لماذا فاز الريال وخسر الميلان ؟؟

خسر الميلان أمام ريال مدريد في دوري الأبطال، خسر بهدفين دون رد بعدما قدم مباراة سيئة للغاية وسمح لمنافسه أن يتلاعب به كما يشاء وإن لا يُقلل هذا من الأداء المميز لريال مدريد على الصعيد الذهني والفني والبدني وما ظهر من لمسات واضحة للمدرب البرتغالي جوزيه مورينهو على الفريق.

مباراة اليوم لا تحتمل الكثير من الحديث الفني والتحليل التكتيكي لأنها كانت من جانب واحد تقريبًا سيطر عليها من البداية حتى النهاية وأدارها بالطريقة التي تُعجب مدربه وتُرضيه، ولهذا سيكون الحديث بشكل عام وتطبيقه على المباراة ونبدأ بالطرف الفائز قبل الخوض في أخطاء الفريق الخاسر.

ريال مدريد الذي واجه الميلان هذا الموسم يختلف كثيرًا عن ذاك الذي واجهه خلال الموسم الماضي وخسر أمامه 3-2 على نفس الملعب والسبب هو المدرب البرتغالي الذي خلق للريال شخصية واضحة المعالم، شخصية تمتاز بالالتزام والانضباط والتركيز وبذل الجهد حتى الدقيقة الأخيرة وعلى الجانب الفني هي شخصية تمتاز بالأداء الدفاعي القوي والسرعة في البناء الهجومي والسرعة الأكبر في الارتداد الدفاعي وحسن الانتشار والتحرك دون كرة وتنفيذ التعليمات الفنية من الجميع تقريبًا.

تلك الشخصية التي أوجدها المدرب الداهية هي اندماج بين شخصية ريال مدريد التاريخية المميزة بالأداء الهجومي والاستعراض الفني الممتع وبين شخصية المدرب نفسه المتميزة بالانضباط والالتزام والأداء الدفاعي القوي والأهم تطويع القدرات الفردية للاعبين لصالح الفريق بالكامل، وهذا ما حدث الآن وهذا ما هدف له المدرب حين قال في أول تصريحاته بعد توقيع العقد مع فلورنتينو بيريو "في فريقي لا يوجد نجم بل الفريق هو النجم والجميع يعمل لصالحه"، ويُمكنني القول أن ما يحدث الآن في مدريد يُشبه الى حدٍ كبير ما حدث في بداية التسعينات بين فابيو كابيلو والميلان حين اندمجت شخصية الأول الرائعة على صعيد الانضباط والالتزام والأداء التكتيكي القوي مع شخصية النادي التاريخية بالاعتماد على اللعب الجميل والأداء المهاري الممتع والذي يُخالف نوعًا ما الأداء الإيطالي التقليدي ووقتها أنتج هذا الاندماج فريقًا رائعًا سيطر على إيطاليا وأوروبا لفترات طويلة وأتوقع أن يحدث هذا مع ريال مدريد إن تواصلت تلك الشراكة ونالت الدعم المطلوب والأهم صبر الجماهير والإدارة عليها وليس كما حدث مع كابيلو.

مورينهو بدأ المباراة اليوم بالطريقة التكتيكية المعتادة له 4-2-3-1 وكذلك بدأ اللقاء بالأسلوب المعروف له منذ كان مع بورتو ثم تشيلسي ثم الإنتر وهو الضغط المبكر على المنافس وتعدد المحاولات الهجومية من البداية بهدف إحراز هدف مبكر يُريح لاعبيه ويُكسبهم الثقة والهدوء ويُربك المنافس ويزيد من الضغوطات عليه بجانب الأثر الفني المتمثل في السماح له بالعودة واللعب باتزان دفاعي كبير مع المباغتة بالهجمات المرتدة وقتما تُقطع الكرة وبسرعة شديدة سواء عبر التمريرات الجماعية بين مجموعة الوسط أو الانطلاقات الفردية من رونالدو وأوزيل ودي ماريا وأحدهم بما يمتلك من مهارات قادر تمامًا على أداء هذا الدور.

ما حدث اليوم هو ما خطط له مورينهو بالظبط، حيث ضغط هجوميًا وسجل هدفين سريعين سمحا له بتطبيق فكره الواقعي على باقي دقائق المباراة وقد فضل اللعب بتلك الواقعية على المغامرة لتحقيق فوز كبير وتاريخي يستغل به الحالة السيئة للميلان، يُمكن القول بتعبير آخر أنه احترم كثيرًا الميلان وقدراته وخاف من عودته للقاء ففضل الاكتفاء بالهدفين والنقاط الكاملة وربما يعود هذا لأنه لازال لم يثق لقدرة فريقه على الجمع بين التركيز والالتزام والانضباط الدفاعي من جهة والاستمتاع الأداء الاستعراضي الفردي والجماعي من جهة أخرى وباعتقادي أنه سيصل لتلك المعادلة قريبًا وقريبًا جدًا خاصة أنه يمتلك اللاعبين القادرين على فعل هذا وقد تعلموا بالفعل ما الذي يعنيه الالتزام وما الذي يعنيه اللعب لفريق كبير مثل ريال مدريد.

نقطتين لاحظتهما اليوم في أداء مورينهو التكتيكي، الأولى هي التقدم شبه الدائم لمارسيلو مما جعله لاعب خط وسط أكثر منه مدافع أيسر وهذا ساهم في خلق زيادة عددية كبيرة للريال في وسط الملعب لأن الفريق أصبح يلعب بالبرازيلي بجانب الخماسي وهذا الخماسي قام بواجبه الدفاعي والهجومي على أكمل وجه فما بالك بعدما أضيف له مارسيلو !! بالتأكيد أصبح أكثر قوة وتميزًا وتمكن من السيطرة الكاملة على منطقة المناورات مما سهل له إدارة المباراة وكذلك ساهم ذلك في ابعاد خطر الهجوم الميلاني عن دفاع الريال بل جعل المواجهة الفردية في الوسط تقريبًا وفي حال نجح لاعب الميلان في المرور سيجد خلف مارسيلو لاعب آخر يغطي عليه ولن يكون قريبًا من منطقة الجزاء كما في حال لعب المدافع البرازيلي في مكانه كظهير أيسر.

النقطة الثانية هي استخدامه هيجوين بطريقة ممتازة قد لا يلاحظها الكثير وربما أكون قد بالغت بها، لكن ملاحظتي تتلخص في أن مورينهو أبقى الأرجنتيني داخل منطقة جزاء الميلان وقلل من حركته خارك المنطقة والهدف هو ارباك قلبي دفاعه واخراجهما أو أحدهما على الأقل من مواجهة الوسط الهجومي خاصة أن الأرجنتيني يمتاز بالقوة والطول ويحتاج لرقابة دائمة، وقد اعتمد البرتغالي في هجومه على الثلاثي القادم من الخلف رونالدو وأوزيل ودي ماري وقد هاجم بهم عبر الأطراف لأنه يعي تمامًا أن الميلان يمتاز بالقوة في عمق دفاعه والضعف في طرفيه وقد رأينا اليوم كان كيف كان صعبًا اختراق الدفاع بالتمريرات البينية أو المحاولات الفردية من العمق بسبب الأداء المميز لنيستا لكن الاختراق عبر الأطراف ثم التمرير العرضي أو حتى الجماعي أو التسديد كان أسهل وقد صنع أغلب
فرص ريال مدريد.

ننتقل للطرف الخاسر وهو الذي يحتاج للحديث الفني بشكل أكبر بسبب الأخطاء الكثيرة التي وقع بها المدرب ماسميليانو أليجري والذي لازلت أراه أقل كثيرًا من الميلان سواء ذهنيًا أو فنيًا وتكتيكيًا، وقد ذكرت ذلك في أكثر من مقال سابق وما حدث اليوم كان تتويج لأخطائه مع الروسونيري والتي للأسف لا يتعلم منها.

أليجري دخل مباراة اليوم بالكثير من الأخطاء سواء على صعيد التكتيك أو التشكيل الذي بدأ به اللقاء، وقد نسي أن هناك فارقًا كبيرًا بين اللعب في الدوري الإيطالي واللعب في دوري أبطال أوروبا، بين اللعب أمام كاتانيا وكييفو فيرونا واللعب أمام أياكس وريال مدريد ... الفارق الأساسي هنا هو السرعة والحيوية ونقصد السرعة في كل شيء سواء نقل الكرة أو البناء الهجومي أو الارتداد الدفاعي أو الانطلاقات الفردية فتلك السرعة تميز دوري الأبطال والكثير من أنديته لكنها تغيب عن الكرة الإيطالية سوى بعض أنديتها وهي غالبًا من يُزعج الميلان بمجموعته الحالية مثل باليرمو وكالياري والإنتر.

نتفق على أن ريال مدريد يمتاز بالسرعة والحيوية وفي كل شيء وبالتالي على الميلان أن يحرمه من تلك الميزة حتى تقترب المسافات لأن امتلاك الميلان لتلك الميزة بالوصول لمعدل سرعات الريال مستحيل مع لاعبين مثل رونالدينهو ووسيدورف وبيرلو وجاتوزو بل الأفضل هو حرمان المنافس من الميزة وتحييد جانب السرعة عن اللقاء وذلك يكون عبر 3 نقاط مهمة هي:

1- اللعب بزيادة عددية عنه في وسط الملعب مما يجعلنا نُطبق المثل "الكُثرة تغلب الشجاعة أو السرعة هنا" لأن رونالدو حين يتخطى لاعب بسرعته سيجد آخر يُوقفه، وهكذا دي ماريا وأوزيل لكن حين يكون لاعب ضد لاعب أو 3 ضد 3 فالعملية ليست في صالحه أبدًا، فما بالك أن الريال كان يلعب بـ6 في الوسط مقابل 3 فقط للميلان لأن الثلاثي الأمامي لا يعود للخلف والرباعي الخلفي لا يستطيع التقدم للأمام.

2- اللعب بلاعبين يمتازون بالجانب البدني عن الجانب الفني، لأن بهؤلاء أستطيع حسم المواجهات الفردية لصالحي ومواصلة الضغط الدفاعي على المنافس بجانب القدرة على الارتداد للهجوم أو الدفاع بالسرعة المطلوبة، هذا لا يمكن أن يحدث مع لاعبين مميزين مهاريًا لكن متواضعين بدنيًا مثل من كان على أرض الملعب اليوم.

3- اللعب بشيء من العدوانية والشراسة عند الضغط على المنافس ولا أقصد العنف هنا بل ما يُقال عنه بالانجليزية "AGGRESSIVE" لان ذلك سيُزعج المنافس ويُقلقه خاصة إن كان يمتاز بالكثير من المهارة وأقل ما بها سيجعله أكثر قلقًا عند المواجهات الفردية، تلك هي مسؤولية المدرب بأن يبث الحماس والروح القتالية في لاعبيه قبل وخلال اللقاء وأن يطالبهم بتلك الشراسة في الأداء ولكننا اليوم لم نرى هذا الأمر بل رأينا استسلام واضح في المواجهات الفردية من عديد لاعبي الميلان حتى أن لاعب الريال كان يتقدم ومنافسه الميلاني كان يعود للخلف مما يسمح للأول بالتقدم أكثر والتحرك في مساحة أوسع بعكس ما كنا نراه حين تكون الكرة مع اللاعب الميلاني !!.

بتطبيق النقاط السابقة على شكل الميلان الذي كان يجب أن يدخل به اللقاء نجد أن الأفضل هو اللعب بطريقة 4-4-2 أو 4-4-1-1 أي بتواجد الرباعي الخلفي وأمامه الرباعي بيرلو وجاتوزو وفلاميني وبواتينج وبجانبهم الثنائي إبراهيموفيتش وباتو أو رونالدينهو بدلًا من أحدهما لاستغلال قدرته على التمرير المتقن، وتبقى أوراق مثل سيدورف وروبينهو وأحد الثلاثي الهجومي هي أوراق رابحة قادرة على تطوير الأداء للجانب الهجومي أو الدفاعي بحسب مجريات اللقاء، وبالنسبة للتكتيك يكون بالتكتل الدفاعي في وسط الملعب ثم الارتداد الهجومي وقتما تُقطع الكرة ومن ثم يتطور الأداء بحسب أحداث المباراة نفسها.

نقطة مهمة يجب أن يُدركها أليجري هي استحالة اللعب بالثلاثي بيرلو وسيدورف ورونالدينهو معًا في الملعب لأن ذلك يُضيف الكثير من البطء للأداء الميلاني، لأن الثلاثي ببساطة ينتمي لفئة "المعلمين" في كرة القدم أي أصحاب المهارة والخبرة ولكن في نفس الوقت المستوى البدني المتواضع وهذا الأمر قد يكون جيدًا في بعض المباريات خاصة إن كان الميلان يُهاجم بشراسة وبضغط لأنه وقتها سيحتاج الجانب المهاري أكثر من البدني لكن إن لعب الفريق مباراة متوازنة وبأداء متوازن دفاعيًا وهجوميًا فهو بحاجة لوسط يجمع بين الجانب البدني والمهاري أي يتواجد لاعب أو لاعبين من الثلاثي بجانب لاعبين حركيين في الملعب يمتازوا بالجانب البدني أكثر من المهاري.

نقطة أخرى مهمة يجب أن يعيها المدرب الشاب صاحب الـ43 عامًا هي أن التغييرات وُضعت في قانون كرة القدم ليتم استخدامها بالشكل السليم في التوقيت السليم كي تُفيد الفريق وتُصلح من أخطائه ولكن ما يفعله ويُكرره السيد أليجري هو تأخير التغييرات الى اللحظات الأخيرة وقد ظهر هذا في آخر المباريات أمام كييفو فيرونا حين عانى الفريق كثيرًا حتى دخل بواتينج أرض الملعب وأعاد الحيوية لوسط الفريق .... اليوم تكرر الأمر لأن ألجيري كان يُشاهد فريقه تائه ويغرق في الملعب وهو لم يتحرك مثله مثل المشاهدين في المنازل، الجميع رأى المستوى السيء للوسط والغياب الكامل للهجوم ومع هذا لم تبدأ التغييرات إلا في الجزء الأخير من المباراة وقد رأينا كيف تحسن المستوى بعد مشاركة الثلاثي روبينهو وبواتينج وإنزاجي وأسأل هنا، لماذا لم تتم تلك التغييرات خلال الشوط الأول أو على الأكثر مع بداية الشوط الثاني؟ أتمنى حقًا أن أسمع إجابة المدرب.

أحب أن أوضح في النهاية أن غياب تياجو سيلفا أثر كثيرًا على الروسونيري لأنه يمتلك ميزة السرعة في الأداء الدفاعي وقادر على مواجهة حيوية نجوم الميرينجي لكن الأثر الأكبر كان لغياب القائد ماسيمو أمبروزيني لأنه أفضل لاعبي وسط الميلان خلال السنوات الأخيرة ومن الأفضل في إيطاليا وإن كان مظلوم إعلاميًا وعلى صعيد المنتخب الإيطالي، وجود الكابيتانو اليوم كان سيمنح الوسط القوة المطلوبة سواء على الجانب الذهني والنفسي أو الفني والبدني.

أخيرًا أبارك لجمهور ريال مدريد على ذلك الفوز المهم وأقول لهم اصبروا على هذا الفريق وسيمضي بعيدًا في البطولات المحلية والقارية وليس فقط هذا الموسم بل لمواسم قادمة، لكن هذا بشرط أن تواصل الإدارة دعم الفريق ومورينهو بالشكل السليم وأن يتحلى الجميع بالصبر حتى يصل الفريق للمستوى المطلوب لأنه حتى الآن لم يصل لمستواه الكبير لكنه في الطريق لهذا، وأقول لجمهور الميلان أن الفريق الحالي من الصعب جدًا أن يصل بعيدًا في دوري الأبطال إلا إن قام بتعزيزات واضحة ومهمة في يناير وهذا صعب للغاية لكنه في نفس الوقت فريق جاهز وقادر على المنافسة المحلية والفوز بالاسكوديتو بامتلاكه مجموعة لاعبين قادرين على حسم أكبر عدد من المباريات لصالحه بخلاف الأمر في الشامبيونزليج خاصة مع مدرب مثل ألجيري، هو مدرب يحتاج للوقت والخبرة وعدد كبير من التجارب وهذا كله سيكون على حساب الميلان خلال هذا الموسم إلا إن اقتنع وقام بالفعل بثورة كبيرة في الوسط.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
تحية الاسلام
جزاك الله جنة الفردوس الاعلى التي اعدت للمتقين
نفع الله بك الاسلام والمسلمين وادامك ذخرا لمنبرنا الشامخ شموخ
ارز لبنان
ان كل مفردات ثقافتي لا تفيك حقك من الشكر والاجلال والتقدير
لك مني عاطر التحية واطيب المنى
دمت بحفظ المولى

الحاج لطفي الياسيني

» برشلونة يزاحم الريال على تياغو الميلان
» تشكيلة برشلونة للقاء الميلان
» رسميًا: زلاتان إبراهيموفيتش إلى الميلان
» اودو باقي في الميلان
» خطوة تفصل هوندا عن الميلان

صفحة 1 من اصل 1