التفاؤل
قال السماء كئيبة ! وتجهما قلت: ابتسم يكفي التجهم في السما !
قال: الصبا ولى! فقلت له: ابتــسم لن يرجع الأسف الصبا المتصرما !!
قال: التي كانت سمائي في الهوى صارت لنفسي في الغرام جــهنما
خانت عــــهودي بعدما ملكـتها قلبي , فكيف أطيق أن أتبســما !
قلـــت: ابتسم و اطرب فلو قارنتها لقضيت عــــمرك كــله متألما
قال: الــتجارة في صراع هائل مثل المسافر كاد يقتله الـــظما
أو غادة مسلولة محــتاجة لدم ، و تنفثـ كلما لهثت دما !
قلت: ابتسم ما أنت جالب دائها وشفائها, فإذا ابتسمت فربما
أيكون غيرك مجرما. و تبيت في وجل كأنك أنت صرت المجرما ؟
قال: العدى حولي علت صيحاتهم أَأُسر و الأعداء حولي في الحمى ؟
قلت: ابتسم, لم يطلبوك بذمهم لو لم تكن منهم أجل و أعظما !
قال: المواسم قد بدت أعلامها و تعرضت لي في الملابس و الدمى
و علي للأحباب فرض لازم لكن كفي ليس تملك درهما
قلت: ابتسم, يكفيك أنك لم تزل حيا, و لست من الأحبة معدما!
قال: الليالي جرعتني علقما قلت: ابتسم و لئن جرعت العلقما
فلعل غيرك إن رآك مرنما طرح الكآبة جانبا و ترنما
أتُراك تغنم بالتبرم درهما أم أنت تخسر بالبشاشة مغنما ؟
يا صاح, لا خطر على شفتيك أن تتثلما, و الوجه أن يتحطما
فاضحك فإن الشهب تضحك و الدجى متلاطم, و لذا نحب الأنجما !
قال: البشاشة ليس تسعد كائنا يأتي إلى الدنيا و يذهب مرغما
قلت ابتسم مادام بينك و الردى شبر, فإنك بعد لن تتبسما
فى قلبك الله
مرّت ليال و قلبي حائر قلق كالفلك في النهر هاج النوء مجراه
أو كالمسافر في قفر على ظمإ أضنى المسير مطاياه و أضناه
لاأدرك الأمر أهواه و أطلبه ، و أبلغ الأمر نفسي ليس تهواه
عجبت من قائل إنّي نسيتكم من كان في القلب كيف القلب ينساه ؟
إن كنت بالأمس لم أهبط مربعكم فالطير يقعد موثوقا جناحاه
فلا يقرّبه شوق إلى نهر و ليس تنقله في الرّوض عيناه
و ليس يشكو و لا يبكي مخافة أن تؤذي مسامع من يهوى شكاواه
إنّي لأعجب منّا كيف تخدعنا عن الحقائق أمثال و أشباه
إذا بنى رجل قصرا وزخرفه سقنا إليه التهاني و امتدحناه
و ما بنى قصره إلاّ ليحجب عن أبصارنا في زواياه خطاياه
و نمدح المرء من خزّ ملابسه و ذلك الخزّ لم تنسجه كفّاه
و إن أتانا أخو مال يكاثرنا بالتّبر تيها رجوناه و خفناه
و قد يكون نضار في خزائنه دما سفكناه أو جهدا بذلناه
لا تحسب المجد ما عيناك أبصرتا أو ما ملكت هو السلطان و الجاه
ألمال مولاك ما أمسكته طمعا فانفقه في الخير تصبح أنت مولاه
ما دام قلبك فيه رحمة لأخ عان ، فأنت امرؤ في قلبك الله