خبره يا قمرُ

خّبِّرْهُ يا قَمَرُ..
رفيقي من بَعْدِهِ السَهَرُ
خَبِّرْهُ يَا قَمَرُ..
مآقي الدمعَ مَّا جَفَّتْ،
وَضِلْعِي باتَ مُلتَهِبًا،
شَوْقًا إليهِ
خَبِرْهُ يا قمرُ..
كم سمعتُ منَ اللائِمينَ لومًا،
ومنَ العناءِ كَمْ تحَمَّلْتُ،
أيَدْرِي؟
خَبِّرهُ يا قَمَرُ...
ليالٍ كم تسامرنا، أنا وَأنَْتَ يا قَمَرُ،
والنَّجْمُ يَرْقُبُ، الصَمْتَ يَنْتَظِرُ،
والرُّوحُ تحتَضِرُ، وَالقَلبُ يَنْفَطِرُ.
باللهِ...
خَبِّرْهُ يَا قَمَرُ..
ثَوْبِي الشحوبَ غَدَا من هَمّي وَمِنْ حَزَنِي،
ومنَ عَذَاباتٍ والبَيْنُ لَيسَ يَقْتَصِرُ،
وأنَا لا زِلْتُ واثِقَة بأنه جانبي، بل أحسهُ،
أتَحَسَّسَهُ، أشمُ أريجَهُ، والجِسْمُ يُعْتَصَرُ.
خبرهُ يا قَمَرُ...
كيفَ تغدو حالَ خلٍ بلا خليلْ،
لا مثله يتيمٌ،
لا،
ولا لطيمْ،
ولا شَقيٌّ،
ولا سَقيْم،
ولا من تاهَ في فَيَافي الأَرْضَ،
لَيْسَ يَدْري، أَغَرِيبٌ، أمْ مُقِيْمْ؟
واسألْهُ يا قَمَرُ..
أينَ ما حَدَثتني عَنهُ،
أّكَذِبًا كانَ؟
أم كانَ وَهْمَاً كَسَراب؟
اسألهُ يا قَمَرُ..
أكانَ ما بَنَيْنا على الشُطْآنِ قصُورَ رمالْ،
فما وَعَتِ الرِّيْحُ، ولا الرمْلُ وعَى،
تِلْكَ القُصُور؟
اسألهُ يا قَمَرُ...
إِنْ كانَ يدري عَن حَالِ أُمٍ وَقَدْ ثَكُلَتْ؟
إِنْ كانَ يدري عَن حالِ طِفْلٍ،
ضاعَ في السوقِ،
وَدُمْيَتُهُُ الوَحِيْدَةُ مِنْهُ قَدْ سُرِقَتْ ؟
إِنْ كانَ يدري عن صاحبِ الدَيْنِ،
وهَمِّ الديْنِ،
كَيْفَ يَسْهَدُ،
من هُمُومٍ الدينِ وَقَدْ ثَقُلَتْ؟
إِنْ كانَ يدري أَيّ شَيءٍ، عَنْ فِاقِدِ الغَالِيٍَ في ساحِ الوَغَى؟
ويَدُ المَوتِ تَعْرِفُ أَنَّهُ غَالٍ،
وَمَا رَحَمَتْ.
أو
مَنْ فَقَدَ روحَهُ في الحبِّ وقَدْ غَرِقَتْ؟
خَبِّرْهُ يَا قَمَرُ...
إنَّ هَمِّي وَحُزْنِي أَشَدُّ إِيْلامًا من كلِّ مَنْ سَبَقُوا.
خَبِّرْهُ يَا قَمَرُ..
باقٍِ على العَهْدِ أنا.
خَبِّرْهُ يا قَمَرُ..
بَاكٍ على الحُبِّ، مِنَ الحِبَّ أنا.
خَبِّرْهُ يا قَمَرُ...
أني أَسِيْرُ على الدُرُوبِ التي سرْنَا وأرْقُبُ الأَثَرَ.
خَبِّرْهُ يا قَمَرُ...
أني أَزورُ الأماكنَ، وَالظِلالَ، والتلالَ حيثُ سرنا،
أَشُمُ عَبقَ عِطرِهِ، وأتَفَيَّاُ الظِلَّ،
وإِلَيْكَ أَنْظُرُ أَيُّها القَمَرُ.
والآنَ..
جَدَّ الجِدُّ،
اسمَعْني سَمِيْرِي أَيُّها القَمَرُ...
قِصَّتِي، قُصَّ لِكُلِّ البشَر،
التائِهينَ من غَيْرِ نُورِكَ يا قَمَر،
والحالِمِيْنَ تحتَ نُورِكَ يَا قَمَر،
والشَّاكِيْنَ مِن ظُلْمِ حبيبٍ مَنَّى، وَغَدَر.
بالله يا قَمَرُ..
ابعَثْ إلَيْهَ خَيْطًا من سَنَاكَ يُخْبِرهُ عَنِي عندَ الرَحيْلِ،
ودُلُّهُ على مَكَانَ الرُفات،
فَالرُّوحُ، والقَلبُ لديه،
فَرَّا مِنِّي إِلَيْهِ،
وارجوه يا قَمَرُ،
أَنْ يَأْتِي بِروحي وقَلْبِي لِيَزُورا الرُفاتُ،
وَيُسَلِّما، ويكتُبَا على شَاهِد القَبْرِ:
هُنَا يَرْقُدُ الحُبُّ،
من غَيْرِ قَلْبٍ ولا رُوْحْ، فقط الرُفات.
ويَكْتُبَا:
إن بَليْتُ أنا، فَلا يَبْلَى الحُبُّ.
التاريخُ:
يَوم الحُبِّ الأَول، من شهرِ الحُبَّ التاسع، من عامِ الحُبَّ الحاليِ،
من عمر الخُلُود.
رَدِدْ أَيُّها القَمَرُ...
عَاشَ الحُبُّ، وإن ماتَ المُحِبْ والمحبوب.
فالحبُّ باقِ ما بَقِيَ المَطَرْ.
فَالْحُبُّ بَاقٍ ما بَقِيَ الوتر.
والحبُّ باقٍ ما بقي الوَطَر.
أبو الفرج تميم فرج
9/10/2008 م.
أرض الحب.
فلسطين.