دعوة ملحّة لمقاومة التطبيع
عملية التطبيع مع العدو الصهيوني في السنوات الأخيرة أصبحت ظاهرة يتباهى بها المطبعون ويحاولون الترويج لها من خلال موجات متدفقة من السلع والبضائع ومن مختلف الأشكال والأنواع التي تنهمر علينا وتدخل أسواقنا ومحالنا بعد أن اجتازت المنافذ والبوابات وعبرت المناطق الحدودية الوهمية ومن جميع الاتجاهات وبدون رقابة صارمة أو تدقيق ، فوجد العدو ضالته وبدأ يتغلغل لعله يتمكن من كسر طوق المقاطعة المفروضة عليه من جانب الجماهيرية التي كانت ومازالت وستظل في خندق المواجهة والتحدي ضد الكيان الصهيوني الذي يغتصب فلسطين وأراضي عربية أخرى ويرتكب الجرائم الوحشية المروعة وغير الإنسانية في حق الأبرياء من أبناء أمتنا وبدعم من أمريكا والغرب بلا حدود .وبالتالي فإن الدعوة أصبحت ملحة لتفعيل دور المقاومة وعدم التطبيع مع العدو الإرهابي العنصري من خلال الدعوة لتأسيس مؤتمر عام لمقاومة التطبيع باعتباره عملاً مشروعاً عربياً مهماً وضرورياً وملزماً يخدم أهدافنا ويحمي مصالحنا ويحصن أمتنا من امتداد أخطبوط العدو ومؤامراته الدنيئة التي تستهدف وجودنا ومستقبل أجيالنا ، و فضح مخططات التطبيع ومواجهة التحديات وكافة مشاريع التآمر والمساومة والاستسلام وعدم التفريط في حقوقنا العربية العادلة والمشروعة والتمسك بالثوابت وبالقضية الكبرى المتمثلة في استرجاع فلسطين إلى حاضنة أمتها العربية مهما كانت التضحيات وامتدادات رحلة الصراع مع هذا العدو .
إن تسلل السلع والبضائع الصهيونية إلى داخل حدودنا هو عمل خطير ومرفوض من قبل كل الليبيين الذين قدموا الغالي والنفيس وما زالوا على نفس المبدأ والموقف ولن يفرطوا في فلسطين قضية العرب الأولى ولن ينجروا خلف مشاريع التسوية والتطبيع والاستسلام ، وهي مواقف منسجمة ومتناغمة مع المواقف الشجاعة والمبدئية للأخ القائد معمر القذافي أمين القومية والوحدة العربية ولدور ثورة الفاتح العظيم حيال القضية الفلسطينية التي في سبيلها ومن أجلها قدمت كل شيء ولن تبخل عليها يوماً
كما أننا على قناعة بأن هنالك اختراقاً وتغلغلاًَ صهيونياً من نوع آخر متمثلاً في وجود بعض الشركات الأجنبية التي دخلت الجماهيرية وحصلت على عقود لتنفيذ أعمال ومشاريع مختلفة ، وكأن الجهات المعنية بتلك العقود لا تعرف شيئاً عن سيرة وهوية هذه الشركات وعلاقاتها مع العدو الصهيوني وهل هي في القائمة السوداء أم لا ..؟
وبالتالي من يضمن لنا أن هذه الشركات المختلطة والمشبوهة لا يوجد بها عملاء ومخبرون وجواسيس ، أو حتى عناصر من المخابرات الأمريكية والغريبة وكذلك الموساد وبأسماء مستعارة وجوازات سفر مزورة ..؟
إن المطالبة والدعوة بتفعيل المقاطعة ومقاومة التطبيع لا نتوقف عند حدود مقاطعة الكيان اللصهيوني فحسب وإنما يجب أن تطال أمريكا نفسها وكل الدول الغربية التي تدعم وتساند هذا الكيان اللقيط والمجرم ، وإن هذا الموقف هو مسؤولية كل أبناء الأمة عرباً ومسلمين لأنهم في خطر ، فالصهاينة وتحت ستار ما يسمى بالمفاوضات ومسارات السلام المزعوم يواصلون عمليات القتل الوحشي في الضفة الغربية وقطاع غزة المحاصر ويهدمون البيوت ويصادرون الأراضي من أصحابها ويطردون العائلات الفلسطينية من ديارها والاستمرار في بناء المستوطنات وتهويد القدس والعالم يتفرج صامتاً وهو أشبه بشيطان أخرس .وفي المقابل تمارس أمريكا أبشع أنواع الجرائم في حق العرب والمسلمين وما يجري في العراق وأفغانستان لا يحتاج إلى تعليق حيث إنها غزت العراق وتسببت في كارثة لن ينساها تاريخ الإنسانية بقتلها قرابة مليوني مواطن عراقي وتهجير خمسة ملايين وجعلت من بلاد الرافدين مشهداً للفوضى والعنف وأعادت العراق إلى زمن العصور الغابرة وسلمته لحكام جاءت بهم من أوكار مخابراتها وعلى ظهور دباباتها بعد سنوات وهم في أحضانها وعاشوا من فتات الزبالة وتخرجوا من مدرسة رصيف شوارع الغرب .وبالتالي نحن نتحدث بلغة ولسان وثقافة كل مواطن عربي ومسلم ، كيف يريدوننا أن نتقرب من أمريكا ونقيم معها علاقات ونفتح لها سفارات وهي تمارس علينا الغطرسة وتتعامل معنا ـ عرباً ومسلمين ـ بأسلوب الاستهزاء والمكابرة والتهميش والترهيب وعلى طريقة « الرامبو ورعاة البقروقطاع الطرق » وهي من تتهم العرب والمسلمين بالإرهاب في حين هي من خلق ومارس الإرهاب وبشكل يومي وعبر مذابح لا تتوقف في العراق وأفغانستان وباكستان وربما تقوم إذا سنحت لها الفرصة بمغامرة نووية لإبادة الملايين من المسلمين كما فعلت من قبل مع سكان أمريكا الأصليين « الهنود الحمر ». وبالتالي فإن تأسيس هذا الجسم الأهلي الشعبي لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني نعتبره دعوة شريفة وعملاً خارقاً وجباراً وخطوة عظيمة تعيد الاعتبار لهذه الأمة المخترقة والمستهدفة ، وإعادة تفعيل آليات مقاومة التطبيع وبهذه الصورة الجادة تعتبر رسالة قوية وشديدة اللهجة موجهة للعدو ودعاة التطبيع ، بأن يعلم الجميع أن الجماهيرية العظمى ليست من دول مزارع الموز أو حديقة خلفية لأمريكا أو لغيرها ، وأنها لن تكون إطلاقاً ملعباً و ساحة مفتوحة يسهل اختراقها أوترويضها من قبل أمريكا وأعوانها ، وأننا لن نغفر لأمريكا ولن نتسامح معها على مااقترفته من جرائم ضد إخواننا العرب والمسلمين ، فهي التي هاجمتنا في العام 1986 مسيحي تحت جنح الظلام بأسراب من الطائرات الحربية المتطورة واستهدفت بيت قائدنا الصامد وذبحت أطفالناالأبرياء وهم نيام في مدينتي طرابلس وبنغازي ولا ننسى أو نتجاهل ذلك كما فعل أصحاب الضمائر الميتة المتأثرين بثقافة الغرب العمياء ، هواة مأكولات « الهمبورغر » ومشروبات «الكوكاكولا» و(أفلام) الرامبو الأمريكية حيث كانت سنوات مؤلمة من الحصار الظالم والجائر الذي فرضته أمريكا والغرب أن ورطوا « مجلس الأمن » بفرضه ذلك الحصار المخزي على الجماهيرية العظمى لأكثر من عشر سنوات لكنه وجد شعبا عنيدا وقائدا شامخا حكيما وشجاعا تحدى ذلك الحصار الجائر وانتصر على الظلم الصارخ .وإنه ليس أمام الصهاينة من حل وخيار غير الرحيل وترك فلسطين العربية لأهلها الشرعيين ، فالمقاومة لن تتوقف مهما طال الزمن ، والمقاطعة الشاملة ستبقى حتى زوال هذا الكيان الغاصب المستنسخ ، ومن يفكر في غير ذلك فإنه يعيش في عالم الأوهام !.
نشر بصحيفة الزحف الأخضر
الأحد, 25 شوال 1378 و.ر الموافق 3 التمور 2010 مسيحي الـعــدد 5936
__________________