نُفي الشاعر محمود سامي البارودي الى جزيرة سرنديب بعد فشل ثورة أحمد عرابي في مصر....
وكان الشاعر حينها ضابطا في الجيش ومن جماعى عرابي... وبعد اعتقاله ورفاقه صدر الحكم عليه بالنفي الى هذه الجزيرة النائية...وقال هذه القصيدة وهو في المنفى
لكل دمع جرى من مقلتى سبـب و كيف يملك دمع العين مكتئب ؟
لولا مكابدة الأشواق ما دمعت عين و لا بات قلب في الحشا يجب
فيا آخا العذل , لا تعجل بلائمة علي فالحب سلطان له الغلب
لو كان للمرء عقل يستضيئ به في ظلمة الشك لم تعلق به النوب
و لو تبيّن ما في الغيب من حدث لكان يـعلم ما يـأتي و يجتنب
لكنه غرض للــدهر يرشـقه بأسهم ما لها ريش و لا عقب
فكيف أكتم أشواقي و بي كلف تكاد من مسه الأحشاء تنشعب؟
أبيت في غربة لا النفـس راضية بها , و لا الملتقى من شيعتي كثب
فلا رفيق تسـر النفـس طلعته و لا صديق يـرى ما بي فيكتئب
و من عجائب ما لقيت من زمني أني منيـت بخطب أمره عجب
لم أقترف زلة تقضي عـلي بما أصبحت فيه فماذا الويل و الحرب؟
فهل دفاعي عن ديني و عن وطني ذنب أدان به ظـلما و أغترب؟
أثريت مجدا فلم أعبأ بما سلبت أيدي الحوادث مني فهو مكتسب
لا يخفض البؤس نفسا و هي عالية و لا يشيد بذكر الخامل النشب
إني امرؤ لا يرد الخـوف بادرتي و لا يحيف على أخلاقي الغضـب
ملكت حلمي فلم أنطق بمنـدية و صنت عرضي فلم تعلق به الريب
و ما أبالي و نفسي غير خاطئة إذا تخرص أقوام و إن كـــذبوا
ها إنها فرية قد كان بـاء بها في ثوب يوسف من قبلي دم كذب
فإن يكن ساءني دهري و غادرني في غربة ليس لي فيـها آخ حدب
فسوف تصفو الليالي بعد كدرتها و كــل دور إذا مـا تمّ ينقلب