إنزال جوي أميركي يفشل في اعتقال قادة ميليشيات في بغداد
تسريب معلومات بشأن قيام قوات أميركية بعملية أمنية في العراق بهدف اعتقال قادة ميليشيات تابعة لإيران يكشف، بغض النظر عن مدى دقّة تلك المعلومات، أنّ تلك الجماعات باتت تدرك مدى جدّية الولايات المتّحدة في ملاحقتها وضربها وتستعد لأسوأ الاحتمالات، بعد أن تجاوزت واشنطن كل الخطوط الحمر، وأقدمت في يناير الماضي على قتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني وساعده الأيمن في العراق أبومهدي المهندس.
العرب/بغداد – سرّبت مصادر على صلة بمجموعات مسلّحة في العراق “معلومات” عن قيام الولايات المتحدة، فجر الخميس، بتنفيذ عملية في العاصمة العراقية بغداد لاعتقال عدد من قادة بعض أبرز الميليشيات الموالية لإيران، لم تسفر عن شيء.
وتزامن هذا التسريب مع سقوط عدد من الصواريخ في محيط السفارة الأميركية في بغداد، ما تسبب في انطلاق صافرات الإنذار داخل المنطقة الخضراء عالية التحصين، من دون الإبلاغ عن ضحايا أو إصابات.
وقالت المصادر العراقية لصحيفة “العرب” إن الجيش الأميركي في العراق أطلق، الخميس، عملية لاعتقال ثلاثة من قادة الميليشيات الموالية لإيران من معاقلهم في بغداد عبر عمليات إنزال جوي، ردا على القصف المتكرر الذي تتعرض له المعسكرات التي تستخدمها القوات الأميركية في البلاد.
وأضافت أن العملية استهدفت اعتقال شبل الزيدي، زعيم ميليشيا كتائب الإمام علي، ومساعد بارز لزعيم ميليشيا النجباء أكرم الكعبي، فضلا عن شخص ثالث عمل لسنوات إلى جانب نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس، الذي قتل في غارة أميركية عندما كان يرافق قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، في بغداد، في الثالث من يناير الماضي.
وأكدت هذه المصادر أن الجيش الأميركي استخدم طائرات مروحية، لكنها لم تؤكد حدوث إنزال جوي.
وأوضحت أن اثنين من هذه الأهداف الثلاثة نقلا إلى مواقع بديلة قبيل التحرك الأميركي الذي لم يسفر عن القبض على أي هدف.
ولم تقدم الأجهزة الأمنية العراقية أي معلومات بشأن هذه الرواية، واكتفت بتأكيد تعرض المنطقة الخضراء، فجر الخميس، إلى هجوم صاروخي استهدف مبنى السفارة الأميركية في بغداد.
وقالت وحدة الإعلام الأمني في العراق إن صاروخين سقطا قرب أحد المقرات العسكرية في العاصمة بغداد، من دون أن تشير إلى وقوع ضحايا، أو أي تفاصيل، فيما ذكر سكان في بغداد أنهم سمعوا دوي انفجارات شديدة.
وجاءت هذه التطورات في وقت تشهد فيه العاصمة بغداد إغلاقا عسكريا شاملا، وحظرا على حركة المدنيين، في إطار إجراءات قاسية لمنع تفشي فايروس كورونا.
وتسربت هذه المعلومات بعد إعلان وصف بـ”الغريب” صادر عن ميليشيا كتائب حزب الله في العراق، التي تدار من قبل الحرس الثوري الإيراني مباشرة، قالت فيه إنها تملك معطيات تؤكد أن الولايات المتحدة تخطط لتنفيذ عمليات إنزال جوي بهدف السيطرة على مواقع للحشد الشعبي والأجهزة الأمنية في بغداد.
كما تناقلت وسائل إعلام عراقية ممولة من إيران، منذ أسبوعين، معلومات عن نية الولايات المتحدة دعم انقلاب عسكري في العراق، من دون أن تكشف عن معطياتها أو مصادرها، ما يشير إلى وجود حملة تمهيدية لتحول ما في البلاد.
وقالت ميليشيا الكتائب إنه “في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها العراق، ومع استنفار كل الإمكانات في مواجهة خطر الفايروس، الذي اتهم ترامب بنشره وإدارته الإجرامية، ومع انشغال القوى الشعبية وفصائل المقاومة بدعم الجهود الحكومية وتعزيزها بمبادرات إنشاء مستشفيات ميدانية، وإطلاق حملات التعقيم والتكافل لمساعدة الأسر المتعففة، في أروع صفحة للجهاد الصحي المقاوم، نرصد تحركات مريبة للقوات الأميركية وعملائها مستغلة هذه الظروف في محاولة لتحقيق أهداف مشبوهة، وتنفيذ مخططات طالما سعت إلى الوصول إليها من قبل”.
وأضافت “لقد تصاعدت في الأيام الأخيرة موجة الحملات الإعلامية النفسية الأميركية الممهدة لمخطط أميركي يرتكز على القيام بإنزال جوي يرافقه دعم أرضي وإسناد ناري من طيرانه الحربي على مواقع للأجهزة الأمنية والحشد الشعبي والمقاومة الإسلامية، وبمشاركة جهاز عسكري عراقي، وآخر أمني، (في إشارة معروفة إلى جهاز مكافحة الإرهاب الذي يقوده الجنرال طالب شغاتي وجهاز المخابرات الذي يترأسه مصطفى الكاظمي)، سيعرض البنى الأساسية للدولة العراقية للخطر، ويصيب السلم الأهلي في مقتل، وما بحوزتنا من معطيات – ترقى إلى مستوى المعلومة – تجعلنا نتعامل معها بشكل جدي لخطورتها وتداعياتها”.
وترى ميليشيا كتائب حزب الله العراقية أن “هذا الفعل وما ينتج عنه من تداعيات خطيرة، والعراق في أزمة صحية استثنائية، سيفاقم الوضع وسيسبب كارثة إنسانية ومجتمعية، ﻻ يمكن السيطرة عليها”، مؤكدة أن “إقدام العدو الأميركي المحتل على تنفيذ عمله الأخرق يضعنا أمام خيارات واسعة تضطرنا إلى تجاوز مراحل كثيرة في معادلة المواجهة معه، وسنرد بكل قوة على جميع منشآته العسكرية والأمنية واﻻقتصادية دون استثناء، وسنجعل المواقع التي يخطط لاستهدافها مقبرة له، وعارا يلاحقه هو ومن تعاون معه”.
وحذرت الميليشيا العراقية التابعة لإيران “أي طرف عراقي تسول له نفسه المشاركة في هذا المخطط التآمري، وليضع في حسبانه أنه سيعامل كعدو، لن تغفر خيانته، ولا يعفى عن جريمته، وسيلقى حسابا عسيرا على جميع المستويات العشائرية والقانونية والشعبية”.
وسبق لميليشيا منظمة بدر بزعامة هادي العامري أن اتهمت جهاز مكافحة الإرهاب، نخبة القوات العراقية المسلحة، بتلقي أوامره من الولايات المتحدة، بينما تتهمه ميليشيا عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي بالعمل لصالح إسرائيل.
ودعت ميليشيا كتائب حزب الله العراقية “المجاهدين من القوى والفعاليات الشعبية” إلى “الاستعداد بالعدة والعدد للتصدي لما يبيته هذا العدو الغاشم من شر، والتهيؤ لمواجهة أي حماقة قد يتورط بها ويريد جر العراق إليها”.
ويقول مراقبون إن “المعلومات المسربة عن عمليات أميركية لاعتقال زعماء الميليشيات الثلاثة، في حال كانت مفبركة، ربما تمثل شوطا متقدما من تحضيرات إيرانية لشيء ما في العراق، في ظل الانسداد السياسي الذي ترتب على تكليف عدنان الزرفي بتشكيل الحكومة الجديدة، والاعتراض الإيراني الشديد على ذلك”.