمالك بتعييني مديرًا فنيًا ليس بدعة وقد تحولت مدرسة التدريب الى صغار السن والأمثلة العالمية عديدة بداية من البرتغالي مورينيو.
وأضاف "أتفق مع وجهة نظر المنتقدين في أن تدريبي للزمالك فيه خطورة لعدم خبراتي التدريبية ولكني أوجه لهم رسالة أنهم لا يعرفوني ولا يعرفوا شخصيتي فأنا عندما كنت لاعبًا كنت قائدًا في الملعب".
وتابع موضحًا "اختياري للزمالك كان بقلبي وليس بعقلي، وقد اكتسبت اثناء تحليلي الفني في الجزيرة العديد من الخبرات وهي تعادل أي شهادة تدريبية كبيرة".
وواصل مدرب الأبيض سرده "كنت في الفواصل وخارج الهواء أتحدث مع النجوم العالميين المحللين في كرة القدم وانهل من خبراتهم وافتراض حدوث أمور معينه اثناء اللعب لكي أتعلم".
وشدد "أعلم أن البعض يهاجم تعييني لصغر سني، ولكني أرى أن هذا الهجوم منطقي لحداثة التجربة في مصر، وأتمنى أن أوفق لتفتح تجربتي الفرصة أمام الشباب في مصر في شتي المجالات وليس كرة القدم فقط".
واختتم ميدو موجهًا حديثه لأنصار الأبيض "أريد أن أُطمئن جمهور الزمالك أني أكثر لاعب في العالم قد لعب في مدارس كرة مختلفة ومع مدربين كبار وقد استعنت بمدربين كبار سنًا في جهازي ووافقوا لإيمانهم بقدراتي".