استغرب محللون من انتقال سيناريو "البلطجة" من مصر إلى اليمن، حيث عمد أشخاص بلباس مدني إلى الاعتداء على مواطنين خرجوا للتظاهر في صنعاء ومدن أخرى للتعبير عن فرحهم وتهنئتهم للشعب المصري بانتصار ثورته ورحيل الرئيس حسني مبارك.
وحسب شهود عيان فإن عناصر أمن بلباس مدني اعتدوا بالهراوات والخناجر التقليدية "الجنابي" على مواطنين وطلاب كانوا خرجوا صوب ميدان التحرير بصنعاء في مسيرات عفوية مساء الجمعة وصباح السبت، للتعبير عن تأييدهم لثورة الشعب المصري، والدعوة لثورة يمنية على الفساد والاستبداد.
وتأتي هذه الاعتداءات ضد المتظاهرين في وقت تشهد فيه العاصمة اليمنية استنفارا وانتشارا أمنيا ملحوظا في مداخل ميدان التحرير، الذي احتلته مجاميع من عناصر الحزب الحاكم في وقت سابق، وأقامت به خياما كبيرة، في محاولة لمنع أي تظاهرات به للمعارضة، ولعدم تكرار المشهد المصري.
ورأى القيادي في أحزاب المشترك المعارضة محمد الصبري، في حديث للجزيرة نت أن أعمال "البلطجة" سلوك "أرعن" يدل على حالة "مرضية" يعيشها القائمون على السلطة، قائلا "إن هذه التصرفات ستخلق مزيدا من الاحتقان والردود الشعبية".
وأشار الصبري إلى أن اليمنيين يستندون في الخروج للتظاهر إلى نصوص دستورية تكفل لهم حرية التظاهر والاعتصام والتجمع.
واعتبر أن البلطجة "هي جرائم ترتكب ضد المواطنين، وتمثل انتهاكا للدستور، وسيحاسبون عليها طال الزمن أم قصر، ولن تحمي هذه التصرفات الفاسدين ولا المستبدين، ولن تديم البقاء في السلطة، بل هي كمن يحفر قبره بيده".
وأكد القيادي المعارض أن "عوامل الثورة الشعبية في مصر هي نفسها موجودة في اليمن، واليمنيون لن يكونوا أذل ولا أجبن من الشعبين المصري والتونسي، بل سيكونون أقدر، وباستطاعتهم تغيير أوضاعهم، وهذا شعار المرحلة القادمة".
"
خالد الآنسي: هؤلاء ليسوا "بلطجية"، وما يقومون به عمل منظم، هم موظفون ومجندون أجبروا على القيام بهذا الدور، أي الاعتداء على المواطنين الذين يتظاهرون سلميا
"
البلطجة والحاجة
من جانبه قال الناشط الحقوقي المحامي خالد الآنسي إن "هؤلاء ليسوا "بلطجية"، وما يقومون به عمل منظم، هم موظفون ومجندون أجبروا على القيام بهذا الدور، أي الاعتداء على المواطنين الذين يتظاهرون سلميا، ويعبرون عن مواقفهم ومطالبهم".
واعتبر الآنسي في حديث للجزيرة نت أن "المعتدين على المتظاهرين هم ضحايا استغل الحاكم حاجتهم للوظيفة والراتب، وأكثرهم أحضروا من معسكرات الأمن ومدارس الشرطة، وهم يعتقدون أنهم يقومون بدور وظيفي، ويجري تحريضهم من مسؤولي الدولة تجاه المواطنين".
وبشأن ما يقال إن هؤلاء من المؤيدين للرئيس صالح، وهم يرفضون جر البلاد إلى المجهول والفوضى، قال الآنسي "لا يوجد مع الرئيس صالح إلا من هو مجبر بحكم وظيفته، ومن يتكسب من وجوده في السلطة، والشعب كله يريد التغيير".
ورأى أن سيناريو "البلطجة" ثبت فشله في مصر، وتكرار هذه التصرفات في اليمن يعد عملا "غبيا"، وستكون نتائجه عكسية، حيث ستدفع المواطنين للتظاهر بشكل أكبر، وسترفع سقف مطالبهم، وتحركهم بشكل واسع والتمسك بحقهم في التغيير.