قصيدة للشيخ سفر الحوالي ملحمة الشام
-----------------------
يا شام هل يحجز الأشواق قضبان؟ أم يحجب الطيف أسوار وجدران
قد استوينا فكـل رهـن محبسـه للظلم من حولـه سوط وسجان
لنـا إذا هبت الأنسـام لاعجـة من حرقة الوجد فالأكباد نيران
يغشى الأسى ناظرينا كلما ومضت في الأفق بارقة تخبو وتزدان
إذا تـألق فـي عليـائهـا أمـلٌ هوى إليه هوىً وانساب ألحان
لا عتب أن فـرقتنا للنوى سبـل فالدهر ذو دولة والوصل ميان
وهـكـذا تنضب الأرواح نازفـة بكل جرح مرارات وأشطان
لـم يبق إلا صبـابـات نجاذبهـا لا ترتوي فالجوى باليأس حران
نباكر الغَمَّ في الإصبـاح متقـداً وفي العشية آهات وأشجان
تطير أرواحنا شوقاً ولـو قـدرت طارت إليكم مع الأرواح أبدان
أنتم ندامى الهوى ما للهوى بـدل منكم إذا سامر المشتاق ندمان
لسنا من الحب في شيء لو انصرفت عنكم صبابتنا أو ضل وجدان
نسلـو الحياة ولا نسلو تذكركـم وهل تداوى بغير الذكر ولهان
وحسبكم أنكم في القلب مسكنكم حيث الأسى راتع واليأس حيران
عـسى تراسـلُ أشـواقٍ يعللنـا وربما خفتت بالشوق أحزان
أواصر الحب كـلُّ الحب تجمعنـا رغم القيود أما قد قال حسان :
إما سألت فإنـا معشـر نـجب الأزد نسبتنا والماء غسان
وكل ناعورة بـالشام نـادبـة عهد الوصال فهل للهيض جبران
* * *
الله أكبـر! هـذا الظلـم فرقنـا وللمقادير إيلاف وإظعان
كأنه لـم يكن بالـمرج مرتعنـا ولم يكن في ربى جيرون جيران
ولم يكن في الثغور الغر مرصدنـا وفي المضائق حراس وسكان
وفي السواحـل نيـران وأربطـة وفي الجزيرة أحباب وإخوان
وفي المـدائـن أنسـاب مؤلفـة وفي العشائر أصهار وأختان
وأعذب الحب ما كـانت موارده بـالقدس ، أواه هل للقدس نسيان
* * *
يا شام يا معقل الإسلام ما ركضت بلق الخيول ومد الظل أفنان
إذا تضاءل هـذا الحب عن بلـد ففي مرابعكم فيء وأكنان
تالله ما الغوطة الغناء منيتنا وفي مسارحها للحسن غزلان
ولا رسـوم لأجداد بسـاحتكـم إذ كان يملكها أزد وزهران
ولا صبا بردى يسبي مشاعرنـا لكنما حبكم دين وإيمان
* * *
من البراق أصول الحبّ قد بزغـت وقد أضاءت لها بصرى وحوران
إذا سرى الطيف منكم وانثنى سحراً يهيج بالقلب للإسراء عنوان
لله حـبٌ، رسـول الله أسسـه وهل لنا غيره أس وأركان
وقـام من بعده الصديق يـورده والشرق والغرب نيران وصلبان
بعـزمةٍ عـقد الـرايات مـرتقباً بشرى الرسول وأمضى وهو عجلان
وقال: إن لم نبادرهم بـمعمعـة تنسي الحلومَ فلا كنا ولا كانوا
والدهر ما عزم الصديق مرتجـف والأرض مائدة والبحر طوفان
إذا تـحنن فالإعصـار مرحـمة وإن توعد فالأنسام حسبان
يعطي وليس لـمخلوق عليـه يـد إنفاقه حسبة، والعتق إحسان
دع ليلة الغار فالقـرآن خلـدهـا تقاصرت همم عنها وأزمان