بعد ثمانية أعوام ونصف العام من النهاية العاصفة لعلاقتهما، عادت طرق جوزيف بلاتر وابنه الشرعي ميشيل زين روفينن إلى الالتقاء، دون توقع، لتعود معها ظاهرة "ديجا فو" في تكرار لمواقف عاشها الأشخاص من قبل.
أكد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أمس الاثنين أنه توجه "بطلب فوري" إلى صحيفة "صنداي تايمز"، كي تمده "بكل الأدلة المحتملة" لديها حول فضيحة الفساد التي تعصف بالهيئة المسئولة عن ادارة شئون كرة القدم العالمية.
فقد غيرت الأمور التي كشفت عنها الصحيفة خلال الأسابيع الأخيرة خريطة المنافسة على استضافة بطولتي كأس العالم عامي 2018 و2022 ، المقرر الإعلان عنهما في الثاني من كانون أول/ديسمبر المقبل، ومن بين الملفات التي تأثرت ذلك الذي الملف المشترك الذي قدمته أسبانيا والبرتغال.
وأظهر فيديو مصور بكاميرا خفية من قبل "صنداي تايمز" الامين العام السابق للفيفا ميشيل زين روفينن وهو يتهم أعضاء باللجنة التنفيذية للاتحاد بالفساد ، وأوضح ثمن أصواتم. ووصف أحدهم بأنه "رجل العصابات الأول على وجه الأرض"، وقال عن آخر إنه "لطيف" لكن المال يجعل كل شيء ممكنا. ووصف ثالث بانه "رجل يمكن استقطابه من خلال النساء".
يتواجه بلاتر وزين روفينن وتتطاير الاتهامات في المنتصف: بشكل أو بآخر لا شيء جديد، وبشكل أو بآخر الأمر حدث من قبل. ففي 29 آيار/مايو عام 2002 ، وفي أمسية لا تنسى بفندق هيلتون في سول ، أعيد انتخاب بلاتر لولاية ثانية رئيسا للفيفا بعد أن اكتسح الكاميروني عيسى حياتو برصيد 139 صوتا مقابل 56 .
وصرخ بلاتر في حماس شبه ديني في نهاية اجتماع الفيفا حينها "ضموا أيديكم ، ضموها"، وبجواره بدا زين روفينن مستكينا وهو مجبر على أن يرفع ذراعه ويشد على يد السويسري.
وفي ظل سجالات لفظية ونظرات غضب وتعليقات ساخرة، وتهديدات ، بدا ذلك الاجتماع أفضل من أفلام الإثارة. كل شيء انطلق من تمرد زين روفينن ، الذي كان حتى وقت قريب مضي في ذلك الحين "ابنا شرعيا" وشخصا يتمتع بحماية بلاتر. استغلال للسلطة وفساد وسوء إدارة: اتهامات الامين العام السابق لرئيسه كانت جدية للغاية.
لكن شيئا لم يحدث. فبلاتر لم يتمكن فقط من الحصول على ولاية جديدة، بل إن نيابة زيوريخ برأته في الرابع من كانون أول/ديسمبر من ذلك العام من تهم اختلاس الأموال وإساءة السلطة.
يشار الى ان بلاتر يتطلع الان إلى ولاية رابعة في 2011 ليمد رئاسته إلى 2015
كان ذلك بمثابة نهاية عجيبة لعلاقة بدأت في ثمانينيات القرن العشرين ، عندما تمكن زين روفينن وهو لا يزال طالبا جامعيا من الحصول على موافقة بلاتر على تلبية دعوة لحلقة نقاش بعنوان "اللعب النظيف". وفي 1986 دخل زين روفينن حكم كرة القدم السابق الفيفا كمحام ، وبعدها بتسعة أعوام تحول إلى الامين العام المساعد ، ثم احتاج إلى ثلاثة أعوام أخرى ليكون "الرجل الثاني" لبلاتر.
وقال بلاتر وهو في شدة الانزعاج بعد إعادة انتخابه "الآن على اللجنة التنفيذية الاهتمام بالسيد منظف"، مساويا بين حليفه السابق والمواد الكيماوية التي تستخدم في عملية غسيل الملابس.
ودون أن يرغب في ذلك عاد "المنظف" زين روفينن إلى قلب الأحداث ، فقد قال لعدد الاثنين من صحيفة "بليك" إنه سيقاضي "الصحفيين الاثنين" اللذين جعلاه يصدق أنهما من "أصحاب المصالح" وقد يفعل الأمر مثله مع "صنداي تايمز".
ووفقا ل "بليك" فإن الصور التي نشرتها الصحيفة البريطانية تتعارض مع القانون السويسري الذي يعاقب نشر مقاطع فيديو يتم تصويرها بشكل سري ، على عكس ما يحدث في إنجلترا.
وأشارت وسائل الإعلام السويسرية أمس إلى أن زين روفينن كان يحصل على 120 ألف يورو عن عمله "لأصحاب المصالح". أما "باسلر تسيتونج" فوضعت يدها على إحدى نقاط ضعف الفيفا، حيث ذكرت "إن الفيفا يستفيد من ميزة جمع المليارات دون أن ينتج شيئا في واقع الأمر. فقط عليه أن يقرر كل عامين مقر المونديال. إن نظاما كذلك ، يصيب الأشخاص بالطمع وعدم المسئولية. إنه نظام يبث الفساد بسهولة".
قبل خمسة أعوام مضت ، وبالتحديد في تشرين ثان/نوفمبر عام 2005 ، تم تقديم زين روفينن في كوبنهاجن خلال مؤتمر "بلاي ذا جيم" على أنه "المحقق الأعلى رتبة في تاريخ الرياضة".
وأبرز في ذلك الحين ينز سيير أندرسون منظم ذلك المؤتمر التابع لجهة تحمل الاسم نفسه وتتولى إلقاء الضوء على الجوانب الخفية في عالم الرياضة "لقد تخلى عن موقعه من أجل أن يحاول إصلاح الأمور".
واليوم يترقب زين روفينن والفيفا أسابيع عاصفة وغير محددة الملامح.
وقال متحدث من الاتحاد اليوم، ردا على سؤال عما إذا كان التاريخ المحدد لإعلان الملفين الفائزين بتنظيم مونديالي 2018 و2022 لا يزال كما هو: "في الوقت الحالي نعم".