قصيدة النثر المصرية بين الرفض والقبول

'الصيد الأول' لقصيدة النثر المصرية: مختارات مصرية تثير جدلا بين الرفض والقبول

قصيدة النثر المصرية بين الرفض والقبول 17qpt87

القاهرة ـ 'القدس العربي': صدرت في القاهرة مؤخرا أول مختارات مصرية لقصيدة النثر تحت عنوان 'صيد وحيد' ضمن كتاب مجلة 'إبداع' التي يترأس تحريرها الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي. قام على إعداد وتقديم المختارات الشاعر 'البهاء حسين' الذي يصنف ضمن جيل شعراء التسعينيات في مصر، وقدم للمختارات الشاعر حسن طلب نائب رئيس تحرير المجلة.
الأصداء واسعة، والاحتجاجات لا تفتأ أن تنفض دون إراقة ما تبقى من حياء أو دم. فالذين لم تشملهم المختارات يرونها تكريسا لنهج سلطوي تبتغي من ورائه المجلة تحقيق كسب شبه سياسي بمحاولة احتواء الحركة الشعرية الثائرة والمتمردة، وعلى الجانب الآخر ثمة صمت خجول يحيط بمواقف من وقع عليهم الاختيار، غير أن ذلك لم يعصم حسن طلب من أن ينال مزيدا من القدح بسبب مقدمته للمختارات حتى ممن نشروا قصائدهم فيها، فقد فعلها الشاعر كريم عبد السلام، الذي رأى أن تهجمات المقدمة على شعراء قصيدة النثر أفقدت المختارات معناها وضرورتها، وهو رأي يشاركه فيه كثيرون من خارج وداخل المختارات ..
تضمنت المختارات قصائد لتسعة عشر شاعرا وشاعرة عبرت بشكل كبير عن واقع قصيدة النثر في مصر، حيث انطوى الاختيار على أسماء مهمة ومؤثرة، تأكد ذلك عبر القصائد التي قدمتها المختارات، في المقابل لم يسلم الأمر من إقصاء أسماء مستحقة وتقديم أسماء كانت تحتاج إلى بعض الوقت لتمام إنضاجها، وهو الأمر الذي عرض الشاعر بهاء حسين لانتقادات حادة من عدد من الشعراء الذين جاءت المختارات خلوا من أسمائهم، الأمر الذي أعاد إلى ذواكرهم تاريخا من الإقصاء الذي طالما مارسته المؤسسة ضدهم، لذلك ربما يحتاج الأمر لبعض الوقت حتى يتيقن هؤلاء الشعراء وغيرهم أن امتيازات المؤسسة ليست إحسانات أو محاولات احتواء بل هي في حقيقتها استحقاقات تأخرت بها الأيام ولن تكون منة من أحد. ويعزز هذه الحالة من فقدان الثقة أن ثمة حالة من الاستقطاب القسري تنتاب المجتمع المصري بسبب من ظرفه المجتمعي والسياسي الذي لم يشهد تشظيا وانقساما مثلما يشهد الآن.
بقي القول ان المختارات ضمت كلا من الشعراء: إبراهيم داوود، أحمد يماني، أسامة الدناصوري، أشرف يوسف، تامر فتحي، جيهان عمر، حسن خضر، زهرة يسري، عاطف عبدالعزيز، علاء خال، عماد أبو صالح، عماد فؤاد، فاطمة قنديل، فتحي عبدالسميع، كريم عبدالسلام، محمد خير، محمود خير الله، محمود قرني، ميلاد زكريا.
وننشر هنا نص مقدمة الشاعر البهاء حسين لمختارات 'صيد وحيد':

'وجد الطريق بالسير فيه'

عن وقع النظريات العلمية الجديدة على الناس، وهو ما حدث ويحدث لقصيدة النثر، يقول وليم جيمس: 'في البداية تهاجم النظرية الحديثة وتوصف بالسخف، ثم يعترف بصحتها ولكن بتحفظ مؤداه أنها شىء واضح كالشمس وتافهة، وأخيراً يعترف بأهميتها البالغة إلى حد يدفع أعداءها إلى ادعاء فضل سبق اكتشافها'، هكذا كان على شعراء قصيدة النثر أن يعيشوا ضحايا قصيدتهم، إلى أن أوفت حصتها من النبذ، فجرى الإفساح لها بامتعاض.
على أني لم أر في دعوة الشاعر حسن طلب، لاختيار هذه القصائد، اعترافاً من هذا النوع، ولا فكرت في أن الدكتور حسن، اعتقاداً منه أن النهر مليء بالحصى، يريد أن يكشف كومة الحصى هذه في عريها الجارح. لم يدر بخاطرى ذلك، بل لقد وجد عرضه هوى في نفسى، فأنا، أيضاً، أريد أن أفرغ الشبكة، لنرى بماذا خرجت من الصيد. قلت .. نحتاج، من حين إلى آخر، أن نتأكد مما اقترحته أيدينا.
المهم، قبلت العرض ولا باع لي في التدابير. أتكلم عن الحرج .. أن تجد نفسك هدف عتاب، على الأقل، من أشخاص لم يتسع لهم هذا الحيز الضيق. أتكلم عن الاختيار .. أن تجعل هواك خلفك، أن تحب شعر أعدائك وإن ظللت تكرههم، وأن تخذل أصدقاء تنكرت لهم شياطين الشعر وبرت بهم ملائكته، كل ذلك، كله على بعضه، كان في ذهني وأنا أتهيأ لهذه المختارات محباً ومنحازاً فقط للقصيدة .. ابنة الحظ، التي لا يد للشاعر فيها سوى أنه يصغي لذبذباتها.
القصيدة هنا هي مربط الفرس .. مَن يعطيها اسما ًوملامح؟ لقد نفى أعداء قصيدة النثر صفة الشعر عنها وأقصوها ليس فقط من حظيرة المؤسسة، بل من حق الحياة تحت يافطة القصيدة، لمجرد أنها بلا وزن، وفيما وجد البعض في هذه القصيدة فرصة للتعرف على أنفسهم، تسرب آخرون، سهواً، كالأخطاء المطبعية، للتزاحم بالمناكب. وهو ما كان حجة عليها وذريعة إضافية لطردها من رحمة الشعر.
والحاصل أن الجميع، من خارج التيار ومن داخله، جعلوا هذه القصيدة تولد من غير قابلة، ولهذا جاءت بأوشابها وفوضاها وحريتها الفائقة التي أغرت الصغار بانتهاكها، معتبرين أن الميول الفطرية للإفضاء قصيدة نثر تكتب بأيسر الطرق، بحيث يكفي أن يخربش الواحد منهم ذاكرته، ليكتبها!
لكن الحفل الصاخب، بمرور الوقت، نبه سوق الأدب إلى أن القصيدة الخجول التي كانت بالأمس القريب تتحسس الطريق إليه، اتخذت مجراها، حتى انها تعابث كل فم. ولم يكن مجدياً أن تتفاقم السدود أمامها، ربما لذلك اكتفى البعض بتوثيق إنكارهم شهادةً للتاريخ على أنهم حاولوا تغيير المنكر!
أما النقاد، وهم يحاولون كسب سباق الاعتراف بأثر رجعي، فاندمجوا في أداء دور الرائي الذي أجبرته الظروف على كتمان حدسه، مع أن الزمن وحده هو من يمنح ولاءه للتجربة.
هذه القصيدة، وهي ترجم العصر وتجعل التجديف ضده ممكناً، كادت أن تفقد نفسها، فقد اتخذ الاختلاف والاتفاق عليها شكلاً واحداً .. التشوش. ولم تنج هي نفسها من هذا التشوش، بل كانت ساحة له .. غرابة في التعبير، المخيلة، عالقة بالتفاصيل وأحيانا تختلس النظر إلى القاذورات، الانجرار نحو الهشاشة، أكثر اندماجاً بذاتها لدرجة الانغلاق، لا أب يقنعها، فيما كان لأبنائها آباء كثيرون .. صلاح عبدالصبور، أحمد عبدالمعطي حجازي، عفيفى مطر، أمل دنقل، محمد الماغوط، أدونيس، محمود درويش، أنسي الحاج وآخرون طبعت قصيدة النثر على جبين كل واحد منهم قبلة ومسحتها لاحقاً في محاولة للتنصل من الجذور، وإلى ذلك فهي جارحة لا توقر مقدساً ولا تحتفظ للجزء السري من الحياة بأي تبجيل، ثم إنها بدت كأنها تمتلك 'اليقين' الذي حاربها به خصومها، اليقين المطلق الذي يحتكر ذوق المستقبل ويتحدث باسمه.
والآن، بعد أن هدأ الغبار، أصبح لزاماً أن نستعيد الجزء الصالح من الجلبة .. القصيدة التي أفلحت في أن تزحزح الذوق السائد عن مركزه. وقد اخترت، والاختيار ابن الرغبة، هذه القصائد، لأنها يمكن أن تًقرأ في السوق، بصوت عال، يمكن أن تتكلم بنفسها، ربما دفع الصيد أعداءه إلى الجهر بأن الفضل، في اكتشافه، كان لهم، لا للنهر أو الشبكة.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
تحية الاسلام
جزاك الله جنة الفردوس الاعلى التي اعدت للمتقين
نفع الله بك الاسلام والمسلمين وادامك ذخرا لمنبرنا الشامخ شموخ
...ارز لبنان
ان كل مفردات ثقافتي لا تفيك حقك من الشكر والاجلال والتقدير
لك مني عاطر التحية واطيب المنى
دمت بحفظ المولى

استمع للقران الكريم
http://www.quranimp3.com/main.php

» اجيالنا الشعرية واشكالية تسمية قصيدة النثر : عيسى الياسري
» أمل دنقل وقصيدة النثر
» الأب يوسف سعيد رائد قصيدة النثر في العراق راعي الكنيسة الأب يوسف سعيد كان يخطط لمصير مختلف هو مزيج من الصلاة والشعر، وهو م
» الثورة المصرية ( باللهجة المصرية ) شعر : عطا سليمان رموني
» نظرية المؤامرة ونظرية الرفض! : سعد السامرائي

صفحة 1 من اصل 1