الرفيق القائد سليمان النجاب (5 )
أبو فراس-(1934-2001) عضو اللجنة التنفيذية م.ت.ف
التحق ابو فراس بالعمل الوطني منذ نعومة اظفاره، وقادته وطنيته العالية، وثقافته الرفيعة، وحبه الشديد لجماهير الفلاحين والكادحين من ابناء شعبنا، الى صفوف الحزب الشيوعي الاردني، منذ اوائل الخمسينات، في ظل ظروف بالغة السرية والتعقيد، دفاعا عن الهوية والحقوق الوطنية الفلسطينية التي تركزت بالمطالبة بتطبيق قرار التقسيم بعد نكبة 1948، وضد مؤامرات تبديد الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني، ومصادرة حقه في اقامة دولته الفلسطينية، وفي النضال من اجل الحرية والاستقلال من السيطرة الاستعمارية وفي الدفاع عن حقوق الكادحين والمسحوقين ومن اجل الديموقراطية والتقدم .
لقد دفع ابو فراس، ورفاق حزبه ، ثمنا غاليا في الدفاع عن هذه المبادئ والمثل، مطاردة وتشريدا وتعذيبا. لقد شارك بنشاط في معارك حلف بغداد وغيرها من معارك تلك الفترة التي تميزت بالمد الوطني. وعقب الانقلاب الرجعي، في نيسان 1957، اعتقل ابو فراس وامضى ثماني سنوات متواصلة في معتقل الجفر الصحراوي الرهيب. وخلال هذه المعارك تجلت سمات الشجاعة والجرأة والجسارة الشخصية والسياسية التي ميزت ابو فراس وقدمته الى الصفوف الاولى في حزبه وفي حركته الوطنية .
لم يكن من باب الصدفة ان يكون سليمان النجاب من اوائل المطلوبين الذين لاحقتهم السلطات الاسرائيلية اثر احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، لينتقل فورا الى العمل السري، وليقود مع حزبه معركة افشال هجرة ثانية لشعبنا وتنظيم المقاومة للاحتلال الاسرائيلي. وان يقود في العام 1973، التنظيم المسلح للحزب الذي تقرر تشكيله بالتعاون مع الجبهة الوطنية الفلسطينية والتي بادر الحزب لتشكيلها بالتعاون مع قوى وشخصيات وطنية متعددة، وكان الحزب يمثل عمودها الفقري. وعندما انقضَّت الة التعذيب الوحشي الصهيوني على مناضلي الجبهة والحزب، نقش سليمان النجاب بجراحه ودمائه التي سالت في زنازين التعذيب الاسرائيلي، شخصية ونموذج الصمود والتحدي لهذه الالة، وليصبح نموذج مدرسة اصيلة لمواجهة الجلادين عكست اثرها ليس فقط على حزبه، وانما على اجيال كاملة من مناضلي الحركة الوطنية الفلسطينية .
وكان طبيعيا ان تقدمه نضالاته وقيادته الجريئة لحزبه، الى المواقع الاولى في قيادة الحزب حيث اعتقلته سلطات الاحتلال الاسرائيلي في العام 1974 بتهمة مقاومة الاحتلال، ثم أبعدته عن أرض الوطن بعد تسعة أشهر من الاعتقال الاداري في العام 1975. استأنف نشاطه السياسي في الخارج وشارك في قيادة الحزب الشيوعي الفلسطيني الذي شارك في إعادة تأسيسه في العام 1982، ثم ممثلا له في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في دورتها التوحيدية التي لعب دورا هاما في استعادة لحمتها عام 1987، وحيث كان خير ممثل لحزبه في هذا الموقع. كما شارك في تأسيس حزب الشعب الفلسطيني في العام 1991 وانتخب عضواً في لجنته المركزية ومكتبه السياسي .وأعيد انتخابه مرة أخرى في مؤتمر الحزب الثالث في العام 1998 وبقي في مواقعه النضالية المتقدمة في منظمة التحرير الفلسطينية وفي حزب الشعب الفلسطيني حتى وفاته حيث ظل رمزا للمبدئية السياسية والجرأة الفكرية والصلابة، مدافعاً عن حقوق شعبنا وعن استقلالية القرار الفلسطيني .
لقد بكى ابو فراس بكاء الاطفال عندما لامست قدماه تراب الوطن، عائدا من منفاه وكبُرت بلدته جيبيا الاف المرات في وصفه لها في كل مجلس ومنتدى وعبر ولعه الشديد بها، عن عشقه وولعه بفلسطين، وعن اصالة انتمائه للارض وللفلاحين. ولهذا فقد كان طبيعيا ان يركز في ابرز مهامه على دعم لجان الدفاع عن الارض ومقاومة الاستيطان، حيث انخرط في صفوفها. وكانت قضية مواجهة الاستيطان وانهاء الاحتلال رديف أي حديث او خطاب او اجتماع سياسي، يشارك به سليمان النجاب. ورأى في الانتفاضة ومن موقع بصيرته الثاقبة، معركة فاصلة في كفاح الشعب الفلسطيني، داعيا للانخراط فيها بكل قوة، ومدافعا عن البرنامج السياسي الواقعي الفلسطيني، حتى في زمن غلبة الشعارات والمبالغات التي طالما حذر منها، بوعي التجربة ومن مواقع الكفاح المتقدمة، لسليمان النجاب وحزبه .
ان الشعب الفلسطيني يشهد ترجل فارس حقيقي، بفقدان سليمان النجاب. ولكنه يكسب ايضا علما بارزا في سجل خالديه، من المدافعين الاوفياء، عن الاستقلال الوطني، والكرامة وحقوق الكادحين، والاشتراكية، والديموقراطية، والمساواة، والسلام العادل .