بسم الله الرحمن الرحيم
{ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }[الأعراف : 176]
باقة من أروع القصص والمواقف التي روتها الكتب الصحيحة من أخبار الصالحين، في ميادين الأخلاق والآداب الإسلامية، تحمل العبرة والعظة لأجيال الإسلام الناشئة.
* الفطنة *
من الأمور التي يجب أن يتحلى بها المسلم ؛
لأن الفطنة حدة البصيرة في بذل الأمور، يفطن بزيادة نور عقله إلى ما غاب عن غيره..
وهذه بعض روائع القصص المأثورة في الفطنة :
- غضب المأمون على طاهر بن عبد الله، فأراد طاهرٌ أن يقصده، فورد كتابٌ له من صديقٍ له ليس فيه إلا السلام، وفي حاشيته يا موسى، فجعل يتأمَّله ولا يعلم معنى ذلك، وكانت له جارية فطنةٌ، فقالت: إنه يقول: {يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} [القصص: 20]. فتثبط عن قصد المأمون.(ابن الجوزي: أخبار الظراف والمتماجنين ص149.)
- قال أبو بكر بن عيَّاش: كان بالكوفة رجلٌ قد ضاق معاشه، فسافر وكسب ثلاثمائة درهم، فاشترى بها ناقةً فارهةً وكانت زعرةً، فأضجرته واغتاظ منها، فحلف بالطلاق ليبيعنَّها يوم يدخل الكوفة بدرهم، ثمَّ ندم، فأخبر زوجته بالحال، فعمدت إلى سنَّور فعلَّقتها في عنق النَّاقة، وقالت: نادِ عليها مَنْ يشتري هذا السنور بثلاثمائة درهم والنَّاقة بدرهم، ولا أفرق بينهما. ففعل، فجاء أعرابيٌّ فقال: ما أحسنكِ!! لولا هذا البتيارك الذي في عنقك.(المصدر السابق ص150.)
- انفرد الحجَّاج يومًا عن عسكرهِ، فلقي أعرابيًّا، فقال له: كيف الحجَّاج؟
قال: ظالمٌ غاشم. قال: فهلاَّ شكوتموه إلى عبد الملك.
قال: هو أظلم وأغشم. فأحاط به العسكر، قال: أركبوا البدوي. فلما ركب سأل عنه، فقيل له: هذا الحجَّاج. فركض خلفه وقال: يا حجَّاج.
قال: ما لك؟ قال: السرُّ الذي بيني وبينك لا يطَّلع عليه أحد. فضحك منه وأطلقه.(السابق نفسه ص131.)
- رأى المعتصم أسدًا، فقال لرجلٍ قد أعجبه قوامه وسلاحه: أفيك خيرٌ؟ فعلم أنَّه يريد أن يقدِّمه إلى الأسد، فقال: لا يا أمير المؤمنين. فضحك.( السابق ص139.)
- وقف المهديُّ على عجوزٍ من العرب، فقال: ممَّن أنتِ؟
قالت: من طيِّئ.
قال: ما منع طيِّئًا أن يكون فيهم مثل حاتم؟
فقالت: الذي منع الملوك أن يكون فيهم مثلك. فعجب من جوابها ووصلها.( ابن الجوزي: أخبار الظراف والمتماجنين ص146.)
- أراد شعيب بن حربٍ أن يتزوَّج امرأةً، فقال لها: إني سيِّئ الخُلُقِ. فقالت: أسوأ خُلُقًا منك مَنْ يحوجك إلى أن تكون سيِّئ الخلق.( المصدر السابق ص147.)
- قال أبو عاصم النبيل: رأيت أبا حنيفة في المسجد الحرام يُفْتِي وقد اجتمع النَّاس عليه وآذَوْه، فقال: ما هاهنا أحدٌ يأتينا بشرطيٍّ؟ فقلت: يا أبا حنيفة، تريد شرطيًّا؟ قال: نعم. فقلت: اقرأ عليَّ هذه الأحاديث التي معي. فقرأها، فقمتُ عنه، ووقفتُ بحذائه، فقال لي: أين الشرطيُّ؟ فقلت له: إنَّما قلتُ تريد، لم أقل لك أجيء به!! فقال: انظروا، أنا أحتال للنَّاس منذ كذا وكذا، وقد احتال عليَّ هذا الصبيُّ.(السابق نفسه ص156.).