في الصيف الماضي، قُبيل تعيين تال روسو قائدا لمنطقة الجنوب، سُئل مقرب من رئيس الاركان غابي اشكنازي عمن سيتولى قيادة الجبهة الجنوبية اذا تضعضع السلام مع مصر مع ذهاب عهد حسني مبارك.
إن روسو، وهو من افضل الخبراء في جيله بالعمليات الخاصة وكان رئيس شعبة العمليات اربع سنين، لم يرَ قيادة الجنوب تحديا كبيرا جدا. فمسؤولية قائد المنطقة اليومية أكبر بقليل فقط من مسؤولية قائد فرقة غزة. ولا تقترب عملية مثل 'الرصاص المصبوب' ايضا من صدام مع جيش نظامي.
برغم ان روسو تولى ايضا قيادة فرقة المدرعات النظامية 162 وهي من المتقدمات في الجيش الاسرائيلي في الحرب، فاننا نشك في ان يكون له أو لكل قائد آخر اليوم خلفية ملائمة لقائد معركة فوق الفرق، جوية أو مدرعة، في جبهة سيناء اذا اشتعلت. 'في هذه الحال'، قال مقرب اشكنازي، 'سيتولى رئيس الاركان نفسه قيادة الجبهة'.
منذ سنين يتحدث الجيش الاسرائيلي بغير اكتراث عن سيناريوهات تغيير نظام الحكم في القاهرة، لكن قدرة اسرائيل على التكيف السريع مع وضع انقلاب الحكم في مصر ومجابهة عسكرية مع نظام عدو قد فسدت في واقع الامر. تُبين وثائق 'ويكيليكس' ان الامر ليس كذلك في الطرف الثاني: فما تزال مجابهة مع اسرائيل هي السيناريو المرجعي لخطط الجيش المصري وتدريباته. إن اسرائيل، تحت عنوان 'ادارة الأخطار' و'زيادة الجدوى' قد ترجمت الاحتمال الضئيل لانفراط السلام مع مصر الى توفير من القوة النظامية وزهد في النشاطات الاستخبارية الحساسة. في حلبات جديدة مثل الحدود بين مصر والسودان قد تطرأ خروق مهدِّدة. وكل هذا قبل اغلاق قناة السويس بالقوة في وجه سلاح البحر الاسرائيلي المسؤول تحت قيادة اللواء ايلي مروم عن قطاع كبير من النشاط ذي الغاية في جبهات بعيدة.
إن السلام مع مصر جاء لاسرائيل بفائدة استراتيجية حاسمة، ولا يجوز لاسرائيل ان تُعرضه للخطر بمبادرة منها. بيد انه يوجد ثمن للهوادة النسبية مقارنة بالاهتمام بتهديدات اخرى قريبة وبعيدة. إن الجنرالات ذوي الخبرة، الذين شاركوا في حرب يوم الغفران وفي معارك سيناء إذ كانوا ضباطا شبانا، والذين تولوا بعد ذلك قيادة فيالق مدرعة، سُرحوا لا من الخدمة الدائمة فقط بل من الخدمة الاحتياطية الفاعلة. والأطر التي اختصت بالمنطقة وبالعدو وبالخطط نُقضت عُراها. بقي في قمة الجهاز الامني من جميع خريجي سيناء ايهود باراك وحده الذي كان قائد كتيبة مدرعات في الحرب ولواء وفرقة بعدها، واشكنازي الذي حارب هناك ضابطا صغيرا.
مع مصر مختلفة، قد ترد بشدة وعندما تهدد أسعار النفط بالارتفاع الكبير، يصبح الاحتمال الضعيف للموافقة الامريكية على هجوم اسرائيلي لايران صفرا وهو السبب المركزي كما نُخمن لرغبة باراك في تعيين يوآف غالنت رئيس اركان. إن قرار المستشار القانوني على محاكمة افيغدور ليبرمان مع المساءلة قد يُخرج 'اسرائيل بيتنا' من الحكومة ويُقدم أجل الانتخابات للصيف القريب. في هذه الحال، ومع فرض أن يُلغى تعيين غالنت، يجدر تمكين الحكومة القادمة من تعيين رئيس الاركان. زعم باراك في العام الماضي وحتى عندما تم تعيينه هو نفسه رئيس اركان، انه يُحتاج الى نصف سنة لاعداد رئيس اركان، ولن يكفي الاسبوعان القادمان لذلك.
ستكون ولاية اشكنازي، حتى يتم تعيين وريثه ويُفحص عنه وتتم تهيئته، أكثر شبها بسابقة موشيه ديان (اربع سنوات وشهرين) من شبهها بمدة رفائيل ايتان (خمس سنوات). إن باراك الكاشف عن المؤامرات سيرتاب بخطة شمولية من بوعز هرباز الى اراضي عميكام ومن أواخر عهد مبارك الى اتهام ليبرمان لكن هذا ثمن محتمل في وضع ازمة كهذا.
هآرتس 30/1/2011