الرد الاسرائيلي على مباركة وزراء الخارجية العرب للمقترحات الامريكية باستئناف المفاوضات الفلسطينية ـ الاسرائيلية غير المباشرة جاء اسرع بكثير مما توقعنا، فقد اقتحمت القوات الاسرائيلية يوم امس المسجد الاقصى، واعتدت على المصلين وحاصرت نسبة كبيرة منهم، واصابت برصاصها المطاطي وقنابل الغاز اكثر من اربعين شخصا على الاقل.
عندما يكون القادة العرب على هذه الدرجة من الهوان، ويذعنون بشكل مزر للاملاءات الامريكية، فلماذا لا يقتحم المستوطنون الاسرائيليون المسجد الاقصى، ويضعون حجر الاساس لهيكل سليمان والكنيس الذي سيحتويه في باحة المسجد الاقصى؟
اسرائيل لا تريد السلام، وتريد من هذه المفاوضات ان تكون غطاء لتنفيذ مخططات الاستيطان والتهويد التي تمارسها في الاراضي العربية المحتلة والقدس على وجه الخصوص، ولعل المواطنين الفلسطينيين اصحاب الارض وحماة المقدسات العربية والاسلامية هم الادرى والاوعى بمثل هذه المخططات، في وقت يفضل فيه الزعماء العرب ادارة وجوههم الى الناحية الاخرى.
لن يتحرك العرب والمسلمون استجابة لنداءات المصلين المحاصرين في الاقصى، ولن يطالب السيد احسان اوغلو امين عام منظمة المؤتمر الاسلامي بعقد قمة عاجلة للقادة المسلمين، فهؤلاء يعيشون حالة تكلس مفتعلة، وبات الكثير منهم يعتبر اسرائيل حليفا في الحرب المقبلة ضد ايران البلد المسلم.
اهالي الارض المحتلة، بصدورهم العارية، وايمانهم الراسخ هم وحدهم الذين سيواجهون الرصاص الاسرائيلي، ويتصدون لمقتحمي اقصاهم من المستوطنين الاسرائيليين، مثلما فعلوا دائما، فرغبة هؤلاء في البذل والعطاء بلا حدود.
حكومة نتنياهو اليمينية العنصرية التي سيتفاوض معها العرب، والرئيس محمود عباس وممثلوه هودت الحرم الابراهيمي، ومسجد بلال بن رباح، كمقدمة او تمهيد لتهويد المسجد الاقصى، وتقسيمه الى كنيس يهودي ومسجد اسلامي في افضل الاحوال.
القادة العرب سيستمرون في اشهار سيف السلام، والتمسك بمبادرتهم التي تعفنت على مدى سبع سنوات منذ اطلاقها من شدة الاحتقار الاسرائيلي لها، فالسيد عمرو موسى امين عام الجامعة العربية الذي 'نعى' عملية السلام قبل عامين، وتعهد امام الملأ بانه لن يترك وزعماؤه مبادرة السلام العربية على الطاولة الى الابد في ختام اعمال القمة العربية في الدوحة في آذار (مارس) الماضي، تناسى جميع وعوده هذه، وهدد بانه سيذهب الى مجلس الامن اذا لم يتم التوصل الى نتائج بعد اربعة اشهر من المفاوضات التي من المفترض ان تنطلق الاسبوع المقبل.
الانجاز الكبير الذي حققه وزراء الخارجية العرب اثناء اجتماعهم الأخير في القاهرة هو تحديد سقف زمني للمفاوضات غير المباشرة، وبعدها لن يذهبوا الى الحرب او قطع العلاقات مع اسرائيل، بل الى مجلس الامن، وكأنها المرة الاولى التي يذهب فيها العرب الى هذا المجلس وللاسباب نفسها.
اسرائيل ستستولي على المسجد الاقصى، وستدمر المزيد من البيوت في القدس المحتلة، وستوسع المستوطنات في الضفة الغربية، مستغلة غطاء الاشهر الاربعة التي منحها لهم وزراء الخارجية العرب.
الشبان الفلسطينيون سيواصلون الدفاع عن مقدساتهم بصدورهم العامرة بالايمان، فقد اصطفاهم الله لهذه المهمة السامية، وهم اهل لها.